عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-03-27, 10:41 رقم المشاركة : 1
nasro6767
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية nasro6767

 

إحصائية العضو







nasro6767 غير متواجد حالياً


افتراضي إصلاح التعليم يبدأ من إصلاح العقول


كتبه: علي الشريمي
إن نظام التعليم مهما تكاملت مكوناته فلن تستقيم في ظل ثقافة منغلقة، تعزز أحادية التفكير، وتعشق البيروقراطية، فالنتيجة سلبية مفادها "لا يكون تعليم فعال مع ثقافة متأخرة"
في أميركا وبالتحديد في الكونجرس تم استدعاء "بييل جيتس" وهو ثاني أغنى شخص في العالم ومؤسس شركة "مايكروسوفت"؛ ليتم النقاش معه حول إصلاح التعليم، وإذا به يتحدث وهو حزين: "إنني أتحدى التعليم الأميركي الآن بإنجاب عقول مبدعة، كالعقول الهندية، والصينية، والباكستانية، والماليزية، إن ما يأتيني منهم أفضل مما يأتيني من أميركا".
إنني أتساءل: لماذا هذا الانزعاج و الحزن الصادر من "بييل جيتس" وخصوصاً أنه يتحدث مع أفضل دول العالم في التعليم؟ لماذا لم يتحدث معهم بلغة طوباوية (لغة البهرجة) مع أنهم يستحقون ذلك الثناء؟ يبدو أن المعيار في المراهنة عند هذا الرجل ليس التصنيف العالمي في التعليم؛ بل المعيار هو التصنيف العالمي للعقول المبدعة والمنتجة، إنهم بهذه الشفافية وبهذه اللغة تقدموا ليحملوا لواء العلم والمعرفة، إن ثقافتهم أولاً وبالذات منصبة على الاهتمام بالفكر الخلاق وصناعة العقول المبدعة، التي بها استطاعوا أن يحققوا هذا النظام التعليمي المتطور الذي تشهده الدول الغربية. إنهم يتعاملون مع العقل بأنه المعادلة الأصعب في بناء كل صناعة حضارية، ولعله أكبر حتى من البترول! هذا الأمر انعكس على وعي الفرد، فالطفل في مرحلته الأولى ومنذ ولادته في الحضانة مروراً بالروضة يُعطى برامج تحفز عقله على التفكير، الأًم هناك تعرف بأن طريق الإنتاج يكون بالقراءة فتقرأ لابنها، المعلمة في مرحلة الروضة تَعلم بأن صناعة العقول تبدأ من المكتبة الصفية، كنت أتساءل: لماذا تم استدعاء "بييل جيتس" في الكونجرس؟ هل لأنه من أغنياء أميركا؟ الإجابة: أن رؤوس الأموال في القطاع الخاص وما فيها من مشاريع تنمية الكفاءات تدعم بنسبة 70% و30% من الحكومة، إنهم في حقيقة الأمر لا يبحثون عن شهادات يزينون بها حوائط منازلهم، بل يبحثون عن عقول يزينون بها إنسانيتهم، فأصبحوا قادرين على تقييم الأفكار النافعة والاستجابة لها، إن الثقافة في المجتمعات الغربية هي الأرضية الصلبة والقوية التي تُقام عليها دعائم البيئة التعليمية ليكون التقدم هو النتيجة الحتمية.
أما في مجتمعاتنا فهناك إيمان كبير بإصلاح التعليم، ولكن: ما هو سر التباطؤ والتثاقل في إصلاح التعليم؛ مع وجود اجتهادات لابأس بها في توفير متطلباتها؛ من ميزانيات عالية تُصرف، ومبان مدرسية تُشيد، واهتمام بكفاءة المعلمين، ومناهج حديثة تم البدء فيها، وموارد خدمية متطورة؟ إنني أعتقد أن البيئة التعليمية بكل ما فيها من نقاط ضعف ونقاط قوة غير كافية من دون أن تُحاط بثقافة تدفع بالإنسان إلى أن يتفاعل معها بشكل إيجابي، بعبارة أخرى إن نظام التعليم مهما تكاملت مكوناته فلن تستقيم في ظل ثقافة منغلقة، تعزز أحادية التفكير، وتعشق البيروقراطية، فالنتيجة سلبية مفادها "لا يكون تعليم فعال مع ثقافة متأخرة"، هناك من يعتقد أن التعليم هو الذي يصيغ العقول ويبني المعرفة في شخصية المتعلم، ولكني أعتقد أن التعليم محكوم بالثقافة والعكس ليس صحيحاً، على طريقة ذلك المدير الذي يخطط لمستقبل إدارته و ثقافته وقناعاته في ذات الحال كلها تتجه بشكل عكسي إلى الماضي السحيق، فمثلاً: المناهج المطورة في مادتي العلوم والرياضيات التي تعتمد على مهارات التفكير، عرف المسؤولون بأن المناهج الأميركية هي الأفضل لاهتمامها بمهارات التفكير فترجموها على الفور، ولكن هل لهؤلاء ثقافة تؤمن إيمانا حقيقيا ومحوريا بأهمية التفكير؟ إذا كانت الإجابة نعم : فلماذا (النسخ واللصق)؟ أين ممارستهم للتفكير هنا؟ أيعقل ألا توجد آية قرآنية في مادة العلوم؟ لننظر إلى مهارة التفكير الناقد، والنقد ليس محبباً في ثقافتنا، هل يستطيع المعلم أن يُعلم هذه المهارة وهو لا يؤمن بالنقد كقيمة حقيقية؟ إن حرية التفكير في التعليم تقف في قبالة ثقافة الاستعباد، في مجتمعاتنا السلطنة ثقافة، المدير يتعامل مع موظفيه وكأنه قائد عسكري أو زعيم سياسي وكاريزما المديرين تفرض هيمنتها على المعلمين، هل يستطيع المعلم أن يُجرد نفسه من هذه الأجواء ويُعلم الطالب حرية التفكير؟ إنني أتساءل: إذا كنا مقتنعين بحرية التفكير كقيمة إنسانية في التعليم فلماذا نتردد في تعليمها كحق من حقوق الإنسان؟ فالتعليم بلا ثقافة إنسانية واضحة المعالم لا ننتظر منه أن يُخرج لنا عقولاً مبدعة ومنتجة وفاعلة في هذه الحياة.


Partager






التوقيع

حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق

    رد مع اقتباس