عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-11-26, 20:31 رقم المشاركة : 12
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مواضيع تربوية جد مهمة



السلوك الحسن لدى الطفل

كلُّ أم تطمح في أن يكون طفلها ذا سلوك حسن مع أفراد أسرته وجيرانه وأقربائه ، وتشعر بالخجل فيما لو أساء التصرف بكلمة بذيئة أو مشينة ، إضافة إلى أن الطفل السيئ السلوك يكون منبوذاً محتقراً لدى الآخرين ، مما يؤدي إلى تعاسة الطفل وشقائه ، ولذا كان من الضروري أن يتحلَّى أطفالنا بالسلوك المهذَّب .

أما كيف نخطو نحو السلوك المهذَّب ؟ إنَّ السلوك المهذب لدى الطفل في مرحلته الأولى أمر يأتي بطبيعته تماماً كما أنه بطبيعته يمشي على قدميه دون يديه ، ولكن نحتاج معه إلى أمرين :

الأول : التعليم والإرشاد :

إنَّ الطفل في المرحلة الأولى من عمره يحتاج إلى تعليمه الآداب والأسس التي يتعامل بها مع الآخرين كباراً وصغاراً ، وعلى تعليم هذه المرحلة من العمر تقوم أخلاقه في المرحلة الثانية ، ولذا جاء في الحديث الشريف عن الصادق ( عليه السلام ) : ( دَعْ ابْنَكَ يلْعَب سَبعَ سِنين وَيُؤَدَّبُ سَبعاً ) .

وقد يهمل بعض الآباء ضرورة تعليم وإرشاد أبنائهم في السبع سنوات الأولى من عمرهم ، بحجة انشغالهم بأمور أخرى مهمة لطلب الدين أو الدنيا ، فيأتي التوجيه من المربِّي الإسلامي للآباء ، حيث يقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( لَئِنْ يُؤدِّبُ أحَدُكُم وَلَداً خَيرٌ لَهُ مِن أن يَتَصَدَّقَ بنصْفِ صَاعٍ كُلّ يَوم ) .

ومع تأديب الطفل وتعليمه السلوك في المرحلة الأولى من عمره لا يحتاج إلى وقت بقدر ما يحتاج إلى وعي ومراقبة لسلوك الطفل ، والتدخل في الوقت المناسب ، مع مراعاة الشروط اللازمة ، وهي :

أولاً : ممارسة الوالدين للآداب :

إن تعليم الطفل في المرحلة الأولى من عمره آداب السلوك لا يأتي عن طريق إلقاء المحاضرات عليه ، وطرق أسماعه بجملة من النصائح ، بقدر ما يأتي عن طريق التزام الوالدين بالسلوك ، ولا يمكن لأيِّ فرد صغيراً أو كبيراً أن يلتزم بنصيحة المربِّي قبل أن يلزم نفسه بها .

ولذا نلحظ رسول الرحمة محمداً ( صلى الله عليه وآله ) يرفض طلب أمٍّ في نصيحة ابنها بعدم تناوله للتمر بسبب تناوله ( صلى الله عليه وآله ) للتمر في ذلك اليوم ، وطلب منها أن تأتيه يوم غد حتى يمتنع صلوات الله عن تناول التمر ليمكنه نصيحة الطفل .

نعم إن من الصعب جداً أن تطلب الأم من طفلها أن يعير لعبته إلى ضيفه الزائر ليلهو بها بعض الوقت ، ويجدها تمتنع من الاستجابة لطلب الجيران لماكينة فرم اللحم ، فالطفل يتعلم من تصرف أمه هذا إنَّه ينبغي الحرص على ما يملك ، ولذا تصرف - كما تعلم من والديه - بهذا الشكل مع الآخرين .

وهكذا أيضاً حين يدخل على أبيه مع ضيوفه ولا يؤدي التحية لهم ، فيطلب الأب منه بإصرار أن يسلِّم ، في وقت يجد الطفل أباه لا يؤدي التحية حين دخوله البيت .

ومن هنا أكَّدت التربية الإسلامية على ضرورة الالتزام بما يريدون من الأبناء ، والقرآن الكريم يوجهنا إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى : ( كَبُرَمَقْتًاعِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوامَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف : 3 .

ثانياً : تعليم الطفل دون غضب وتوتر :

قلنا سابقاً أن الوالدين عليهما تعليم أولادهما أدب السلوك حتى يلتزموا به ، لأن الكائن البشري قابل للتعلم بخلاف الحيوان : ( عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْيَعْلَمْ ) العلق : 5 ، فالإنسان لا يمكنه النطق والتكلم بدون تعليم ، ولو ترك وحيداً لما تعلم الكلام واللغة ، أما الحيوان فيعجز عن النطق حتى مع التدريب والتعليم .

وكذلك لو تركنا صغير الإنسان في غرفة مع صغير الحيوان ، ووضعنا بجانبهما ناراً تشتعل ، نلحظ أنَّ الصغير يتوجّه إليها متصوراً أنها لعبة جميلة ، ويحذرها صغير الحيوان لإدراكه بالفطرة ، أما الإنسان فيدركها من خلال التعلم والتجربة .

ومن هنا كانت مسؤولية الآباء تعليم أطفالهم ، شريطة أن يكون بدون غضب وتوتر ، فكما أن الأم ترفض من زوجها قوله لها غاضباً حانقاً : كان يجب أن تقومي بزيارة للجيران ، كذلك الطفل يرفض التعلم مع الغضب والتوتر ، فلا يصح أن تقولي له وأنت غاضبة : من المفروض أن تحافظ على ملابسك من الاتساخ ، والأولى أن تقولي له بهدوء : كم هو جميل أن نحافظ على ملابسنا من الاتساخ .

فالطريقة الأولى تجعل الطفل معانداً للتعلم والعمل ، بعكس الثانية التي توصلنا وبسرعة إلى الهدف المطلوب .

الثاني : حب الناس :

إن تنمية الاستعدادات الفطرية والغرائز المعنوية لدى الطفل أمر يعود بالنفع عليه وعلى والديه والمجتمع ، ومن هذه الغرائز حب الناس ، ذلك لأنَّ كل إنسان اجتماعي بطبعه ، وكلما ازداد حباً لمن حوله زادت بهجته وأنسه في الحياة .

لذا نلحظ أن الإسلام اهتمَّ بهذا الأمر كثيراً ، حتى جعل العمل في خدمة الناس أمراً تعبدياً ، به يحصل المعبود على القرب الإلهي ، فقد جاء في الحديث القدسي : ( الخَلْقُ عِيَالِي ، أقْرَبُكُم مِنِّي مَجْلِساً أخْدَمُكُم لِعِيَالِي ) .

وعن الإمام علي ( عليه السلام ) : ( إِصْلاحُ ذَاتَ البَينِ خَيْرٌ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ ) ، وعلى هذا الأساس يجب العناية بغريزة حب الناس التي تولد مع الطفل ، وتحتاج إلى رعاية الوالدين لتنمو وتتجذر ، ويمكن أن تكون الرعاية بالشكل التالي :

أولاً : سلوك الوالدين :

إن سلوك الوالدين ذو أثر فعَّال على تربية الطفل وبناء شخصيته ، والمنهج التربوي في الإسلام يحمل اتباعه على الانطلاق من قاعدة حب الناس في تربية النفس وفي العمل التغييري في الأمة ، فالمؤمن له حقوق وعليه واجبات ، وعليه أن لا يسخر من أخيه ، ولا يظهر عيبه ، ولا يخذله ، ولا يؤذيه ، ويكون معه في الشدَّة ، وإن سرَّه كان في ظِلِّ الله ، وإن آثره على نفسه حصل على القرب الإلهي .

وأخيراً : نجد أن الملتزم بالإسلام لا يمكن إلا أن يمتلأ قلبه بحب الناس كلما ازداد إيماناً وارتباطاً بخالقه ، فيكتسب الطفل من والديه ويتعلم في ظلهما حب الناس حين ترحب أمه بالضيف لأنه حبيب الله ، ولا ترضى أن يسمعها حديثاً من عيوب أقرانه لأنه من الغيبة التي حرَّمها الله ، وتعطي للجيران ما يطلبونه منها حتى لا تكون من المنبوذين في القرآن : ( وَيَمْنَعُونَالْمَاعُونَ ) الماعون : 7 .

ثانياً : المرور بالحوادث بوعي :

إنَّ الطفل في سنواته السبع الأولى كثيراً ما يرافق والديه ويكون أكثر الوقت معهما ، ويمكن للآباء الاستفادة من بعض القضايا والحوادث لإحياء غريزته في حب الناس ، فمثلاً حين المرور على البقال لشراء بعض الخضروات منه يمكن أن تحدث الأم طفلها عن الطعام الذي تعدُّه من الخضر يكون بفضل البقَّال الذي يذهب من الصباح الباكر - ونحن نائمون - إلى المزرعة ، ليأتينا بما نحتاج إليه من الطماطم والكرفس والخيار والبطاطا ، حيث يقوم الفلاح في المزرعة بحرث الأرض ، و ... .

وهكذا يمكن سرد قصة تهدف إلى تكافل الناس وحبِّ بعضهم للآخر ، ليستفيد منها في حبِّه للآخرين .

وأد الغريزة :

ومن خلال سلوك الوالدين والاستفادة من بعض القضايا والحوادث التي يمر بها الطفل وأخرى غيرها ، يمكن إنماء غريزة حبِّ الناس الوليدة في كل طفل ، كما نحذِّر في الوقت نفسه من وأد هذه الغريزة التي تؤدي بالطفل مستقبلاً إلى الشقاء ، فلا يمكن العيش براحة واستقرار والقلب لا يمتلك حباً للآخرين ، أما كيف نميت هذه الغريزة عند أطفالنا ، فتكون بالشكل الآتي :

أولاً : التعلم من الوالدين :

سلوك الوالدين مرة أخرى يفرض وجوده في التعليم ، ولكنه في هذه المرة ذو بعد سلبي ، حيث يقتل الغريزة الإنسانية بدل أن يرعاها ، فالأم مثلاً حين ترفض من طفلها الذي يصرُّ على ارتداء سروال الصوف في فصل الصيف بقولها له : إن الناس تضحك عليك حين يشاهدونك وأنت بهذا الشكل ، وحين تخشى عليه من الذهاب وحده لشراء حاجة ، فتقول له : إن ذهبت وحدك فسوف يختطفونك ويسرقون ما عندك .

فكل هذه الأقاويل وغيرها مع فرض صحتها تُميت علاقته مع الناس ، وتثبت في نفسه حِقداً عليهم ، لأنهم يقفون حائلاً دون تحقيق رغباته ، والأجدر بالآباء أن يمنعوا أبناءهم بأعذار أخرى ليس لها آثار سلبية على الطفل ، وبالخصوص في المرحلة الأولى من عمره .

كذلك حين تبدي الأم ضجرها من كل الضيوف الزائرين ، أو تجهد نفسها وأفراد عائلتها بترتيب وتنظيم البيت لاستقبال الضيوف ، اتِّقاءً لكلام الناس مع أحاديثها المتواصلة عن الشرور التي تتلقاها من الناس ، وصمتها عن كثير من المعروف الذي أسدي إليها ، فكل هذه التصرفات تعكس للطفل أن الناس مصدر للشر والأذى دوماً .

ثانياً : أثر القصص الهدَّامة :

إن للقصة أثراً بالغاً على نفسية الطفل في مرحلة حياته الأولى ، والقصة حين يستمع الطفل إليها مثل البذر الذي يستقر في التربة ليثمر بعد حين ، وينبغي على الوالدين التفكر بهدف القصة قبل سردها للطفل .

وقراءة بسيطة لقصة ليلى والذئب التي يعرفها أكثر أطفالنا مثلما يعرفون أسماءهم تجد أنها تصوِّر الناس بأنهم يظهرون لك الحب والولاء ، ويضمرون لك الشرَّ والعداء ، فمن خلال شخصية الذئب الذي يمثل بصورة الجدَّة المُحبة للأطفال ، كذلك قصة جُحا والحمار ، التي تصور الناس بأنهم يتصيَّدون حركات الأفراد للحديث عنهم بسوء ، ولابد من اتقاء شرورهم التي تلاحقك في كل حركة صحيحة أو خاطئة .

وقصة قطر الندى التي يتمركز محورها حول شخصية زوجة الأب المؤذية الحقودة ، التي تجعل الطفل قلقاً من أمثال هذه الشخصيات التي قد يُبتلى بها ، والأجدر بالأدب القصصي أن يعكس صورة زوجة الأب بالمربِّية الحنونة التي تحب الأطفال وترعاهم .

ثالثاً : الإكراه في الكرم :

كثير من الآباء يفرضون حالة الكرم على أطفالهم الصغار ، فالصغير حين يحمل قطعاً من الحلوى ، أو يلهو بلعبته المفضلة ، فتُبادر الأم حين مرورها بصديقة مع طفلها ، أو تزورها إحدى الصديقات ، بأن يعطيه جزء من قطعة الحلوى ، أو يشاركه في اللعب ، ويرفض طفلها ، وتلحُّ عليه كثيراً ، حتى يخشى غضبها فيعطيه ويشاركه .

فإن فرض الكرم على الطفل لا يخلق عنده خُلُق الكرم كما يتصور الوالدان ، بل تبعث في نفسه كراهية وحقداً للناس .

-***********************************-





    رد مع اقتباس