في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هناك "حركة 17 ماي ..الصف الديمقراطي" التي تقول اللهم هذا منكر و تدق ناقوس الخطر على ما يجري في النقابة من انحرافات و تلاعبات و زيغ عن الأهداف و المبادئ. في الفيدرالية الديمقراطية للشغل المولودة من رحم " س د ت" يعقد اليوم مؤتمر "فاست فود" مثل الوجبات السريعة. أعلن عنه في الدقائق الأخيرة و وصف بأنه مؤتمر" تقني". الذين لا يتابعون عن كثب ما يجري في النقابات استغربوا لما يجري من رسوم كارتون" طوم و جيري". كيف تدعو مركزية نقابية إلى مؤتمر وطني " تقني" في رمضان في 24 ساعة و تجمع أعضاء المجالس الوطنية في القطاعات مؤتمرين . هل نحن في نقابة أم في جمعية دار شباب في قرية صغيرة.؟ الجمعية القروية تحتاج في عقد مؤتمراتها إلى إعداد أوراق و إعداد مادي و أدبي و تقني أيضا كي نبقى في سياق المؤتمرالتقني. في النقابة العتيقة الأم الاتحاد المغربي للشغل الأمور ليست دار ملائكة منزهين أيضا. أحاديث أمين عبد الحميد عنها ما زالت طرية..الطهرانية و العفة مكانهما في المدينة الفاضلة وفي الخيال . حيثما وليت وجهك تجد من بين فريق القيادة أشخاصا مندسين انتهازيين عدوانيين متملقين عاشقين للصيد في الماء العكر في أجواء الوشايات و الحروب الصغيرة و الأحقاد من أجل الكسب و الهمزات و المنافع المادية .. بعض النقابيين لهم سلطة تعلو و لا يعلى عليها . لذلك ليس من حق أحد أن يفتح فمه للنيل من صورتهم المقدسة المطهرة المصونه المحفوظة بالسبع المثاني و المحفظة في المحافظة العقارية و السجل التجاري.. النقابات ليست دائما أوكار مناضلين بل هي أيضا أعشاش انتهازيين متنكرين يلبسون أقنعة تتبدل . هؤلاء الممثلون للطبقة العاملة و الشعب هم ممثلون حقا بالمعنى الدرامي و الفني للتمثيل كما يكون في المسرح و السينما.. هم لا يمثلون الفقراء بل يمثلون عليهم .. و عاش الشعب و الطبقات الكادحة و الجماهير الشعبية و الطبقة العاملة والفلاحين و الطليعة المناضلة و البروليتاريا الرثة و غير الرثة .. نكتب هذه الكلمات و لا نعرف إلى أين سينتهي المؤتمر" التقني" للفيدرالية التي نشب بها الصراع و اشتعلت الحرائق بين الفرقاء وبين رفاق الدرب الواحد و الخندق الواحد.. النيران الصديقة أطلقت في كل الاتجاهات و دخل على الخط الاتحاد الاشتراكي القوات الشعبية و مكتبه السياسي لفك الاشتباك بما يرضي الله و رسوله و الجالسين في قاطرة القيادة..لله يا سفينة فين غادية بنا قال جيل جيلالة.. خرجت نقابة من رحم نقابة خرجت هي الأخرى من رحم الاتحاد المغربي للشغل مع عمر بنجلون حينما ثار و قلب الطاولة على الفساد النقابي و البيروقراطية في فترة من التاريخ المعاصر للمغرب . تاريخ النقابات يفسر بوضوح التاريخ السياسي للمغرب و لعبة التوازنات و استقطاب النخب و توزيع الريع .. يحكي كلود بالازولي في كتابه "المغرب السياسي" عن الجدلية الصعبة و المعادلة غير المتوازنة بين قياديين سياسيين من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و زملائهم في قيادة الاتحاد المغربي للشغل.. حين كانت تتأزم العلاقة بين الدولة و معارضين مثل بنبركة واليوسفي و بوعبيد و كانوا يقررون في المكتب السياسي خارطة مواجهة السلطة كانت النقابة تتراجع و تبرد الطرح .. كانت المعارضة تمشي على سرعتين واحدة طالعة و الأخرى نازلة . و بهذه الطريقة تعطلت كثير من قرارات الحزب المعارض القوي آنذاك.. اليوم الفيدرالية وجدت نفسها بجناحين..و المؤتمر الرابع للفيدرالية هو مؤتمر " تقني" استثنائي رمضاني يبدأ مع حريرة آذان المغرب و تقام فيه صلاة التراويح من أجل الخروج من المأزق. هو مؤتمر و المؤتمر سيد نفسه و لا حق لنا في الحكم عليه قبل أن يختم أشغاله مع مدفع السحور ليصلي الجميع صلاة الفجر و يسخر لنا الله في ما سيأتي.. هناك لعنة تشبه " التابعة" لكي تتمزق نقاباتنا أكثر و تنشق أكثر و تتطاحن أكثر و يطلق الرصاص و الغبار بين أبناء القبيلة الواحدة . كأن التاريخ يعيد نفسه..عمر بنجلون غادر السفينة غاضبا متذمرا يائسا لأنه رآها تنحرف عن مسارها و جاءت الكونفدرالية فيما بعد..هل يمكن أن يسلك نفس الطريق الغاضبون في الكونفدرالية اليوم.؟ سمعت في لقاء مؤخرا عبد العالي كميرة و فاطمة الدحماني و نور الدين جرير و مصطفى شطاطبي و آخرين يتكلمون عن ما وصلته الكونفدرالية من درجات تدني المبدأ و زيف الأخلاق النضالية و السلوك الديمقراطي.. قلت هو التاريخ يعيد نفسه ..أنه حرث في الماء إذا استمر الوضع هكذا..أننا لا نتقدم بقدر ما نعيد الحكاية بأسماء و وجوه جديدة. كم هو محزن أن نرى بعض الوجوه بدون أوراق التوت و بدون ماكياج و بلا مقدسات.. من المستفيد من الوضعية؟ جهات كثيرة تستفيد من الأزمة و أولها القيادة التاريخية المقدسة حفظها الله و رعاها بالرعية و المريدين و " بغال السانية" الذين لا زالوا يقدسون الأشخاص و يعتبرونهم ملائكة منزهين و لو شاهدوهم كيف يعيشون و أبناءهم عيشة الأباطرة الكبار . أين يسكنون و أين يدرس أبنائهم و من أين نزل عليهم الخير و الغنى ؟ هل يهرب القط من دارعرس؟ سيجدون ألف مبرر و ألف" نظرية" لتبرير النعم و الهمزات . الصحافة تتحدث عن مبالغ مالية ضخمة وزعت في الظلام و صرفت في مصاريف غامضة و حسابات بنكية باسم الأشخاص و ليس باسم الهيئات و عقارات و مقرات و شؤون اجتماعية و أندية تابعة تشبه كنوزا مدفونة تحت الأرض لا يصلها إلا الراسخون في علم التنقيب و " تناقابيت" . عبد العالي أكميرة كان واضحا في أحاديثه للصحافة و سمى القط قطا و لم يقل كل شيء لان الناس لم تتعود في المغرب على سماع الحقيقة . رواية البوح لا يحب البشر سماعها..جماعة " 17 ماي" تحلم بما سموه " جبهة نقابية ديمقراطية جديدة مناضلة مكافحة". أين هي هذه الجبهة لكي أنخرط فيها من الآن عزيزي عبد العالي.. الناس تفضل الركون للأوهام عوض سماع الرواية المزعجة المؤلمة. نقاباتنا لا تشكو من العقم. لها قدرة خارقة على التوالد .نقابة تلد أخرى و حزب يلد نقابة و نقابة تلد الحزب الذي يلد النقابة الدجاجة تلد بيضة و البيضة فقصت الدجاجة و سير على الله . المهم أن القيادة تظل قيادة. ولأنها قيادة و تاريخية يجب ألا تنعت بمكروه ؟ عيب يا أخوان أن نقول أن القيادة التاريخية لا شرعية لها أو أنها منحرفة و انتهازية تبحث عن مصالحها و تنفخ على المجيمر و يسيل لعابها للمرقة و البزولة و الرضاعة.. هل يهرب القط من دار العرس والمكافئات سخية و التعويضات والكرم مشتت و الكعكة لذيذة والكرسي التمثيلي مضمون في البرلمان بدون صداع الراس و في الهيئات و المجالس العليا التي سنضاهي بها الأمم يوم القيامة. حركة 17 ماي الصف الديمقراطي أمام مفترق طرق . هل تغادر السفينة و تبحث عن مأوى و بزولة جديدة ؟ هل ترمي بنفسها وسط الأمواج أم تقبل العيش في خيمة واحدة مع بعض ما سمتهم القراصنة والمنتفعون الجدد أصحاب الدسائس و الحروب و الارتزاق. نعود للفيدرالية .. غدا سنقرأ أن مؤتمر الفيدرالية مر بدون قنابل لاكريموجين و بدون لكمات و تراشق بالكراسي..