2014-12-09, 13:05
|
رقم المشاركة : 13 |
إحصائية
العضو | | | رد: تفسير آيات من سورة المائدة | * تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }
وكانوا يأتون بالهدي معهم عندما يحجون، لذلك حرم الله الاقتراب من الهدي لأنها هدايا إلى الحرم. والحجيج أفواج كثيرة، وعندما يأتي أناس كثيرون في واد غير ذي زرع يحتاجون إلى الطعام، ولا يصح أن يجعل المؤمن الهدي لغير ما أهدي إليه، فقد يشتاق إنسان صحب معه الهدي إلى أكل اللحم وهو في الطريق إلى الكعبة فيذبحه ليأكل منه؛ وهذا الفعل حرام؛ لأن الهدي إنما جاء إلى الحرم ويجب أن يُهدى ويقدم إلى الحرم. وعلى الإنسان أن يصون هدي غيره أيضاً.
{ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ } وهي جمع " قلادة " والقلادة هي ما تعلق بالرقبة. وقديماً كان الذاهب إلى الحج يخاف على الهدي أن يشرد منه؛ لذلك كانوا يضعون حول عنق الهدي قلادة حتى يعرف من يراه أنه " هدي " ذاهب إلى الحرم. والهدي الأول هو الهدي العام الذي لا قلائد حول عنقه، والقلائد تعبر عن الهدي الذي توجد حول رقابه قلائد وتدل عليه وتكون علامة على أنه مهدي إلى الحرم، وقد يكون النهي هنا حتى عن استحلال القلادة التي حول رقبة الهدي حتى لا تضيع الحكمة. والحق سبحانه وتعالى حين يعبر بعبارة ما فهو يعبر بعبارة تؤدي المعنى ببلاغة.
وكانوا قديماً عندما لا يجدون قلادة يأخذون لحاء الشجر وقشره ويقطعون منه قطعة ويربطونها حول رقبة الهدي، وذلك حتى يعرف الناس أن هذا هدي ذاهب إلى الحرم. ويضمن سبحانه اقتيات الوافد إليه. لا من القوت العادي ولكن يطعمه من اللحم أيضاً، ويجعل ذلك من ضمن المناسك. أليس هو من دعا هؤلاء الناس إلى الحج؟ أليس هؤلاء هم ضيوف الرحمن؟!
إن الإنسان منا يقوم بذبح الذبائح لضيوفه، فما بالنا بالحق الأعلى سبحانه وتعالى؟ لذلك جعل الهدي طعاماً لضيوفه. وتزدحم الناس في منى وعرفات بكثرة لا حدود لها، ولابد أن يكرمهم الله بألذ وأطيب الطعام، والفقير يذهب إلى المذبح ويأخذ من اللحم أطيبه ويقوم بتجفيفه في الهواء والشمس ويخزنه ليطعم منه طويلا وهو ما يعرف ويسمى بالقديد. والحق سبحانه وتعالى يأتي بالحكم بطريقة لها منتهى البلاغة، فهو يحرم حتى قلادة الهدي أن يلمسها أحد.
ويقول سبحانه: { وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً } أي لا تمنعوا أناساً ذاهبين إلى بيت الله الحرام ولا تصدوهم عن السبيل، فهم وفد الله. وقد جاء هذا القول قبل أن يُنَزَّل الحق قوله:
{*إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ*}
[التوبة: 28]
وكان غير المسلمين يحجون بيت الله الحرام من قبل نزول هذه الآية، فلم يكن الحكم قد صدر. ونتساءل: هل الكافرون بالله يبتغون فضلاً من الله؟. نعم ففضل الله يغمر الجميع حتى الكافر، لكن رضوان الله لا يكون على الكافر. | التوقيع | | |
| |