الموضوع: ذنوب الخلوات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-04-05, 09:41 رقم المشاركة : 13
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: ذنوب الخلوات


قال الله تعالى:
(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها
قدأفلح من زكاها وقد خاب من دساها)



في سورة ( الشمس) نجد آيات عظام يهتز لها قلب كل مؤمن اجلالا لها ويخشع لها جنان كل عبد مسلم لربه وخالقه ذلك لاشتمالها على كثير من الاشارات والدلائل على عظمة الخالق جل شأنه وتقدست اسماءه ، ولعلنا نتوقف قليلا مع هاتين الآيتين ونتأملهما/

يقول سبحانه ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)

انك ايها المؤمن امام خيارين اثنين وطريقين اثنين لا ثالث لهما طريق الخير او طريق الشر طريق الانبياء او طريق الشيطان وهنا يأتي التعبير القرآني الرائع ( فألهمها) أي ألهم هذه النفس التي خلقها الله تعالى على الفطرة وخلقها على الاسلام كما جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود يولد الا على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه) فالنفس التي خلقها الله وأوجدها هي موحدة بالفطرة ومسلمة بالفطرة ومنقادة الى التوحيد بالفطرة وتميل الى الهدى وتشتاق اليه وتحن له بالفطرة والنفس مهما بلغ طغيانها او فسادها فيبقى الخير الذي هو توحيد الله وافراده بالعبادة دون سواه هو أمر يحسه العبد في داخله وفي أعماقه ، انها حاجة في داخل كل عبد لا يستطيع الفكاك منها فمهما بلغ ما بلغ من الطغيان والبعد عن منهج الله وأمره فانه لا يقدر على التخلص من هذه الحاجة الملحة التي هي الفطرة التي خلق عليها ، انه بحاجة الى ان يخر ساجدا لمولاه ويبكي بين يديه وان يركع خضوعا وتواضعا ومحبة ورغبة ورهبة لربه وخالقه حتى يسد هذه الحاجة ، هناك صوت داخلي وواعظ باطني داخل جوانحنا يدعونا الى سبيل الله وطريق الهداية وهذه من اعظم المقامات لمن تأملها وهي من أعجب الحجج علينا لمن وقف على أسرارها.


ولذا ذكر المفسرون رحمهم الله تعالى في تفسير هذه الآيتين أقولا متقاربة تتفق في مجموعها على ان الله تعالى عرف النفس وأفهمها طريق الخير وطريق الشر ولذا قال محمد بن كعب رحمه الله : اذا أراد الله بعبده خيرا ألهمه الخير فعمل به واذا اراد الله بعبده شرا ألهمه الشر فعمل به)

ومعنى الالهام ان يوقع الله تعالى في قلب العبد من النور والتوفيق ما يحجزه عن الشر وعن المعاصي بخلاف من ابتلي بالمعاصي والذنوب فصارت ملازمة له لا يفارقها ابدا ففي قلبه من الذنوب ما غطى القلب عن معرفة الشرع والامتثال لامر الله ونهيه ولذا قال تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها) ومعنى الاية ان هذه القلوب متى ما سلمت من الاقفال ومن المعاصي والذنوب فانه تنتفع من القرآن وتتأثر به وتخشع حين تسمع كلام الله تعالى ومتى ما كانت مقفلة بالمعاصي فانها تمنع تأثير القران فما لجرح بميت ايلام فالقلب الميت الذي قتلته المعاصي وحجبت عنه نور القران ونور الهداية يظل محروما من النور القرآني والهداية الالهيه فلا يتطعم ولا يتلذذ بالقران

ولذا كان الصالحون في كل زمان ومكان تعتريهم لذة عظيمة حين يتلون كلام الله بل انهم يشتاقون ذلك ويحسون بألم كبير حين يطول بهم الوقت عن تلاوته بل كان بعضهم يقوم الليل كله في قراءة اية واحده من كتاب الله وكان بعض العلماء يقعد بعد الفجر يظل يكرر سورة الفاتحة الى طلوع الشمس ويقول هذه غدوتي ولو لم أغدها سقطت قواي)

فالقران مصدر للقوة الروحيه والهداية ومصدر للقوة الجسمية وهذا معروف ومشهور كما ان من وفقه الله تعالى لقراءة كتابه او امتن عليه بحفظ ما تيسر منه فانه يحس في صدره من الانشراح واليقين والثبات ما لا يعرفه الا من جربه وبخلاف ذلك فان البعيد عن كتاب الله وعن تدبر معانيه تصيبه ضيقة في الصدر وانقباض لا يعرف سببه ولا مصدره فان القلب كما ذكرنا لا يحيى الا بمادة حياة وحياة القلوب هو كتاب ربها فانها لا تزال محتاجة اليه مشتاقة له في كل حين ومتى ما ابتعدت عنه جثم الشيطان على القلب وسيطر عليه ومتى ما ذكر العبد ربه وتلى كتابه هرب الشيطان وارتاح الصدر وانشرح وتوسع وأحس بالسعادة والطمأنينة لانه هو مادة الحياة الحقيقية ومنه تستمد القوة والراحه والطمأنينه


والمقصود هنا هو بيان ان الله تعالى حين خلق النفس واوجدها من العدم ركب فيها وغرس فيها القدرة علىا لتفريق بين طريقين وبين سبيلين إما سبيل أهل الايمان او سبيل اهل الشر

ولذا قال تعالى ( قدأفلح من زكاها وقد خاب من دساها) اي ان الرابح الحقيقي والمفلح على وجه اليقين هو من اشتغل بتربية نفسه وتقويم عوجها على صراط الله والتمسك بحبل الله وانتهاج طريقه وان الخاسر الحقيقي هو من اضل نفسه وضل عن طريق الله واتبع هواه واللغة العربية تخبرنا ان التدسيس هو الاخفاء وهنا في الاية نرى ان الانسان اذا دسى نفسه واخفى الخير الذي فيها فانه هو الخاسر وانه سيندم يوم القيامه على هذا الاختيار وسيعلم يومها ان الله تعالى من عليه واكرمه بان جبل نفسه على الايمان واتاح له القدرة على اختيار طريق الحق والهدى ولكنه ابى الا الغواية ولذا قال تعالى ( ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق واالعصيان .....)







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس