أسلم رأسه لحضن وسادته، تقلب ذات اليمين وذات الشمال، فتح عينيه الحمراوين، نظر في انعكاس ظل غصن يتمايل على جدار غرفته، جلس على طرف السرير، جذب إليه طاولة صغيرة، أشعل سراجًا، تأمل برهة في لهيبه المتراقص، تنبه لطقطقة عقرب الساعة، تناول قلم رصاص وبراه، تحسس حدة سنه بطرف إصبعه، نفخ براية قلمه فتناثرت على الطاولة، سعل سعالاً شديداً، استل ورقة من بين دفتي كتاب، تأمل بياضها برهة، أسند قلمه إلى أذنه، نهض واقفاً، جال في الغرفة مطرقاً رأسه، أنعم النظر في شجرة صفصاف خلف زجاج النافذة، دفع دفتيها خارجاً، ملء رئتيه نسيماً مرَق لتوه عبر أزهار الياسمين، نظر في أثر فنجان قهوة تركتْه يوماً على حافة النافذة، أغمض عينيه، فتحهما على بياض ورقة تعكس لهيباً متراقصاً، تناول قلم رصاص سنه حادة، طقطق عقرب ساعة، حفّ سن قلم رصاص، أزّ سرير معدني، اهتز غصن صفصافة، اضطربت دفتا نافذة، أطفأ نسيم بعبق الياسمين لهيباً متراقصاً، تناثرت براية قلم رصاص في شعاع الشمس، وضع نقطة في آخر السطر، طوى ورقة اسودّ بياضها، فتحت عينيها السوداوين، فضّت ظرفاً بطرف النافذة، نشرت ورقة بعبق الياسمين، غسلت دموعها اسوداد بياضها. بقلم:أحمد دعدوش