عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-09-16, 16:44 رقم المشاركة : 1
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


b7 معاش البرلماني هل هو تأمين أم تقاعد ؟


معاش البرلماني هل هو تأمين أم تقاعد ؟
بعد الحملات المطالبة بإلغاء معاشات البرلمانيين و الوزراء التي عرفتها الساحة السياسية سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو من طرف بعض الجمعيات’ خرج بعض نواب الأمة بتصريحات للصحافة ترفض المس بمعاشاتهم وتعتبر هذا النقاش وهذه الحملات مجانبة للصواب باعتبار أن الأموال التي ستصرف لهم مع انتهاء ولايتهم ليست من الميزانية العامة للدولة وإنما تأمينا حسب البعض ومعاشا حسب آخرين(1) سيتقاضونه ابتداء من نهاية ولايتهم من صندوق التقاعد الذي يساهمون فيه شهريا . هذا الاختلاف و الغموض في تعريف هذه المبالغ حتى عند بعض البرلمانيين و المستشارين أنفسهم ناتج عن صعوبة إن لم نقل استحالة الحصول على النصوص القانونية المنظمة لهذه المسألة وخصوصا القانون رقم 24 92 المتعلق بإحداث نظام معاشات البرلمانيين.

قبل مناقشة هذا الموضوع , لابد من توضيح بعض المفاهيم و الأسس :

-التأمين كما هومعرف عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له, أو إلى المستفيد الذي اشتُرط التأمين لصالحه مبلغاً من المال, أو إيراد عمري أو أي تعويض مالي آخر في حالة وقوع الحادث, أو تحقق الخطر المبيَّن بالعقد . إذن التأمين مرتبط بشرط احتمال وقوع حادث أوخطر أو ضرر وهو ما لا يتوفر في حالة البرلمانيين .

- التقاعد مرتبط بسن وهي السن القانونية للتوقف عن مزاولة العمل وبداية الحصول على معاش , وهو محدد بالمغرب في 60 سنة بموجب القانون رقم 12.71 بتاريخ 12 ذي القعدة 1391 (30 دجنبر1971 مع استثناءات بعض الوظائف (مثل الأساتذة الجامعيين ) . كما أن هناك صناديق تقاعد خاصة ببعض المؤسسات حددت بعضها سن الإحالة على التقاعد في أقل من 60 سنة لطبيعة العمل (المكتب الشريف للفوسفاط قبل انتقاله إلى النظام الجماعي مثلا) . في باقي دول العالم يتراوح بين 60 و 67 , وغالبا ما يكون تمديده من الآليات التي تعتمد في إصلاح منظومات التقاعد

- تقوم أغلب أنظمة التقاعد في تدبيرها على مبدإ التوزيع , ويعني جمع المساهمات من النشيطين أي الأشخاص الذين يشتغلون بهدف توزيعها على المتقاعدين (يقال تضامن الأجيال أي الشباب يؤدي معاشات الشيوخ ) , ولضمان التوازنات المالية , يجب أن يكون عدد النشيطين أكبر بكثير من عدد المتقاعدين (المؤشر الديمغرافي ) . في المغرب مثلا , من بين أسباب الأزمة المالية التي يجتازها الصندوق المغربي للتقاعد حاليا نجد انخفاض هذا المؤشر حيث انتقل من 12 نشيط لمتقاعد واحد سنة 1986 إلى 6 سنة 2003 ثم إلى 3 في سنة 2012 حسب تقرير مجلس الحسابات , أما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي, فيبقى هذا المؤشر مرتفعا ( 9,6 ) . انخفاض هذا المؤشر يعني انخفاض المداخيل (المساهمات )في الوقت الذي تستمر فيه المصاريف (المعاشات ) في الارتفاع موازاة مع عدد المحالين على التقاعد .

فماذا عن تقاعد البرلمانيين ؟

أحدث هذا التقاعد بمقتضى القانون رقم 24 92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، و الذي تم تطبيق أحكامه على أعضاء مجلس المستشارين بموجب القانون رقم 99- 53

وقد حدد هذا القانون مبلغ المساهمة في 2400 درهم و تم رفعها إلى 2900 في قانون 35.04 , تقتطع من تعويضات كل شهر لتحول مع مساهمة الدولة (أحد المجلسين ) بنفس المبلغ إلى الصندوق الوطني للتقاعد و التأمين , وهو مؤسسة عمومية تسير من طرف صندوق الإيداع و التدبير و خاضعة لمراقبة وزارة المالية . كما حدد هذا القانون مبلغ المعاشات العمرية للبرلمانيين في 1000.00 درهم عن كل سنة تشريعية على ألا يتجاوز 30.000 (ثلاثون ألف )درهم كما حدد هذا القانون معاش البرلماني الذي أعيد انتخابه مرتين في 7000 درهم و 9000 درهم إذا انتخب للمرة الثالثة , ويصرف ابتداء من نهاية الولاية .

السؤال الذي يفرض نفسه هو : هل يمكن لصندوق يشتغل وفق هذه القواعد أن يحافظ على توازناته المالية دون دعم من الدولة أومن مؤسسات أخرى ؟

إن عدم تحديد سن لبداية الاستفادة من المعاشات وجعلها مباشرة بعد نهاية الولاية التشريعية بغض النظر عن سن البرلماني هي ربما سابقة في تاريخ صناديق التقاعد على الصعيد العالمي , ونتيجة لذلك سيصرف هذا الصندوق معاشات لمتقاعدين لا يتجاوزون سن الأربعين (لائحة الشباب زيادة على برلمانيين فازوا في اللوائح المحلية في الولاية الأخيرة) , كما سيجعل عدد المستفيدين يتضاعف نهاية كل ولاية في حين يبقى عدد المساهمين ثابثا , و لتوضيح هذه المسألة , نقدم هذا الجدول مع وضع الفرضيات التالية بهدف التبسيط :

-دخول هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من الولاية 2002-2007

-عدم وجود مستفيدين قبل هذه الولاية

-كل البرلمانيين ينتخبون لأول مرةابتداء من الولاية الثالثة على تطبيق القانون , سيبدأ الصندوق في تسجيل العجز الذي سيزداد تفاقما من ولاية إلى أخرى بعد خروج متقاعدين جدد (أي برلمانيون لم يعد انتخابهم ) . و إذا كان الصندوق المغربي للتقاعد يعاني نتيجة انخفاض المؤشر الديمغرافي إلى 3 نشيطين لمتقاعد واحد , فكيف ستكون أزمة الصندوق الوطني للتأمين و التقاعد (الذي يسهر على تدبير تقاعد البرلمانيين ) بنشيط واحد لمتقاعدين اثنين مع الولاية الثالثة ثم لثلاثة تقريبا مع الولاية الرابعة وقد يصل إلى نشيط لستة متقاعدين لانخفاض معدل سن البرلمانيين و ارتفاع معدل أمل الحياة إلى 75 سنة حسب المندوبية السامية للتخطيط . إن عدم تحديد سن تقاعد للبرلمانيين يدفع هذا الصندوق إلى صرف معاشات لمدد طويلة قد تفوق أربعين سنة لأشخاص لم يساهموا إلا 60 شهرا بمبلغ 2900 درهم أي بمجموع 174000 درهم , وهو المبلغ الذي يستردونه بعد أقل من الثلاث سنوات التي تلي مغادرتهم قبة البرلمان أي بعد 35 شهر بمعاش 5000 درهم شهريا . هذا المعاش (5000 درهم ) هو المبلغ الذي يتقاضاه مهندس دولة متقاعد في الجماعات المحلية أو بعض المؤسسات العمومية الخاضعة للنظام الجماعي لمنح الرواتب بعد أكثر من 30 سنة عمل .

استنادا إلى هذه المعطيات , يمكن القول إنه من الصعب إن لم نقل من المستحيل على الصندوق الوطني للتقاعد و التأمين – التابع لصندوق الإيداع و التدبير أحد المساهمين في موارد الميزانية العامة للدولة – أن يستمر في تسيير تقاعد البرلمانيين دون الاعتماد على دعم الدولة إما مباشرة عن طريق وزير المالية الذي عهد إليه بمعالجة الاختلالات المالية المحتملة لهذه المؤسسة (ص و ت أ) بموجب قانون 12-85 , أوعبر سد العجز و تعويض الخسارة المسجلة على هذا المستوى في الأرباح المحققة في أنشطة أخرى كالـتأمينات (حوادث الشغل , حوادث السير …) التي أصبح يشرف على تسييرها كلها طبقا لنفس القانون بعدما كانت تدبر من طرف عدة صناديق .

نفس طريقة الاحتساب يمكن اعتمادها بخصوص المستشارين مع الأخذ بعين الاعتبار أن عددهم سيتقلص إلى 120 في الولاية المقبلة

(1):الأخبار 31 أكتوبر2013:برلمانيون يرفضون المس بمعاشاتهم

(1) الصباح 14 نونبر2013 : معاشات البرلمانيين نظام إلزام











    رد مع اقتباس