عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-29, 09:56 رقم المشاركة : 21
عبد الكريم فكري
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







عبد الكريم فكري غير متواجد حالياً


افتراضي رد: النص الكامل للحوار الهام للمفكر عبد الله العروي حول صراع الدارجة والعربية


حاول السيد نور الدين عيوش أن يدفع عنه من خلال المناظرة “تُهمة” تدخل الملك محمد السادس في “مبادراته” وقال أن الملك صديقه فحسب.
لستُ أدري ماذا يحسب “عيوش” الذين استمعوا إليه وشاهدوه وهو يُنافح بغيرما قدرة على الإقناع، عن فكرة “الهبوط بالتعليم إلى التدريج”.. فهو في المكان المناسب لمعرفة أن الملوك، والسياسيين عموما في مراكز القيادة، لا أصدقاء لهم بالمعنى الاجتماعي للصداقة. فلو انتفت صفة المُلك عن هذه “الصداقة” ومهنة “الدعاية” التي يُمارسها “عيوش” لفوجئنا، ربما، أن لا صداقة “مُقدرة” بين الإثنين، وربما التقيا ليتنافرا وليس ليتصادقا!
صفة “الصداقة” بين الملك وعيوش “مشروطة” ولا يُمكن لهذا الأخير، أن يُقنعنا مثلا أن “مبادرته” (دابا 2007) التي سارت بذكر فشلها الركبان، كانت لوجه الصداقة فحسب. لنسأل سي نور الدين عيوش: هل صرف على “مبادرته” الفاشلة من جيبه الخاص، إكراما للصداقة التي تجمعه بمحمد السادس؟ طبعا لا. إذن فهي صداقة مصلحة بين ملك دعا المواطنين والمواطنات للمشاركة بكثافة في انتخابات 2007، واحتاج الأمر إلى دعاية من فاعل متخصص في هذا المجال، فكانت “الصداقة” بين الطرفين. صداقة المصلحة.
إن إلحاح السيد “عيوش” أكثر من مرة على “إشهار” صداقته بالملك دون أن يجد مَن “ينهاه” عن هكذا تبجح يضر أكثر مما ينفع، ويُلقنه أن “صداقة” النافذين لا تُعلن على الملأ لتحتفظ حقا بمعنى هذه العلاقة الإنسانية الأثيرة.. إلحاحه ذاك يزكي انطباعا يُتحدث عنه همسا، من أغلب المعنيين بتداول الشأن السياسي لبلادنا، مفاده أن هذا الشأن يتم تدبيره بموجب علاقات “صداقة” تُختار فيها أهم قرارات البلاد، فباسمها (الصداقة) دعا “نور الدين عيوش” نافذين في الدولة لحضور ندوته “الدولية” حول موضوع التعليم كان من بينهم “صديق” الملك فؤاد علي الهمة والمستشار الملكي عمر عزيمان وآخرين، ليتطور النقاش في الموضوع إلى ما وصل إليه حاليا، من كشف فاضح لضحالة طرح اعتماد الدارجة في التعليم، كما عبر عنه الفاعل الجمعوي “عيوش” بمُناظرة أمس في القناة الثانية.
ضحالة في الطرح كشفت عن أزمة حقيقية في تدبير أحد أخطر شؤون البلاد، إذ كيف يُمكن للمرء أن يهضم مثلا، دعوة إلى اعتماد اللهجة الدارجة في التعليم، دون إشراك إثنى عشر متخصصا في فروع عِلم اللغة والتربية؟ و كيف يُمكن ردم هوة العزلة التعليمية المغربية، عند اعتماد الدارجة، عن المحيط التعليمي العربي وقِوامه 300 مليون نسمة؟ كما عبر عن ذلك ذ العروي، وغيرها من الأسئلة التي لم يجد لها “عراب” الدارجة “عيوش” أجوبة مُقنعة اللهم ”الدارجة Ooooh la la “.
