الموضوع: سؤال الانتقاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-02, 21:03 رقم المشاركة : 1
عبد العزيز قريش
أستـــــاذ(ة) مشارك
إحصائية العضو







عبد العزيز قريش غير متواجد حالياً


b3 سؤال الانتقاء


سؤال الانتقاء
لشغل مناصب المسؤولية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني سؤال مشروع
وأنا أطلع على نتائج المقابلات الانتقائية لشغل مناصب المسؤولية في بعض الأكاديميات؛ تساءلت عن الفكر المؤسساتي الضامن لانتقاء الكفاءة والجودة لهذه المناصب من لائحة الترشح؟ حيث أصبح مدخل قبول الملف ضمن شروط الترشح سؤالا جوهريا مطروحا قبل سؤال الانتقاء، وأصبح سؤال مراعاة الدرجة العلمية، والتكوينات المهنية الأساس والمستمرة، والتكوين الذاتي، والإنتاج العملي المنشور وغير المنشور تابعا للسؤال الجوهري. كما أصبح سؤال الخبرة والتجربة في سياق الأقدمية المهنية والزمنية والتدرج المهني سؤالا ملحا رئيسا في الانتقاء فضلا عن ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين ضمن اعتماد لجنة واحدة للمنصب الواحد دون تعددها له، وضمان نفس شروط الانتقاء وسياقه ... أسئلة أساس جديرة بالطرح على الفكر التربوي المؤسساتي الرسمي في شأن الانتقاء الذي يجريه في موضوع مناصب المسؤولية. والتي بدورها تضع على عاتق لجن الانتقاء مسؤولية مصير المرفق العمومي وأثره على الفعل التعليمي/ التربوي المغربي مقابل ضغط الضمير المهني عليها. وتطلب منها الخروج من الذاتية إلى الموضوعية لانتقاء الجودة والكفاءة للمنصب الشاغر. ولا أعتقد أن اللجن؛ المفترض فيها الوعي الاستباقي بمتطلبات المنصب وكفاياته المهنية ضمن محكات مرجعية ومعايير ومؤشرات واضحة ودالة إحصائيا أن تغفل عن تلك الأسئلة أو تتجاوزها، لأنها الحاضن لكل تقدم وتطور للمرفق العمومي. فلا أخال أن العصر الحالي ومتطلباته الوجودية والحضارية بما للحضارة من حضور معرفي وقيمي وأخلاقي ومهاري وكفاياتي وفكري ومهني ... يبعد تلك الأسئلة التي تبقى في ظل النتائج المعلنة محرجة للغاية، خاصة عندما تكون اللجن موسومة بالاحترافية ومشهود لها بالكفاءة العلمية وبالخبرة المهنية وبالبعد الأخلاقي وبالفكر المؤسساتي!؟ حيث يبقى الاستغراب سيد المشهد، وتوارد الأسئلة تتزاحم في السيالة العصبية طارحة للأسئلة الاستنكارية! ويتعقد الفهم ويستعصي على الإمساك والتحكم خاصة في منحى التفسير، وإيجاد الأجوبة الصحيحة والصريحة حول المعطى الموضوعي والقانوني الذي تم به الانتقاء ونتائجه.
كما أستبعد في ظل الفكر المؤسساتي ومعطى عصر الألفية الثالثة أن يقبل الفكر الإداري والتربوي المغربي الرسمي بأي تدخل يشوش على الموضوعية والعلمية، ويشوش على مجموع القيم المهنية والأخلاقية وعلى مجموع الحقوق الضامنة لها. فهو فكر يرقى فوق أي معطى تدخلي سياسوي أو نقابوي أو إثني أو اعتباري لصالح هذا أو ذاك. ومن ثمة يستبعد المتتبع والمهتم والمشارك في هذه العملية أي خرق يعكر صفو مائها. لكن تظل في إطار قصور العمل الإنساني بالطبيعة ورود بعض الطفرات من حين لآخر. فتستدعي المناقشة والمقاربة حتى لا تتكرر وربما تتم المراجعة في إطار من النقد الذاتي أو نذهب في الطرح إلى أقصاه بأن نرسخ قيم العدالة وقيم الحق بالالتجاء إلى القضاء الإداري للطعن في النتائج من باب ترسيخ الفكر القانوني والحقوقي والعلمي والموضوعي والمنطقي لدى الفكر المؤسساتي ولدى المجتمع المهني. والتقاضي هو أحد العناوين الكبرى الدالة على دولة الحداثة ودولة الحق والقانون والواجب. وليس من العيب الدعوة إلى الالتزام بالعدالة وتكافؤ الفرص والمنصب للكفاءة المستحقة والجديرة به. وليس لغيرها من الهشاشة المهنية نتيجة هذا المعطى أو ذاك الخارج عن إطار العدالة والحق والكفاءة والجدارة والاستحقاق.
فالمتتبع لنتائج الانتقاء لبعض مناصب المسؤولية في الأكاديميات ليجد ثقوبا متعددة لا تسدها سوى الأسئلة المشروعة. وهي تستوجب الجواب حتى يجد الإقصاء عن المنصب الأسباب الموضوعية والحقيقية التي أدت إليه لأجل مراعاتها في تطوير الممارسة المهنية وكفاياتها الذاتية بغية تجاوز أسباب الإقصاء في مقبل الانتقاء، وحتى يرفع الإقصاء من حظوظه في القبول في أي ترشح مقبل. وأما أن تعلن النتائج في غياب نشر ـ على الأقل ـ النقط المحصل عليها في مفاصل المقابلة. فذلك غياب للشفافية التي يستدعيها الوضع الحالي للمغرب في ظل الدستور الجديد. ويبقى الوحي بأن دار لقمان مازالت قائمة وفق قديمها شكلا ومضمونا مع هذه النتائج الغير مبررة موضوعيا وعلميا. وهنا أقترح أن يذهب إلى التباري الكتابي والشفهي لتولي مناصب المسؤولية أفضل من الانتقاء بالشكل الحالي لأن الذاتية تطغى على بعض مفاصله وتشده إلى الخلف. في حين يتطور الفكر المؤسساتي ويتقدم إلى الأمام بسنوات ضوئية فتحدث الثقوب كونية الفاصلة بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون!؟ والانتقاء بهذه المنهجية أظهر في ممارسات مهنية عدة نتائج سلبية على المرفق العمومي. وخلق مشاكل وإشكالات قانونية معقدة وجلب متاعب للمهنيين إضافية. ولعل ما تعيشه المنظومة التربوية والتكوينية من تخلف ونكوص في السيرورة والمنتوج والإنتاج والحصاد مع عقليات متحجرة ومستحثات تدبيرية من حفريات التربية والتكوين لدليل قاطع على خطإ المنهجية المتبعة في الانتقاء. وتحضرني هنا تدخلات سياسوية ونقابية في اختيار المدبرين أسقطت مؤخرا كفاءات من مناصبها ورفعت غيرها من الهشاشة المهنية إلى مناصب المسؤولية وهي غير قادرة على تدبير شؤون المنصب.
نتيجة معطى الانتقاء وجب القطع النهائي مع الصيغة الحالية في الانتقاء والذهاب إلى منهجيات جديدة ضمن أطر علمية دالة على الكفاءة والجدارة والتجربة والخبرة لا على العكس من ذلك ( اعتماد الروائز ... مثلا ). فمثلا؛ أجد الانتقاء الحالي اختار هشاشة مهنية زمنية لا تتعدى حياتها المهنية رؤوس أصابع اليد، وبذلك تعتري حياتها هشاشة معرفية بالقوانين والتشريعات المؤطرة للفعل التعليمي المغربي، وبالديداكتيك، وبالمتن التعليمي، وبالمستجدات التربوية، وبالسياسة التعليمية فضلا عن الفلسفة التربوية والتواصل... وهذه الهشاشة تمتد إلى البعد المهاري والخبراتي، وتتجمع عند تدبير المرفق العمومي، وستثبت الأيام مدى خطإ المنهجية الحالية في الانتقاء مع النتائج السلبية التي تحصلها المنظومة التربوية والتكوينية يوما بعد يوم، وسنة بعد أخرى، وعقود بعد رديفاتها. فنحن في ألفية تتطلب الارتقاء بمنهجية الانتقاء إلى العلمية بما فيها من موضوعية والابتعاد عن الذاتية، التي ما جلبت للمنظومة إلا القيم السلبية والنتائج الكارثية ...
وهذه الورقة هي نقد مطروح على الفكر المؤسساتي التربوي الرسمي لمراجعة ذاته في ظل الدستور الجديد الذي يلح على قيم الكفاءة وتكافؤ الفرص والعدالة والمساواة أمام القانون بما يضمن الأحقية للكفاءة المهنية. وهي لا تواجه أحدا في شخصه وإنما تواجه الممارسة والفعل في مستواه المجرد المصورن الذي يشكل موضوعا معرفيا للمقاربة. وبذلك يمكن الانطلاق من نتائج الانتقاء لمراجعة منهجية هذه الانتقاء. وبالتالي؛ لا يمكن القبول البتة بتداول الهشاشة واستنساخها وإعادة إنتاجها تحت دفوعات غير منطقية وغير موضوعية وغير علمية في زمن نطلب فيه الإصلاح والتطوير والتجديد. فنكون أمام النقيض من ذلك تماما إن قبلنا بالهشاشة. والله المعين.
عبد العزيز قريش





    رد مع اقتباس