عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-23, 17:24 رقم المشاركة : 4
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: الشيخ العلامة عبد الله كنون


ولد عبد الله بن عبد الحمد كنون في مدينة فاس بالمغرب سنة 1908م، ونشأ في أسرة مباركة ذات مجد علمي مشهور، فوالده ممن اشتهروا بالتأليف العلمي، وكان له ندوة بمنزله رآها الطفل الصغير، وتأثر بملابساتها، وجده من كبار أساتذة جامعة القرويين، وحين وقع الاستعمار الغربي البغيض على البلاد كالليل الحالك، هاجر الوالد بأسرته من فاس؛
لأن الفرنسيين قد تعقبوا المجاهدين بها تعقبًا ظالمًا، فقتلوا بعضًا، والشيخ الكبير يحب الهدوء بعد حياة طويلة من الكفاح، فهاجر إلى "طنجة"؛ إذ كان له بها نسب قريب، وهي مدينة هادئة لا تترصدها أفاعي المستعمرين.
وفي جو المدينة الهادئ استطاع الصبي الناشئ أن يجد مجالاً للتربية والثقافة، وكان والده حريصًا على أن يورثه علمًا وتأليفًا، فقدر الله أن يرثه ويفوقه، وقد دفعته حماسة الشباب إلى الكتابة مبكرًا في الصحف، ورحبت المجلات شرقًا وغربًا بإنتاجه الفكري، وكانت مجلة الرسالة وهي في صدر المجلات الأدبية بالشرق العربي تحتضن آثاره، وهو في مقتبل عمره؛ لأن حديثه بها عن المتنبي دل على نضوج فكري ملموس!
والرسالة لا تشجع الضعيف، ولا تتجاهل القوي، فكان نشرها مقالات الأديب الناهض "كنون" شهادة علمية بارتقائه، وقد أمدته بثقة تدفعه للأمام، ثم تخطفته المناصب العلمية والسياسية معًا، إذ صار مدرسًا بإحدى الكليات التابعة لجامعة القرويين؛
فرأى فيه التلاميذ مثلاً جديدًا للمدرس المثقف، حين يمزج العلم بالأدب، وينزل إلى مستوى الطلاب، بعيدًا عن غموض الشروح، وثقل الحواشي، وضيق المتون، وكانت صحيفة (الميثاق) المغربية لسان حال جماعة العلماء بالقرويين، فتصدر للكتابة بها، وانتخب رئيسًا لرابطة علماء المغرب على حداثة سنه وعضوًا بمجلس إدارة الجامعة، وعضوًا بالمجلس الأعلى للتخطيط، وسما به الحظ، فكان حاكمًا لطنجة، فقاضيًا كبيرًا، فوزيرًا ناهضًا.. وذلك لم يأت إليه من فراغ، بل بجد متواصل وعمل دائب كان موضع التقدير.
كان حاكمًا لبعض الأقاليم، فقاضيًا لعدة محاكم، فوزيرًا لبعض الوزارات، فرئيسًا لجمعية العلماء القرويين، كل هذه المناصب ذات أعباء شديدة في التنفيذ الفعلي، ولا تقف عند النصح الكتابي.
وجامعة القرويين هي مصدر الأمل المترقب حين تعد أبناءها ليكونوا حملة المشاعل في دياجير الغياهب، والأستاذ عضو بمجلس إدارتها، ورئيس لتحرير صحيفة (الميثاق) التي تنطق بلسان علماء المغرب، وقد درس تاريخ الجامعة دراسة مستوفاة، عرف ماضيها وحاضرها، وأدرك ما بهما من المحاسن والمآخذ، ففي الماضي أوجدت جامعة القرويين أئمة وقفوا أنفسهم على خدمة الشريعة وعلوم اللسان، وطافت لهم شهرة في جميع الآفاق، وقد ألم الأستاذ بشذور من أعمالهم الثقافية فيما كتبه من مقالات تحت عنوان "ماضي القرويين وحاضرها" نشرت بالمجلد السادس من مجلة الرسالة سنة 1938م؛
وقام الأستاذ بتلخيصها في كتاب "التعاشيب"، وإذا كان اهتمام الجامعة بعلوم الشريعة وعلوم العربية مما لاشك فيه، فإن دراسة العلوم الفلسفية بها كانت في حاجة إلى إضاءة نيرة انبعثت من مشعل الأستاذ حين تحدث عن انضمام الأندلس إلى المغرب في أيام المرابطين، فوجد من أساتذة الأندلس من قاموا بالنشاط الفلسفي على أحسن وجه.
تزوج، ولم ينجب، ووقف خزانة كتبه على مدينة طنجة، وكان من أعضاء مجامع اللغة العربية بدمشق والقاهرة وعمان والمجمع العلمي العراقي.
معرفتي به


يقول "د. محمد رجب البيومي":
لقد تعددت رحلات "الأستاذ كنون" إلى "القاهرة"، ليلقي في مؤتمراتها العلمية بحوثه الرصينة، فكان ما يختاره من هذه البحوث ذا صلة حميمة بالمغرب ورجاله، وأذكر أنه في أول مؤتمر شهده لمجمع اللغة العربية قد جعل موضوع حديثه "أثر المغرب في العلم واللغة"، وهو موضوع يحتاج إلى كتاب مستقل لا إلى بحث يلقى في مؤتمر علمي؛
ولكن الأستاذ كنون قد اصطفى من العناصر العلمية ما يشبع السامع ويقنعه مادة وتعبيرًا، فقد أعلن أنه باختياره هذا الموضوع يؤدي واجب التعريف ببلاده ذات المجد الحافل، وبعد أن أفاض في ذكر التقدم الحضاري في المغرب الحديث والقديم قال: "وباستطاعتكم، أيها الزملاء الكرام، أن تذهبوا معي إلى بلادكم المغرب فتشاهدوا بأم العين معالم هذه الحضارة ماثلة أمامكم في أسلوب البناء، وفن المعمار وما يزينه من: زخارف، ونقوش، وتوريق، وتذهيب، وتطعيم".





    رد مع اقتباس