الأمر جلل إذن، إذ ثمة أوراش كبيرة يتم التقرير فيها بهكذا ضحالة، لمجرد أن هناك نافذين، قريبين من الملك بصفة “الصداقة” أوغلوا فيها في غفلة من أي حسيب أو رقيب.
باسم علاقة “الصداقة” بالملك تُدار ملفات في الخفاء، كما هو شأن الميزانية السنوية للبلاد، التي “رُفعت” من طاولة الحكومة وُوضعت تحت أنظار لجنة متخصصة، ترفع تقاريرها للملك، ثم تُحال على الحكومة لقراءتها في البرلمان.
باسم نفس الصداقة يُفعل بالأحزاب الأفاعيل حتى غدت أشلاء سياسية تثير السخرية قبل الرثاء.
وقس على ذلك في أكثر من مجال.
إن للمغرب دستورا “جديدا” منذ نونبر 2011.. نص على أن تولي المسؤولية مقرون بالمراقبة والمحاسبة، وبطبيعة الحال فإن ضعف وجبن الكادر الحكومي ممثلا في رئيسها “عبد الإله بنكيران” أتاح نفس الفراغ السياسي والتدبيري الذي تملأه “الصداقة” الملكية، بيد أن ضحالة التدبير تحت هذه اليافطة أصبح مثار تساؤلات وإن كانت هامسة، نظرا لجبن وانتفاعية النخبة السياسية والفكرية ومحدودية فعل رأي عام ما زال في طور التشكل.
غير أن ذ عبد الله العروي أكد بالأمس أنه بالرغم من هذه الشروط التعجيزية، لا يُمكن المُقامرة بورش خطير مثل التعليم، وقد كانت إشارة ذ العروي إلى مُناقشته لموضوع “التعليم بلغة الأم” في كتابه الصادر منذ بضع سنوات قليلة تحت عنوان “ديوان السياسة” ذكية جدا سيما حين شفعها بهذه الملاحظة: “لا أحد التفت إلى ما كتبته في الموضوع”!
إنها شكوى رجل أكاديمي لا يتحدث من موقع “صداقة ملكية” أو غير ملكية، بل من مكانه كباحث متخصص، وهنا لا بأس من الإشارة إلى نفس الخطأ الذي ارتُكب في حق ذ عبد الله العروي أيام ما أصبح يُعرف ب “سنوات الرصاص” ما زال ساري المفعول، ومنه مثلا أن الراحل الحسن الثاني كان كلف سنوات السبعينيات ذ العروي بإنجاز بحث في موضوع “اللامركزية” تطلب من المُكلف سنوات من البحث، خَلُص في ختامه إلى أن النموذج الأمثل للاقتداء في موضوع تجربة اللامركزية هو نموذج المقاطعات (comptés) السويسرية.. تسلم الحسن الثاني بحث العروي بخلاصته وأودعه الرف، واعتمد ما أشار عليه رجل أمن اسمه إدريس البصري” في نفس الموضوع.
وإذا كان ذ العروي قد التزم الصمت حينها، كما فعل بشأن أمور كثيرة مصيرية، فلا يُمكن أن نلومه على ذلك، لأنه ببساطة رجل فكر بالدرجة الأولى، يحترف القرائن العلمية وتحليلها وإيجاد روابط منطقية بينها، ومن حقه أن يختار متى يتحدث والموضوع الذي يتحدث فيه، في ظل شروط سياسية خبرها جيدا، ووعى أنه لا يستطيع تجاوزها. ذ العروي لم يدع أبدا أنه مُناضل لا يُشق له غبار في مواجهة السلطة السياسية. إنه عالم مُحترف يؤدي عمله باحترافية وهذا جهد كبير في واقع ضحل.
يتم حاليا رفع الضحالة ملكيا، باسم “الصداقة” الملكية، ليتوارى الأداء العلمي الميداني، وقد عبرت حلقة أمس من برنامج “مُباشرة” معكم أيما تعبير عن هذا الحال






    رد مع اقتباس