عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-23, 11:18 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي وقفات مع الشعر والتاريخ


الشعر ديوان العرب. وفي الأزمنة المتأخرة، أصبح الشعر تأريخا لحياة العرب. بل في أحيان كثيرة، يكون الشعر بجماليته ورقته أبلغ من التاريخ بصرامة أسلوبه وجفافه في إيصال أهمية الحدث إلى المتلقي.


الحدث هنا هو الأندلس وسقوطها، والشعر أرخ لذلك في قالب كله لطف وحنان وصدق يحسهم القارئ، ممزوجين بكثير من الأسى والحزن في كل قصيدة وفي كل بيت. و كيف لا، والأندلس هي الفردوس المفقود، وهي التجربة المضيئة التي قل مثيلها، وهي أيضا قمة المرارة التي يمكن أن يشعر بها أحد وهو يتأمل أمر الله وحكمته في انهيار دولة رائعة ضائعة. ولعل الذين سكنوا قصور قرطبة لم يزينوا عبثا جدران قصورهم بعبارة تكررت مرات: "لا غالب إلا الله"، "لا غالب إلا الله".


لقد تكلم الشعراء كثيرا عن الأندلس وجمال مدنها وأكدوا ما رواه المؤرخون. فقد ذكروا أن الأندلس كانت جنة خضراء، ولم يكن المسافر يحتاج إلى أخذ زاده معه إذ كانت الطرق بين المدن كلها بساتين وعيون ماء. وكما قال الشاعر ابن سفر المريني:


فِي أَرْضِ أَنْدَلُــسٍ تَلْتَــذُّ نَعْمَــاءُ ّ***** وَلا يُفَارِقُ فِيهَا القَلْبَ سَرَّاءُ
وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا بِالعَيْشِ مُنْتَفَعٌ***** وَلا تَقُومُ بِحَقِّ الأُنْسِ صَهْبَاءُ
وَأَيْنَ يُعْدَلُ عَنْ أَرْضٍ تَحُضُّ بِهَا***** عَلَى المُدَامَةِ أَمْوَاهٌ وَأَفْيَاءُ
وَكَيْفَ لا يُبْهِجُ الأَبْصَارَ رُؤْيَتُهَا***** وَكُلُّ رَوْضٍ بِهَا فِي الوَشْيِ صَنْعَاءُ

أَنْهَارُهَا فِضَّــةٌ وَالمِســْكُ تُرْبَتُهَا***** وَالخَزُّ رَوْضَتُهَا وَالــدُّرُّ حَصْبَاءُ


هذه هي الأندلس، جرح المسلمين الذي يأبى أن يندمل. عاشت فترة من القوة والمهابة، لكن أخذ الضعف يسري إليها بفعل الأخطاء القاتلة.


تجربة الأندلس تستحق الدراسة والتأمل والبحث. لأن فيها تتجلى قدرة الخالق وسننه. "قد خلت من قبلكم سنن، فسيروا في الأرض فانظروا". هي دعوة للنظر، عسانا نستجيب.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس