روى أهل السنن ;( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ; قال : الصلاة في جوف الليل ) وقال صلى الله عليه وسلم :) إن في الليل ساعة , لا يوافقها عبد مسلم , يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة ; إلا أعطاه إياه ( وقال صلى الله عليه وسلم :) وعليكم بقيام الليل , فإنه دأب الصالحين قبلكم , وهو قربة إلى ربكم , ومكفرة للسيئات , ومنهاة عن الإثم "(رواه الحاكم .
وقد مدح الله القائمين من الليل : قال تعالى :{آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ *كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ *وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }الذاريات 16-18,وقال تعالى : {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ *فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة 16-17 والنصوص في ذلك كثيرة تدل على فضل قيام الليل , فالتطوع المطلق أفضله قيام الليل ; لأنه أبلغ في الإسرار , وأقرب إلى الإخلاص , ولأنه وقت غفلة الناس , ولما فيه من إيثار الطاعة على النوم والراحة .
ويستحب التنفل بالصلاة في جميع الأوقات ; غير أوقات النهي , وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار , لما سبق , وأفضل صلاة الليل الصلاة في ثلث الليل بعد نصفه ; لما في " الصحيح " مرفوعا :( أفضل الصلاة صلاة داود , كان ينام نصف الليل , ويقوم ثلثه , وينام سدسه) فكان يريح نفسه بنوم أول الليل , ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه , فيقول :( هل من سائل فأعطيه سؤله ؟)ثم ينام بقية الليل في السدس الأخير , ليأخذ راحته , حتى يستقبل صلاة الفجر بنشاط , هذا هو الأفضل , وإلا ; فالليل كله محل القيام .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر " .
وعليه ; فالنافلة بين العشاءين من قيام الليل , لكن تأخير القيام إلى آخر الليل أفضل كما سبق , قال تعالى : {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }المزمل6 والناشئة هي القيام بعد النوم , والتهجد إنما يكون بعد النوم,
فينبغي للمسلم أن يجعل له حظا من قيام الليل , يداوم عليه , وإن قل .
- وينبغي أن ينوي قيام الليل . - فإذا استيقظ ; استاك , وذكر الله , وقال : " لا إله إلا الله وحده , لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير , الحمد لله , وسبحان الله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا بالله " , ويقول : " الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور , الحمد لله الذي رد علي روحي , وعافاني في جسدي , وأذن لي بذكره " . - ويستحب أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين ; لحديث أبي هريرة :( إذا قام أحدكم من الليل ; فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين) رواه مسلم وغيره . - ويسلم في صلاة الليل من كل ركعتين ; لقوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى) رواه الجماعة , ومعنى : " مثنى مثنى " ; أي : ركعتان ركعتان , بتشهد وتسليمتين , فهي ثنائية لا رباعية . - وينبغي إطالة القيام والركوع والسجود . - وينبغي أن يكون تهجده في بيته ; فقد اتفق أهل العلم على أن صلاة التطوع في البيت أفضل , وكان صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته , وقال عليه الصلاة والسلام : (صلوا في بيوتكم , فإن أفضل صلاة المرء في بيته ; إلا المكتوبة)رواه مسلم , ولأنه أقرب إلى الإخلاص . - وصلاة النافلة قائما أفضل من الصلاة قاعدا بلا عذر , لقوله صلى الله عليه وسلم من صلى قائما ; فهو أفضل , ومن صلى قاعدا ; فله نصف أجر صلاة القائم) متفق عليه . - وأما من صلى النافلة قاعدا لعذر ; فأجره كأجر القائم , لقوله صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد أو سافر ; كتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم) وجواز التطوع جالسا مع القدرة على القيام مجمع عليه . - ويختم صلاته بالوتر ; فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل آخر صلاته بالليل وترا , وأمر بذلك في أحاديث كثيرة . ومن فاته تهجده من الليل ; استحب له قضاؤه قبل الظهر ; لحديث :( من نام عن حزبه من الليل , أو عن شيء منه , فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ; كتب له , كأنما قرأه من الليل) أيها المسلم ! لا تحرم نفسك من المشاركة في قيام الليل , ولو بشيء قليل تداوم عليه ; لتنال من ثواب القائمين المستغفرين بالأسحار , وربما يدفع بك القليل إلى الكثير , والله لا يضيع أجر المحسنين . |