عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-10-16, 16:57 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الصبيحي: النقاش حول لغة التدريس مغلوط من الأساس ووظف فيه التدافع السياسي والإيديولوجي



المغرب حسم منذ مدة فيما تسميه الاختيار الثقافي، وهو اختيار قائم على الاعتزاز بالهوية كما قلت سلفا، لكنه قائم أيضا على ترسيخ الحداثة والانفتاح على الآخر دون مركب نقص. بالنسبة لقانون الإعدام لم يطبق منذ 1992، وهذا مؤشر دال على أن هناك نقاشا مجتمعيا صحيا حول الموضوع، كما أن هناك تباينا لوجهات النظر ينبغي أخذها جميعها بعين الاعتبار. وأرى أنه بعد 22 سنة من عدم تنفيذ أي عقوبة بالإعدام في المغرب يمكن للنقاش أن يطرح أسئلة أخرى وجديدة من قبيل: هل حان الوقت لننضم إلى الدول التي ألغت عقوبة الإعدام؟. فكما تقدمنا في منظومة القوانين المتعلقة بالأسرة في المغرب عبر التوافق، سنصل كذلك إلى نفس التوافق في القضايا الخلافية الأخرى. وقد يبدو أن هذا التوافق يعطل مسار تطور البلاد، لكنه ضروري، بل حتمي حتى لا تحدث توترات نحن في غنى عنها. على أي حال، لا نقدر، بتاتا، أن نحدث قطيعة نهائية ونسير بسرعة غير معروفة العواقب تؤدي، لا محالة، إلى الطريق المسدود. ولذلك يجب التريث والبحث عن التوافق.

- أثير، مؤخرا، نقاش ساخن بين مجموعة من الفاعلين حول لغة التدريس بعدما دعا نبيل عيوش، العضو الحالي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، إلى اعتماد الدارجة كلغة للتدريس، الأمر الذي أحدث انقساما حادا وصل مداه حد خروج العروي، على غير عادته، في مناظرة تلفزية لمواجهة هذه الدعوات. أريد أن أعرف موقفك بوضوح من هذا النقاش.
لقد تابعت بتأن النقاش الذي دار حول قضية لغة التدريس، ووجدته مغلوطا من الأساس بالنظر إلى غياب النقاش العلمي المؤسس والمسنود. وبدل هذا النقاش ساد السجال العاطفي الذي لا جدوى منه. أرى أن الدارجة المغربية بدأت ترتقي وتقترب من العربية الوسطى، ولن ننكر أنها أصبحت تتداول في النقاشات السياسية والإعلامية وفي كل مكان. لكن يجب أن نطرح السؤال: عن أية دارجة نتحدث؟ هل هي دارجة تطوان أم دارجة الدار البيضاء أم دارجة العرائش أم دارجة مراكش؟ بمعنى أن البعض يريد أن يفرض الدارجة باللكنة التي يريد هو، وهذا أمر خاطئ جدا. لقد تم توظيف التدافع السياسي والإيديولوجي بشكل كبير أثناء هذا النقاش، الأمر الذي أثر عليه سلبيا، لأن اللغة يجب أن تظل فوق جميع الحسابات السياسية، ونترك الشأن اللغوي للمتخصصين والباحثين في اللسنيات وعلماء التربية ليقولوا كلمتهم، فالهدف من التواصل يتمثل في إبلاغ الرسالة، والآن يجب أن نبحث الحل الأمثل ليتلقى الطفل في التعليم الابتدائي دروسه، أما الإيديولوجيا فهي تلوث كل شيء.

- وماذا لو توصل المتخصصون إلى أن الدارجة هي لغة التدريس المناسبة؟
إذا كان المتخصصون في اللسنيات توصلوا إلى أنه بالإمكان التدريس خلال التعليم الأولي ب»عربية وسطى» مبسطة، فلم نعارض ذلك، إذ لا يعقل أن ندرس النحو للطفل في المرحلة الابتدائية، بينما هو لا يتوفر على كلمات كافية لتشكيل جملة واحدة. أنا لست مختصا لأحسم في لغة التدريس، لكن استعمال لغة عربية وسطى يبقى أمرا ممكنا حتى لا تحدث قطيعة بين ما يتداوله الطفل في منزله وفي حيه وفي كل محيطه الاجتماعي وبين ما يتشبع به في المدرسة العمومية. ويمكن لهاته القطيعة أن تؤدي إلى نتائج عكسية، على رأسها الهدر المدرسي وعدم ضبط عملية التلقي بالشكل الصحيح. على كل حال، أرجو من الجميع أن يحترم آراء الآخرين مهما كانت، وأن لا يتم تسميم النقاش بخلفيات إيديولوجية وعاطفية محضة لا تخدم المنهج العلمي في شيء. ويجب أن نعترف بأن تدريس اللغات ببلادنا يعاني من مشكل كبير، ويمكن أن نصف ما يحدث ب»الكارثة».
- ما طبيعة هذا المشكل؟
كيف تريد أن أجيبك وأنتم ترون جميعا كيف أن طالبا أمضى 12 سنة يدرس الفرنسية –على سبيل المثال- وبعد ذلك لا يقدر على التواصل بهذه اللغة. هناك، إذن، خلل عميق، فاللغات لا تدرس بنفس المنهج الذي تدرس به المواد الأخرى كالتاريخ والجغرافيا والعلوم، بقدر ما تحتاج إلى كفاءات استثنائية وإلى مختصين يستحضرون ارتباط المغربي بلغة من جهة وانفتاحه من جهة أخرى، دون أن يغيب عن أذهانهم السؤالين التعليمي والثقافي.

- قلت في جواب سابق إنه ينبغي احترام الآخرين مهما كانوا، لكن في خضم النقاش الحامي الذي جرى حول قضية التدريس بالدارجة هاجم عبد الإله بنكيران نبيل عيوش صاحب الاقتراح بعنف في أحد خطاباته.
أعرف السيد عبد الإله بنكيران جيدا، ولا يمكنه إطلاقا أن يصادر حق عيوش في التعبير عن رأيه أو حتى التهجم عليه. قد يختلف معه، وسيعبر عن رأيه بصراحة في القضية، لكن في جو من الاحترام. أكرر من جديد، اتركوا النقاش للعلماء والمختصين، ولا تشعلوا جمرة الفتنة فقط من أجل خلق زوبعة سياسية لا تفيد أحدا في نهاية المطاف، وإصلاح التعليم ينبغي أن يكون مفتوحا أمام جميع الآراء.

- جرب المغرب وصفات كثيرة لإصلاح التعليم، وخسر المليارات من أجل انتشاله من وضعية «السكتة القلبية»، لكنها فشلت جميعها. هل سنفتح نقاشا جديدا قد يؤدي إلى ضياع وقت كثير وأموال طائلة، مع العلم أن الجميع أصبح يعرف أصل الداء.
لابد من التأكيد أن الحكومات المتعاقبة قامت بمجهود جبار من أجل تخصيص أكبر قدر من الميزانية لقطاع التعليم، والتي لا تنزل عن سقف 25 بالمائة، وهذا رقم محترم بالمقارنة مع دول شبيهة بالمغرب. لكن أصل المشكل يكمن في أن ميزانية الدولة جد محدودة، وبالتالي حتى لو كان الربع منها مخصصا للتعليم، فإنها تبقى ضئيلة إذا أخدنا بعين الاعتبار الأهداف التي يبتغي المغرب تحقيقها، وجزء من هذه الميزانية تمتصه كتلة الأجور والمؤسسات التعليمية الجديدة والمرافق المرتبطة بها، فيما يخصص جزء يسير من تلك الميزانية لتجويد العملية التربوية. البعض فهم خطأ أن إصلاح التعليم يتم بالدوريات والمذكرات. قطعا لا. تلك المذكرات ليس لها أي وقع داخل حجرة الدرس، بل لها علاقة بالأستاذ والمدير والطاقم الإداري.

- قبل عقود كان المثقف محاصرا ومستقلا عن السلطة ويتدافع معها، ولم تكن الدولة توفر له الشروط المادية، مع ذلك كان الإنتاج الثقافي وفيرا ومتنوعا مقارنة بالفترة الحالية الذي لم تعد فيه علاقة الدولة بالمثقف كما كانت، وصنبور الدعم فتح بشكل غير مسبوق، ورغم ذلك يبقى الإنتاج الثقافي ضئيلا.
الاعتراف بما قدمته الأجيال السابقة مهم جدا، ويجب أن نعترف أيضا بأن هؤلاء الفنانين والمثقفين ناضلوا بقوة كي تبقى الثقافة مستقلة عن الدولة، الشيء الذي أفرز لنا خاصية يتميز بها المشهد الثقافي المغربي، وهي أننا لا نتوفر على ثقافة الدولة، وهو أمر ينبغي أن نحافظ عليه. لكن القول إن الإنتاج الثقافي في الماضي كان أحسن مما هو عليه الآن لا يعدو كونه حكما شخصيا لأن الطبيعة الإنسانية غالبا ما يساورها الحنين إلى الماضي. في الماضي كانت هناك مسارح قليلة ومسرحيون قلائل، وأصبح المنتوج الموسيقي والتشكيلي وفيرا وجيدا أيضا. كما أن دور النشر ازدادت بشكل كبير. في الماضي أيضا كان الإنتاج الثقافي موجها نحو فئات ميسورة أو من الطبقة الوسطى، أما الطبقات الفقيرة فقد كانت خارج هذا الإطار، بينما تغيرت هذه المعادلة في وقتنا الحالي. صحيح أن المنتوج الثقافي والإبداعي لتلك النخبة كان ذا مستوى عال، لكنه لم يشمل شرائح واسعة من المجتمع المغربي.


محمد أحداد نشر في المساء يوم 16 - 10 - 2014






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس