عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-05-21, 05:49 رقم المشاركة : 1
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


a3 انتحار مريم هاسك بسبب نعتها ببنت الكاريان: ظاهرة "التنمر" تصل إلى المغرب و على الباحثين التربويين التحرك عاجلا


بعد انتحار التلميذة مريم هاسك تعددت التعليقات على الموضوع التي عالجته من زوايا نظر مختلفة، منها من تحدث عن مسؤولية بن كيران و الدولة في هذه النازلة المؤلمة، بل هو نفس ما فعله والد التلميذة في فيديو تناقلته المواقع الإلكترونية حين تحدث عن اعتصامه سابقا من أجل سكن لائق.

كل التقارير الإعلامية المنجزة إلى حد الساعة تجمع على أن التلميذة مريم انتحرت لأن زملاءها كانوا ينعتونها ببنت الكاريان. و بالطبع ليس كونها بنت الكاريان من دفعها للانتحار، لأن أغلب أبناء الشعب المغربي فقراء و إن لم يكونوا أبناء الكاريانات فهم أبناء قرى الهامش، مادفع مريم للانتحار هو تعرضها للإضطهاد و العنف المعنوي الذي مارسه عليها زملاؤها في الدارسة، وهذا الجانب التربوي للظاهرة هو ما تم إغفاله .

بعد تكرار مجازر ارتكبها التلاميذ بالأسلحة النارية في ثانويات و جامعات أمريكية غالبا ما يكون ضحاياها بالعشرات، انتبه الباحثون التربويون و المجتمع الأمريكي برمته إلى ظاهرة الاضطهاد في المؤسسات التعليمية، التي سميت بالبوليينغ.
Bullying
وتوالت تحركات الاَباء و أولياء التلاميذ و معها إصدارات الكتب التي تدرس الظاهرة مما عجل بصدور قوانين جزرية لمنع تفاقم الظاهرة، التي تؤدي إلى عدة نتائج من بينها الانتحار كما هو حالة مريم هاسك.

في الدول الخليجية التي تعرف هذه الظاهرة أيضا بشكل متزايد، يتم استعمال كلمة "تنمر" لوصفها كمقابل للكلمة الإنجيزية بوليينغ ومصدرها كلمة ألمانية قديمة تعني الأخ و لاحقا استعملت لوصف شخص قوي البنية و الذي يحمي العاهرات، غير أن بعض علماء اللسانيات يربطونها بكلمة ثور الإنجليزية.

يعرف التربويون الأمريكيون الظاهرة بأنها استعمال القوة أو التهديد باستعمال القوة للسيطرة على ضحية ما، وقد يتم بشكل مستمر أو متقطع، و السبب حسب أحدث البحوث المعتمدة يتلخص في عدم وجود تكافؤ بين المتنمر و الضحية اجتماعيا أو جسديا، و ينتج عنه سلوكيا التحرش أو التهديد أو الاعتداء الجسدي. وقد يمارسه شخص واحد أو قد يتخذ في الغالب شكل عصابة.

بحيث يشرعن المعتدي اعتداءاته بسبب الاختلاف في الوضع الاجتماعي كما هو الحال لمريم هاسك، أو العرق، أو الدين و الجنس و المظهر أو السمعة في المدرسة بحيث أن التلاميذ الناجحين غالبا ما يكونون ضحايا للفاشلين دراسيا.
بعض الولايات الامريكية التي اتخذت إجراءات صارمة في مدارسها بخصوص هذا الموضوع تضيف في تعريفاتها أيضا العنف الممارس عبر الأنترنيت ، بحيث لوحظ انتحار كثير من القاصرين بعد إحساسهم بالاحتقار بسبب تعليقات زملائهم في الفايسبوك ولهذا أنشيء موقع حكومي رسمي للتبليغ عن هذه الحالات

منذ بداية الألفية قامت عدة تحركات ضد هذه الظاهرة في كندا حيث تم تأسيس جمعية من طرف الناشط التربوي بيل بيلسي وتنظيمه لتظاهرات للتحسيس بها و فيما بعد في أمريكا بعد انتحار " فويب برينس" في ولاية مساسوستش تحرك المجتمع الأمريكي و أيضا مشاهير كثر من بينهم لايدي كَاكَا التي قامت بتأسيس مؤسسة مركز بركمان خصوصا حين علمت بانتحار تلاميذ مثليين بسبب العنف الممارس عليهم. وضغطت هذه الجمعيات كلها على المجالس التشريعية للولايات المختلفة حتى تبنت قوانين صارمة و جزرية لهذه الظاهرة و عجلت بالبدء في إصلاح تربوي شامل يفرض وجود مساعد اجتماعي نفسي في كل ثانوية.
نحت علماء التربية الأمريكيون مصلطحا مرتبطا بهذه الظاهرة حين تؤدي إلى الانتحار أو القتل، مصلطح “بوليسيد"،وهو حين يتطور الأمر إلى قتل الضحية للمعتدي أو تخطيطه لقتل العديد من زملائه وهو ما حدث كثيرا في المؤسسات التعليمة الأمريكية.

وقد صنف نيل مار و تيم فيلد في كتابهما عن التنمر ، بعض السلوكيات التي تعتبر تنمرا من بينها :الإعتداء الجسدي، و نقد الأعمال المدرسية و المطالبة من طرف الأساتذة بأعمال مستحيلة أو انتقامية،السخرية و النكات و نشر الإشاعات و إبعاده عن مجموعة مميزة و تجاهله و ينتج عنها الضغط و الاكتئاب النفسي ،فقدان الثقة في النفس، القلق و الهدر المدرسي و الحذر الشديد من الحياة العامة و الانعزال و في فترة متأخرة الانتحار أو قتل المعتدين. و بالنسبة للمعتدي فقد يتطور به الأمر إلى أن يتحول إلى مجرم حقيقي.
و ينصح هؤلاء الخبراء بأن يبقى الاَباء و الأمهات على اتصال دائم مع أبناءهم و يسألونهم بشكل يومي عن أحداث المدرسة و أيضا الانتباه للجروح غير المبررة أو تمزق في ملابسهم أو تغير في عاداتهم الغذائية و غيابهم عن المدرسة في تنسيق مع المدرسين و الإدارة التربوية.

انتحار مريم هاسك يلقي بالضوء على وجود ظاهرة التنمر في المؤسست التعليمية المغربية وعلى بلوغ أزمة المدرسة المغربية مستوى اَخر يستلزم اهتمام الباحثين التربويين بهذه الظاهرة في أفق وضع حلول و تشريعات مناسبة تجعل من المدرسة مرفقا عموميا يتساوى فيه أبناء الكريان مع أبناء غير الكريان.





    رد مع اقتباس