عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-25, 09:48 رقم المشاركة : 4
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


تغنى الشعراء الأندلسيون بالأندلس وحسنها لزمن طويل، لكن بدأت بوادر الفرقة تظهر، وبدأ التنازع على الملك يضعف الدولة مما دفع النصارى إلى احتلال أراضي المسلمين شيئا فشيئا.

وأخذت المدن الأندلسية تسقط في أيديهم تباعا. وقد ذكر الكثير من الشعراء في شعرهم حالة الفرقة التي أصبح عليها المسلمون في الأندلس. وكما قال الشاعر المصحفي:


مما يزهدني في أرض أندلس ** أسمــاء معتضدٍ فيــها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها ** كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

فقد كان الملوك الذين أتوا بعد الأمويين ضعافا، وزاد من ضعفهم تعاونهم مع النصارى ضد إخوانهم. فقد كان أحدهم يستنجد بالمسيحيين في حربه مع أحد الملوك الآخرين من ملوك الطوائف. وكان هذا أحد أسباب سقوط الدولة.

وقد وثق الشعراء لتلك الأحداث في قصائد بقيت شاهدة على ذلك الجرح. فما حدث للأندلس ليس مجرد سقود دولة بالمفهوم السياسي، بل كان سقوط نموذج حضاري وما يحمله من ثروة معمارية وعلمية وأدبية...

ومن بين المدن التي دخلت المعاناة مدينة قرطبة. وقبل سقوطها النهائي، لمس الشاعر ابن شهيد خطورة ما كان ينتظر تلك المدينة الغنية بعلمائها ومساجدها، فأنشد:

ما في الطلول من الأحبة مخبـر ** فمن الذي عـن حالهـا نستخبـر
لا تسألن سـوى الفـراق فإنـه***** ينبيك عنهم آنجـدوا ام أغـوروا
جـار الزمـان عليهـم فتفرقـوا ***** في كـل ناحيـة وبـاد الأكثـر
جرت الخطوب على محل ديارهم ***** وعليهـم فتغـيـرت وتغـيـروا
فدع الزمان يصوغ في عرصاتهم ***** نورا تكـاد لـه القلـوب تنـوّرُ
فلمثل قرطبـة يقـل بكـاء مـن ***** يبكـي بعيـن دمعهـا متفـجـرُ
دار أقـال الله عـثـرة أهلـهـا ***** يبكـي بعيـن دمعهـا متفـجـر
و القصر قصر بني أمية وافـر ***** من كل أمـر والخلافـة أوفـرُ
و الجامع الأعلى يغص بكل مـن ***** يتلو ويسمع مـا يشـاء و ينظـرُ
و مسالك الاسواق تشهـد أنهـا ***** لا يستقـل بسالكيهـا المحـشـرُ
يا جنّة عصفـت بهـا وبأهلهـا ***** ريح النوى فتدمـرت وتدمـروا
آسي عليك من الممات وحق لـي ***** إذ لم نزل بك في حياتـك نفخـرُ
يا منـزلا نزلـت بـه وبأهلـه ***** طير النـوى فتغيـروا وتنكـروا
حزني على سرواتهـا ورواتهـا ***** وثقاتـهـا وحماتـهـا يتـكـررُ
نفسـي علـى آلائهـا وصفائهـا ***** وبهائهـا وسنائـهـا تتحـسـرُ
كبدي علـى علمائهـا حلمائهـا ***** أدبائـهـا ظرفائـهـا تتفـطـر

كان ذلك ثلاثة قرون قبل سقوط المدينة بصفة نهائية. وقد كان سقوطها زلزالا مدويا لما كان لها من مكانة وأهمية علمية وعمرانية.





    رد مع اقتباس