عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-26, 09:15 رقم المشاركة : 15
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: حصرى على منتديات الأستاذ:يوميات أستاذ


كعادته ...يجلس في الطاولة الأخيرة من الصف الأخير من القسم
جلال:تلميذ هادئ...صامت طوال الوقت
لا يشارك في بناء التعلمات وكأنها لا تهمه في شيء...
لا يتفاعل مع الدروس وكأنها آخر هم له في الحياة...
ولكنني أبدا ما فكرت يوما أن أستنطقه أو أضغط عليه لأنه مهما سلبيته فهو شديد الإحترام لأستاذته،لم يصدر منه يوما ما يغيظني أو يقلقني أو يهزني...

ذات صباح وبينما تلاميذ القسم يرفعون الأصابع والاصوات طأستاذة أنا ...أستاذة أنا..."الكل متلهف لأن تصيبه عيوني وإشارة مني فيكون محظوظا ليقرأ نص الإنطلاق أو ليجيب عن سؤال و يشارك في بناء الدرس ...بينما القسم يعج بالحركة إذا بتلميذ يرفه أصبعه ويومئ لي برأسه تجاه جلال.

اقتربت من طاولته لأجده مستلقي الرأس على الطاولة ...ماذا به؟
أجاب زميله :إنه نائم يا أستاذة...
تلميذ نائم في القسم...عجبا،كيف يحصل هذا و أصوات زملائه تتقاذف وترن لتتجاوز حود القسم ؟
ما قصة جلال ؟؟؟
انتابني خوف من ذلك السلوك...هل هو مريض ؟هل هو تحت تأثير مخدر؟ هل لديه مشكل حرمه من النوم في البيت؟؟؟
أسئلة تتلاعب في عقلي ولم أستطع لها جوابا.
اضطررت أن أوقظه من نومه...أفاق من نومه على وقر صوتي الممزوج بالخوف والحذر.
(عذرا أستاذتي غفوت ولم أنتبه ولم أسمع صوتك )..
كلماته ردت في الروح بعدما تيقنت أنه بخير ولم يصبه أذى ،ولكنها لم تشف غليلي...ما سر هذه الإغفاءة بل النوم الثقيل؟؟؟

لم أتمالك نفسي حتى أخصص له حصة استماع بعيدا عن التلاميذ...لم أصبر ،ولم أملك حتى كبت سؤالي فخرج من بين شفتي كأنه الصاعقة نزلت عليه: ألم تنم في بيتك ؟

أجابني على استحياء...وبصوت خافت...لم أنم منذ فترة يا أستاذتي...
وأين قضيت ليلتك ؟أجاب مطأطئ الرأس:
في الديوانة

الديوانة...قد لا تعرفون معناها أيها الأعزاء
الديوانة:هي حدود المغرب مع المستعمرة الإسبانية مدينة سبتة

بات جلال في الديوانة لأنه يشتغل في تحميل السلع المهربة من باب سبتة نحو مدن المغرب. يبيت هناك في انتظار غياب الجمارك عن أعيتهم حتى يتسنى لهم تهريب السلع التي استؤجروا لتهريبها...
يمضي جلال هناك ليلة أو ليلتين أو أكثر حتى تنفرج الأحوال ويتمكن من تهريب سلعته ويمر الحدود بسلام...
ليلة صعبة كهذه ...يتبعها حضور مدرسي في الثامنة أو العاشرة حسب استعمال الزمن.

آنذاك فهمت أن جلال مقعد الأب ،وأمه المريضة التي كانت تعول الأسرة أصبحت عاجزة عن العمل كخادمة في البيوت،مما اضطره للخروج للعمل وتوفير سبل العيش لأسرته...ولكنه يحلم أن يكون متعلما ...
قال لي بالحرف الواحد: لا أريد وظيفة ولا أحلم بها فهي صعبة المنال بل مستحيلة...ولكنني لا أريد أن أكون أميا في هذا العصر.

كان يوما صعبا يا أحبتي...بلعت ريقي لأجد المرارة تعتلي حنجرتي من هول الموقف.

فسلام عليك يا بطل الأسرة...جلال
وإنني لأتساءل...كم جلال عندنا في الأقسام يبيتون ليلهم في العمل ليلتحقوا نهارا بالمدرسة؟؟؟








التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس