عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-05, 22:19 رقم المشاركة : 2
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: المواكبة التربوية" نحو تأسيس نموذج/ منظومة لتجويد التعليم و محاربة الهدر المدرسي


ثالثا: تطور مفهوم/نموذج المواكبة التربوية

في التعريف الضيق للمواكبة أو المرافقة التربوية ، والذي نعمل حاليا على تحديثه وتطويره، ، يجعل منها نوعا من المساعدة التي تتم خارج المدرسة ،فهي إذن ، نوع من المساعدة اللامدرسية أو اللاصفية، الموجهة للتعلمات، حيث يكون أولياء التلاميذ هم أول المعنيين بها .وفي هذه الحالة نتحدث عن المواكبة الأسرية عندما يجد التلميذ من يتولى أمره داخل الأسرة من طرف الأولياء أو أحد الأقارب، فالأسرة هنا تتكفل بالطفل ، إما لسد الثغرات والصعوبات التي يظهرها أو لتجويد ما اكتسبه من تعلمات أو بكل بساطة لدعمه في عمله المدرسي.
وعادة ما يقدم بهذا الصدد مثال مساعدة الطفل على واجباته المنزلية . فالأسرة تمارس نوعا من الشراكة المعلنة وغير المعلنة مع المدرسة ،بحيث يمارس الفعل البيداغوجي من طرف أفراد " غير مهنيين " إلا في الحالة التي يكون فيها الولي هو نفسه مدرسا . علما بأن الأولياء يزداد ميلهم حاليا إلى اللجوء لمن ينوب عنهم مقابل تعويض مادي ليتولى شؤون دعم أبنائهم و مساعدتهم في مراجعة الدروس.و يكون هذا الأخير في العادة من مدرسي التعليم العمومي، و قد يكون طالبا جامعيا وله "مستوى" تعليمي يسمح له بتقديم المساعدة لمن يحتاجها من التلاميذ في مختلف المواد.
لكن ما نلاحظه هو تحول هذا النوع الاستثنائي من "المواكبة" والمساعدة خارج المدرسة ، وبسبب ما تعاني منه المنظومة من تدني في مستوى أدائها ، إلى مصدر شديد الخطورة والإزعاج لانتشار " سوق مدرسية "حقيقية ، تسمى في العادة "الساعات الإضافية" و"الدروس الخصوصية". وفي غياب مراقبة مؤسساتية، وأمام ضعف القواعد المنظمة لهذه الدروس والتي من شأنها أن تخفف من الآثار السلبية التي تنتج عن النشاط العشوائي وغير المنظم للممارسات التجارية المرتبطة بهذا النوع من المواكبة ، أصبحت منظومة التعليم تقوم بفتح أبواب مؤسساتها لاستقبال التلاميذ الراغبين في المواكبة والدعم، فتحول ما يحدث خارج المدرسة محفزا لها لكي تعيد حساباتها بخصوص جودة أدائها . فهل يعني ذلك ظهور بوادر تأثير ما هو غير نظامي في النظامي وبداية ما يمكن تسميته "بإصلاح التربية غير النظامية لما تفسده التربية النظامية"؟.
كما تقدم وثائق وزارة التربية الوطنية (مديرية التربية غير النظامية) تعريفا لبرنامج المواكبة التربوية على النحو التالي :
"يقصد ببرنامج المواكبة التربوية ذلك الإطار المتناسق من الخدمات البيداغوجية والاجتماعية والنفسية المحددة في الزمان والمكان، ويستهدف أطفال برامج التربية غير النظامية المدمجين بالتعليم النظامي، والأطفال المدمجين مباشرة، إضافة إلى تلميذات وتلاميذ المستوى السادس ابتدائي المهددين بالانقطاع عن الدراسة، وذلك لتمكينهم من ولوج مختلف الخدمات المقدمة في الوسط المدرسي، بهدف الاحتفاظ بهم داخل المنظومة التربوية، ودعم مسارهم الدراسي.
ويتأسس هذا البرنامج على الوساطة المدرسية من خلال تقديم مساعدات للتلاميذ بهدف:
- الاستفادة من الإمكانات المتوفرة داخل المؤسسة التعليمية وخارجها؛
-التمكن من التعلم الذاتي ؛
- مساعدة الآباء وأولياء الأمور في تتبع المسار الدراسي لأطفالهم.
كما يرتكز هذا البرنامج على مقاربة شمولية (نمائية ووقائية وعلاجية) بالاعتماد على أدوات وآليات واستراتيجيات ملائمة وعلى الشراكة مع المجتمع المدني.
ويعتمد تنفيذ برنامج المواكبة التربوية على أربع أنشطة أساسية يمكن ذكرها كالتالي:
- الوساطة المدرسية؛
- دعم التعلم الذاتي؛
- التكوين الأساس باستهداف الأسر؛
- الأنشطة الموازية."
(انظر " دليل إجراءات برنامج المواكبة التربوية"، مديرية التربية غير النظامية، الرباط ،اكتوبر2011).
وعندما نستعرض الأدبيات التربوية الفرنسية حول الموضوع نجدها تنحو نفس المنحى السابق في تعريف المواكبة التربوية ،حيث تؤكد :
" أن المواكبة التربوية L'accompagnement éducatif تستقبل تلاميذ الإعدادي وتلاميذ الابتدائي في التربية ذات الأولوية والراغبين منهم ،بعد الدروس العادية.وتقترح برامجها مساعدة هؤلاء في الدروس وعلى انجاز الواجبات وفي التطبيقات الشفهية للغة الانجليزية وكذلك على ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية .انه وقت مستقطع ما بين الأسرة والمدرسة".
وعموما تستهدف المواكبة التربوية في الممارسات والأدبيات الفرنسية ، تغيير طبيعة العلاقة مع المدرسة ومع المعرفة والتعلم والمساهمة في المساواة وتكافؤ الفرص وذلك بتوفير كل الشروط التي تمكن من تمدرس ناجح.

