عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-11, 22:40 رقم المشاركة : 1
mustapham
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية mustapham

 

إحصائية العضو








mustapham غير متواجد حالياً


وسام المراقب المتميز

افتراضي عذراً أيها الزملاء: أخطاء شائعة


هذه بعض الأخطاء اللغوية التي أسمعها أو أقرأها في إعلامنا العربي، مع التصحيح الذي أقترحه، والسبب الذي أراه للتصحيح.


لم يكن تصحيح الخطأ يحظى بقبول إجماع في محافل زملائنا في الإعلام، بل ان ما يقرب من الإجماع كان يعارض أي مساس بالخطأ الشائع، بدعوى أن اللغة تتطور وأنه ما دام قد شاع وفهمته العامة، فهذا هو غرض اللغة في الأصل: أن تتكلم أنت وأن يفهم المستمع ما تقول. وكنت أرى في المقابل أن اللغة تتطور فعلا، لكن من يطوّرها لا بد من يكون من عارفيها، لا من جاهليها، وأن يكون الجديد المطور في اللغة، من معرفة لا من جهل. تماما مثل الأكاديمية الفرنسية التي تبتكر أو تجيز كل سنة مجموعة من الكلمات المستحدثة، لكن بعدما يدرسها أعتى وأعلم علماء اللغة الفرنسية، فتدخل في القواميس ويستعملها العامة. فإذا كانت إجازة الخطأ الذي يشيع على ألسنة من يجهلون اللغة، أو أقلامهم، فذلك تسويغ لجهلهم، ودفاع عن هذا الجهل، ولا يمكن أن يدرج على أنه دفاع عن اللغة وحقها في التطور. ولطالما كان المدافعون عن “حق الخطأ الشائع”، من الزملاء الذين لم يُبدوا أي رغبة في الاجتهاد لتعميق علمهم باللغة، بل كل رغبتهم في تسويغ جهلهم، أو كسلهم على الأقل.
ولا مانع عندي أن تتطور لغتنا، بل ان هذه العبارة تُضحكني بعض الشيء، فأنا أرى أن اللغة التي لا تتطور لغة تموت، ولذا لا بد من أن تتطور لغتنا وتَدرُج عليها العبارات التي تعبر عن كل جديد في الحياة. لكن من الذي يحق له أن يجدد في الطب والهندسة والموسيقى والعمارة؟ الذين يجهلون هذه الأبواب المعرفية أم الخبراء فيها؟ فلماذا يحق في اللغة ما لا يحق في كل أبواب المعرفة الأخرى، ولماذا يحق لمن يجهلون اللغة أن يقودوا بقية الناس في تجديدها؟ مع ان اللغة هي الحامل الضروري لكل معرفة.
قد يرضى المرء أن يخطئ مهندس أو طبيب في نصه، خطأ لغويا، لأن اللغة ليست اختصاصه، مع ان الأفضل أن يكون حريصاً في لغته، لأن اللغة ليست شكلاً وحسب، بل مضمون أيضا. أما نحن ناس الإعلام، فليست لدينا هذه الأسباب المخففة.
لذا أعتقد أن معاونة مذيعينا ومذيعاتنا وكتابنا وكاتباتنا، لتجنب الخطأ اللغوي الشائع، بمحبة وأدب، من دون تسخيف ولا تأنيب، واجب نود أن يقابله المخاطَبون بصدر رحب، لأنني أبدأ مخاطبتهم بعبارة: عذراً أيها الزملاء. وإذا قيل لي: الناس بالناس والقطة بالنفاس، وهو مثل شامي، يراد به استسخاف الاهتمام بأمر بسيط، فيما العموم في هم أكبر، قد يراوح بين حصار غزة وانتظار الزير الذي سينتشله أوباما من البير، فإنني أرى أن هذه الأمة تحتاج إلى أن يكون كل في موضعه وفي موقعه متقناُ، ولو كنا كذلك، لما ضاعت فلسطين. فالإهمال يبدأ بالصغائر، ويصل شيئا فشيئاً إلى الكبائر.

عذرا أيها الزملاء: التهم لا الاتهامات

حين يمثل متهم أمام محكمة، قد تتضمن لائحة الاتهام أكثر من بند، كالقول إنه متهم بالقتل وبالتخطيط للقتل ونقل سلاح محظور حمله، وهكذا. ويتخذ بعض الزملاء تعدد بنود الاتهام حجة لاستعمال صيغة الجمع: اتهامات. وهذا عين الخطأ اللغوي. ذلك أن اتهام هو مصدر فعل: اتهم، والمصدر لا يُجمَع. فاتهام الرجل في جريمة أو عشرين جريمة يبقى اتهاما. وإذا شئنا التعبير عن كثرة بنود الاتهام، فالصحيح استعمال كلمة: تُهَم، وهي جمع كلمة تُهمة. فلماذا نجمع كلمة تهمة ولا نجمع كلمة اتهام؟ لأن كلمة تهمة اسم جنس، أي اسم شيء، والاسم يُجمَع، أما المصدر فلا يُجمَع.


عذراً أيها الزملاءُ:ثمانُمئة رجل؟

درج كثير من المذيعين والمذيعات في أقنيتنا الفضائية، على “الاجتهاد” في تحريك كلمة: ثمانمئة، فصاروا يضعون على النون، ضمة: ثمانُمئة.
وهذا خطأ مضحك، لأنهم يستنتجون في تفكيرهم اللغوي، في ظني، على النحو التالي: ثمان كلمة، ومئة كلمة ثانية، وإذن فلا بد من تصريف ثمان حسب موقعها من الإعراب. فإذا قلنا: وصل ثمانمئة جندي بريطاني إلى أفغانستان، فإن ثمان هنا في موقع فاعل فعل وصل، وهي إذن مرفوعة، ولذا تكون ثمانُ, ثم نضيف إليها مئة.
والوجه المضحك في هذا الخطأ، هو أن الفاعل مرفوع فعلا، ولكن يفوت هؤلاء الزملاء، أن أصل كلمة ثمان، هو ثماني، وهي اسم عدد مقصور، والاسم المقصور ينتهي بحرف علة، مثل وادي ومحامي وأراضي، إلى غيرها.
فهل نقول: هذه أراضٌ واسعة، لأن أراض مرفوعة في الإعراب؟ أو هل نقول: هذا وادٌ خصب؟ طبعا لا لأن حذف الياء يفرض أن نثبت الكسرة على آخر الاسم المقصور، تعويضا من الحذف، فلا تتبدل الكسرة إلى فتحة ولا ضمة، فنقول: هذا وادٍ عميق، ومررت بوادٍ عميق، ولا تتغير الكسرة إلا في حالة النصب، إذ تعود الياء إلى الظهور، فنقول: رأيت وادياً عميقا.
فالاسم المقصور يفقد ياءه في كل الحالات، إلا في ثلاث:
1. التعريف بـ أل، فنقول: الوادي، الأراضي، المحامي، الثماني.

2. المضاف، فنقول: وادي الدواسر، أراضي الفلسطينيين، محامي الدفاع، ثماني نساء. 3. حالة النصب، فنقول: رأيت وادياً، احتلت إسرائيل أراضي العرب، كلفت محامياً عربياً, جمعتُ ثماني فراشات.
ولذا فلا بد من أن يضع المذيعون والمذيعات زملاؤنا، في قاموسهم، ألا يعاودوا هذا الخطأ، الذي يبدو مضحكا، مقدار ما انه في ظاهره نتيجة اجتهاد، أخطأ الصواب.


عذراً أيها الزملاء: إنها أول زيارة لرئيس فرنسي إلى ليبية

نسمع في أخبار الصحف والقنوات الفضائية والإذاعية، صيغة لأي خبر يشير إلى زيارة أولى، على النحو التالي:
إنها الزيارة الأولى لرئيس فرنسي إلى ليبية. وكاتب الجملة السابقة يعني أن الرئيس الفرنسي يزور ليبية، وأنه أول رئيس فرنسي يزورها.
المعنى شبه مفهوم، لكن في الصياغة خطأين لغويين:
* الخطأ الأول أن قولك: الزيارة الأولى لرئيس فرنسي، تعني في اللغة العربية أنك تزور الرئيس الفرنسي، ولا تعني أن الرئيس الفرنسي هو الذي يزور. ففعل زار فعل متعدٍ، أي انه يتخذ مفعولاً به، فتقول: زرتُ شقيقي، ويكون شقيقي هو المفعول به لفعل الزيارة. وحين تقول: أول زيارة لشقيقي، فإنك تعني أنك أنت الذي يزور وشقيقك هو الذي يُزار.
* الخطأ الثاني هو أن فعل زار المتعدي، يتعدّى من دون حرف الجر: إلى. فلا نقول: زرتُ إلى ليبية، بل زرتُ ليبية. ولذا فحرف: إلى، الذي يسبق كلمة: ليبية، المفعول به، لا مكان له هنا.

والجملة الصحيحة التي تؤدي المعنى المقصود، من دون الخطأين المذكورين، هي:
إنه أول رئيس فرنسي يزور ليبية.
فلا نبدأ بأن الزيارة هي الأولى، بل بأن الرئيس هو الأول الذي يزور.
فعذراً أيها الزملاء


عذراً أيها الزملاء: عدد لا أعداد

يحب كثير من زملائنا الإعلاميين الجمع بدل المفرد في صوغ جملهم، حتى بات التظاهر تظاهرات والاعتراض اعتراضات، والتداول تداولات، والطيف أطيافا، وهلمّ جرّا.
بل ان كلمة العدد، التي تحتمل الصفر والواحد والمليون والترليون وأي عدد آخر مهما بلغ، صار أعداداً. فالواحد عدد والتسعة عدد، والمئة عدد، والمليون عدد، وليست كل هذه أعدادا.
لقد بتنا نسمع كل يوم في قنواتنا المتلفزة، من يقول لك، إن أعداد الجوعى في العالم تضاعفت في السنتين الأخيرتين. ولست أدري ما المشكلة في عبارة: إن عدد الجوعى في العالم تضاعف في السنتين الأخيرتين.
وقد يقول لي مجيب: وفي المقابل ما المشكلة في عبارة: إن أعداد الجوعى في العالم تضاعفت في السنتين الأخيرتين؟ والحق أن العبارة مفهومة ولا تغمض على أي مستمع، على ما أظن. ولكن القول إن 900 مليون آدمي معرض للجوع، يعني أنك قدّرت أعداداً، لا عدداً لهؤلاء، ويعني عدم استيعابك معنى كلمة عدد، التي لا حاجة لها بالجمع لتعبر عن الكثرة.
وتقتضي الفصاحة والبلاغة في اللغة العربية، الإيجاز حين لا تفيد الاستفاضة، والفعل المجرد حين لا يفيد الفعل المزيد، فشَبَثُ الشيء أبلغ من التشبث به، إلا إذا قصدت التشديد. والمفرد أبلغ من الجمع، حين لا يفيد الجمع.
وعذرًا أيها الزملاء


عذرا أيها الزملاء: التبعات والتداعيات

بات كثير من زملائنا في الأشهر الأخيرة، يستخدمون كلمتي: التبعات والتداعيات، للحديث عن النتائج التي قد تلحق بحادثة معينة، فيقولون إن حرب أفغانستان كانت من تبعات هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، أو ان من تداعيات انخفاض سعر النفط عجز موازنة عدد من الدول المنتجة.
والمنطق الذي جعلهم يستخدمون هاتين الكلمتين للإعراب عن هذا المعنى، في تقديري، هو أولاً سماعهم أحد المذيعين يقول هاتين الكلمتين بهذا المعنى، وعدم اجتهادهم في التدقيق، لمعرفة صحة الاستخدام أو خطئه. فكلمة تبعات قد توحي شيئاً يتبع شيئاً، أي نتيجة تتبع سببا. ولذا فالكلمة تبدو منطقية في هذا الموضع، أو هذا المعنى. كذلك توحي كلمة تداعيات، أن أمرا يدعو أمراً آخر، أي يستدعيه، مثلما يستدعي السبب النتيجة.
غير أن الكلمات التي تُستخدم في اللغة العربية لهذا المعنى كثيرة، ومنها: العواقب، أو الذيول، أو النتائج. فنقول: إن حرب أفغانستان كانت من ذيول هجمات نيويورك، أو: إن من عواقب انخفاض سعر النفط عجز الموازنة.
أما كلمة التبعة، فهي كلمة أصيلة في التراث اللغوي ودقيقة الدلالة في المفردات، لكنها لا تعني المقصود، بل تعني ما نسميه في لغة الصحف اليوم: “المسؤولية”. ففي اللغة العربية السليمة التي طورها كبار اللغويين عبر الأزمان، أن التبعة هي ما يترتب على المرء من فعلته، إذا كان مسؤولا عنها. وهي تنطوي على معنى قانوني وقضائي في هذا الإطار.
أما التداعي، فهو في لسان العرب، أن يدعو القوم بعضهم بعضاً حتى يجتمعوا. ومنه المعنى المجازي: تداعى المبنى، أي آل إلى الانهيار، وكأن أجزاءه يدعو بعضها بعضا فتجتمع، أي تنهار. وفي كل هذه المعاني، ليس من معنى يشير إلى أن التداعيات، يمكن أن تعني العواقب أو الذيول أو النتائج التي تترتب على أمر ما. ناهيك بأن التداعي مصدر تداعى، والمصدر لا يُجمَع.
فإذا كنتم تريدون التعبير عن معنى توابع الحدث ونواتجه، فكلمات: العواقب (حين تكون التوابع غير سارة) أو الذيول (معناها محايد نوعاً ما) أو النتائج (وهي تحتمل التوابع السارة والضارة)، تكفي وهي فوق هذا صحيحة في اللغة.




منقول






التوقيع


هل جلست العصر مثلي ... بين جفنات العنب
و العناقيد تدلـــــــــــــت ... كثريات الذهب

آخر تعديل mustapham يوم 2010-02-11 في 22:42.
    رد مع اقتباس