كما تمكن المواكبة من عرض تربوي إضافي و مكمل ، وتنظم بحيث تستمر مدة ساعتين في اليوم خلال السنة ، وغالبا ما تتم في نهاية اليوم الدراسي ولمدة أربعة أيام في الأسبوع. حيث يتم التركيز في برامجها على :
- المساعدة على الواجبات المنزلية ؛
- الأنشطة الرياضية ؛
- الأنشطة الفنية والثقافية؛
- وفي الإعدادي، التطبيق الشفهي للغات الحية.
هذا وتوزع تلك الأنشطة بشكل متوازن خلال الأسبوع وخلال السنة ،في انسجام مع البرنامج العام الذي تضعه المؤسسة للمواكبة التربوية.
و يؤطر الأنشطة أساسا المدرسون المتطوعون والمساعدون . كما يتم استدعاء متدخلين من خارج المؤسسة والذين يتوفرون على كفايات خاصة، كما تنشط الجمعيات المتخصصة برامج المواكبة وكذا الرياضيين والفنانين وطلاب الجامعات وأطر من الجماعات المحلية .
و يكون من الضروري في المنهاج الفرنسي ،ملاءمة المواكبة التربوية مع غيرها من البرامج الموجودة خارج الحصص من مثل العقود المحلية لمواكبة الدراسة وبرامج النجاح المدرسي ومراجعة الدروس ...دون أن تعوضها بالضرورة.
كما يتم إخبار أولياء التلاميذ بعروض المواكبة التربوية التي توفرها المؤسسة وأهميتها بالنسبة
لأبنائهم.. (Anne Mansuy, Jean-Michel Zakhartchouk -2009)
أما بالنسبة لمصطلح الدعم التربوي soutien pédagogique والذي عادة ما يستعمل للدلالة على معنى المواكبة التربوية وان كان بمعناها الضيق لدى بعض الباحثين ،فإنه" مجموعة من الأنشطة و الوسائل والتقنيات التربوية التي تعمل على تصحيح تعثرات العملية التعليمية لتدارك النقص الحاصل و تقليص الفارق بين الأهداف و النتائج المحصلة. كما يعرف الدعم كذلك بكونه مجموعة من الطرائق و الأدوات و التقنيات الخاصة التي تنتهج داخل القسم الدراسي عبر الوحدات و المواد، أو خارجه، في شكل أنشطة تكميلية- تصحيحية، لتلافي ما قد يظهر على المتعلم من صعوبات تعتري سيره الدراسي وهذا التعريف يجعل من الصعب التمييز بين مفهومي الدعم والمواكبة.(انظر محمد الدريج، 1998).
لذلك فإن الدعم في الاصطلاح التربوي كما هو الشأن بالنسبة للمواكبة، هو التدخل البيداغوجي المستند إلى تقنيات و إجراءات، يمكن إتباعها داخل القسم أو خارجه، لسد الثغرات و معالجة الصعوبات، و تفادي الإقصاء و تعزيز فرص النجاح و محاربة الهدر المدرسي ، تروم الأنشطة المرتبطة بالدعم البيداغوجي إيجاد حلول لتعثرات التلاميذ سواء اتخذت شكل أنشطة داخل القسم الدراسي أم كانت أنشطة موازية. و ترتبط هذه الإجراءات والأنشطة بأربع مراحل هي :
1-التشخيص :كإجراء لمعرفة مؤهلات المتعلم و قابليته للتعلم و وتيرته ...اعتمادا على مجموعة من الوسائل كالاختبارات؛
2- التخطيط،وضع خطة و برنامج الدعم الملائم باعتماد نتيجة التشخيص؛
3- التنفيذ، تطبيق الخطة؛
4- و التقويم أي تقويم نتائج الدعم وآثاره، قصد فحص مدى نجاعة الخطة في تجاوز الصعوبات و التعثرات.
هذا ولا نرى مانعا في أن تنسحب هذه الإجراءات على مختلف برامج ومشاريع المواكبة التربوية شريطة أن ينظر إليها بمعناها الشامل الذي نتبناه نحن ونؤسس له.


ولهذا نؤكد نحن في عملنا على إنشاء وتفعيل نموذج/منظومة أشمل للمواكبة التربوية ،منظومة تتجاوز الأساليب و المبادرات المحتشمة لدعم التلاميذ ، وتعمل على تعويضها بإرادة أقوى ، تهدف إلى التكفل البيداغوجي بجميع الأطفال ومواكبتهم نفسيا واجتماعيا وتربويا بمن فيهم من يعاني من مشكلات نفسية واجتماعية وصعوبات في التعلم ، منذ البداية وإلى حين اندماجهم في الحياة العملية ،تكفل يحتاج إلى مقومات وخصائص هامة ، لابد أن تتوفر لدى المدرسين و الإداريين والمشرفين ...الذين ينتمون للمؤسسة من جهة ، مع ضرورة توفر مستوى من الإمكانيات المادية والتجهيزات والوسائل لتطوير جودة التعلمات من جهة ثانية .








رابعا : المواكبة التربوية في سياق التربية غير النظامية

إن تعريفنا السالف سيجعل المواكبة التربوية تختلف عن تلك التي تمارس وفي معظم الأحيان عشوائيا على شكل "ساعات إضافية"، خارج إطار المؤسسة المدرسية ، بحيث تقربها من الطابع المؤسساتي للمساعدات البيداغوجية الأخرى.لقد أصبح من الضروري، مع هذا التوجه، إنشاء وتعميم وترسيخ "التربية غير النظامية"، ليس فقط كجهاز إداري له قوانينه و برامجه وأطره بل أيضا وبالأولى، كمفهوم ومقاربة بيداغوجية نعتقد بضرورة سيادتها في منظومة التعليم والتي نؤمن بأهميتها ونأمل أن تساهم في المساعدة على الخروج من الأزمة الحالية.
فلا نستغرب إذن من بوادر انتشار وتعميق الحديث عن برامج المواكبة/المرافقة التربوية ، في إطار التربية غير النظامية في بلادنا ، لذلك سنعمل هنا وللمزيد من بسط للموضوع ، على الحديث عن التربية غير النظامية ، ليس فقط باعتبارها مديرية من مديريات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ولكن باعتبارها كذلك وأساسا ،مقاربة بيداغوجية ورؤية تربوية شاملة وطموحة ينبغي أن تسود داخل المدرسة وخارجها وفي مجال التربية والتكوين المهني عموما ، حتى نتمكن من إدراك أهمية المواكبة التربوية كنموذج ومنظومة متكاملة والدور الهام الذي نعقده عليها في إصلاح التعليم وتطوير برامجه وتحسين أدائه.
تعرف التربية غير النظامية في العادة ، بالنشاط التربوي-التعليمي المنهجي والمنظم والذي يتم خارج إطار النظام المدرسي الرسمي ومؤسساته وأسلاكه ومناهجه الاعتيادية، وتقدم من خلاله أنواع مختارة من التربية والتعليم لمجموعات فرعية معينة من الأطفال وهم بالأساس الأطفال في وضعية صعبة ، سواء المنقطعين منهم عن الدراسة أو المهددين بالانقطاع أو الذين لم يلتحقوا بها أصلا. هذا وإن كنا سنعود لمناقشة هذا التعريف، نذكر الآن بأن النواة الأولى لهذه المديرية أحدثت في بلادنا منذ عام 1998 وقد أخذت التربية غير النظامية طابعها المؤسساتي للحد من ظاهرة عدم التحاق الأطفال بالمدرسة ، جنبا إلى جنب مع جهود تعميم التعليم الأساسي و بالاعتماد على تعبئة المجتمع المدني حول المدرسة .
وحسب التعريف الدولي المعتمد من طرف اليونسكو " فإن التربية غير النظامية هي مفهوم ونموذج تربوي منظم ، ينفذ خارج النسق التربوي النظامي ويوفر تعلمات ومهارات محددة لشرائح معينة من الأطفال".
و تساعد التربية غير النظامية بشكل عام وكما تمارس في العديد من الأنظمة التعليمية ،باعتبارها الذراع الواقي ضد المشكلات التي تفرزها التربية النظامية ، على الحد مبدئيا من معدل التسرب و الهدر، وذلك أساسا من خلال إنشاء نظام مراقبة وبرامج يقظة تربوية في المدارس، مع الانتباه بشكل خاص إلى التلاميذ المعرضين للفشل والانقطاع المبكر ، في محاولة مقاومة الصعوبات التربوية التي تؤثر سلبا في تكوينهم ، وإيجاد الحلول الملائمة لها ، وبهذا يكون مجال التربية غير النظامية في شقيه الاستدراكي و الوقائي ، عرضا تربويا مكملا للمدرسة النظامية من حيث مساهمته في تشكيل حزام وقائي ضد تدني المستوى و الهدر المدرسي و مساهمته في التعبئة الاجتماعية حول التمدرس ، وبتوفيره فرصة ثانية للتربية الأساسية للأطفال غير الممدرسين.(مديرية التربية غير النظامية -وزارة التربية الوطنية، 2011).
وكما هو معلوم فقد عرفت بلادنا تاريخيا ،مجموعة من أنماط التربية والتعليم تمارس خارج الإطار النظامي مع فئات من الأطفال أو الكبار الذين لا يلجون المعاهد والقنوات النظامية للمعرفة ويستفيدون من قنوات أخرى من مثل المسيد (الكتاب القرآني)، المساجد، الزوايا، الجماعات الحرفية....
وهكذا بالاستناد إلى تلك التعاريف ، يعتمد نظام التربية غير النظامية عموما في العديد من الأنظمة التعليمية بما فيها نظامنا ،على عنصرين/إجراءين رئيسيين هما:
أولا تدخل وقائي : عبر برامج اليقظة التربوية، بتشجيع استباق و مكافحة التسرب من المدارس من خلال إنشاء نظام للمراقبة وخلايا اليقظة في المدارس و العمل مع الجهات الفاعلة الأخرى من خلال التوعية و التعبئة الاجتماعية لتعميم التمدرس والحد من مظاهر الهدر المدرسي. ومن البرامج الوقائية:
1- برنامج المواكبة التربوية (بمعناها الضيق والسائد في الوزارة):والذي يستهدف مساعدة المدمجين حديثا في التعليم غير النظامي لمسايرة دراستهم ومواكبة التلاميذ بالوسط القروي عند انتقالهم من الابتدائي إلى الإعدادي.
2- برنامج الدعم التربوي:ويعتمد على آلية اليقظة التربوية بالمؤسسات الابتدائية والإعدادية (خلية اليقظة التربوية، دفتر التتبع الفردي للتلميذ، حصص الدعم البيداغوجي).
وللتذكير فقد مكنت هذه البرامج في بلادنا حسب الإحصائيات الرسمية ولحد الآن، أزيد من 611 ألف طفل وطفلة من الاستفادة من فرصة ثانية للتربية والتكوين ، بمعدل سنوي يناهز 38 ألف طفل وطفلة، وإدماج 110 آلاف بالتعليم النظامي أو التكوين المهني، بنسبة إدماج انتقلت من 5 في المائة موسم 1998/1999 إلى 34 في المائة من المسجلين خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
ثانيا تدخل علاجي : ويكمن فيما توفره مديرية التربية غير النظامية من مدارس وأقسام الفرصة الثانية وبرامج ومنشطين وكتب مدرسية ملائمة...لفائدة الأطفال المنقطعين من أجل إعادة إدماجهم في منظومة التعليم، تنفذ بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني ، لإعادة إدماجهم في المسار التربوي الذي انقطعوا عنه مبكرا .
و تتضمن البرامج العلاجية:
1- برنامج سلك الاستدراك وينفذ بالمؤسسات التعليمية وبالتعاقد مع الجمعيات لتأمين تمدرس المنقطعين حديثا.
2- وبرنامج الفرصة الثانية والذي ينفذ بواسطة شراكة تعاقدية مع الجمعيات أو بالاحتضان لتربية وتكوين الأطفال غير الممدرسين أو المنقطعين عن الدراسة وذلك خلال مدة تستغرق ثلاث سنوات، ويستهدف هذا البرنامج إعادة الإدماج في التعليم النظامي أو في التكوين المهني.






    رد مع اقتباس