عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-27, 16:52 رقم المشاركة : 1
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

lesson رقصة الهيت بجهة الغرب .


رقصة الهيت



ظاهرة الهيت هي رقصة شعبية معروفة في منطقة الغرب على العموم وفي مدينة مشروع ابن القصيري على الخصوص وفي كل المناطق المغربية بصفة أعم، وإن كانت تختلف- نسبيا- من منطقة إلى أخرى على مستوى الحركات والوسائل الموسيقية المستخدمة لتحقيق أهداف هذه الظاهرة /الثقافية والتراثية الشعبية البدوية. وهكذا نجد في لسان العرب لابن منظور الجزء السادس ص 4732 :« هيت معناه: هلم ،هلم! وهلم تعال، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر، إلا أن العدد فيما بعده، تقول: هيت لكما، وهيت لكن».
وإذن، فإذا كانت سياسة التهميش والاستنزاف –أصبحت تشكل خطرا على واقع المجتمع البدوي ،فإن الثقافة البدوية الشعبية، بما في ذبك رقصة الهيت التي تهمنا في هذه القراءة، لم تسلم هي الأخرى من ذلك، وقد كان هذا عاملا من بين العوامل الأخرى، لمحاولة تغييب هذه الرقصة الشعبية التي لها دلالاتها العميقة على مستوى السوسيوثقافي والانتربولوجي واللسني/التواصلي كما سنرى.
إن رقصة الهيت في منطقة الغرب قد شكلت إحدى الوسائل التواصلية التي مارس من خلالها سكان هذه المنطقة – على سبيل المثال – تأثيرهم في الحياة الاجتماعية البدوية بشكل عميق هادفين من وراء ذلك، المحافظة على استمرار الثقافة الشعبية والتراث الشعبي البدوي بصفة خاصة والمغربي بصفة عامة ... في جوانبه التعبيرية الإيجابية الهادفة إلى تحقيق الوحدة والتعاون والتضامن في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية..الخ، ذلك، أن هذه الرقصة ( الهيت) تستمد مشروعيتها وأصالتها من التراث المغربي الأصيل ومن الثقافة الإنسانية التي تعتبر محتوى عاما وأساسيا للعلاقات الإنسانية والاجتماعية المتنوعة والمتعددة. وبذلك تكون هذه الرقصة هي إحدى المظاهر والعناصر التراثية التي ينبغي المحافظة عليها، وإن تطلب الأمر، إلى تطويرها وتجديدها إلى ما هو إيجابي أكثر مما كانت عليه في السابق.!.


وانطلاقا مما قلناه، عن رقصة الهيت باعتبارها إحدى القنوات التي تصب في التراث، فإننا لم ننف عنها البقاء والاستمرار في الحياة الإنسانية والاجتماعية الثقافية والحضارية والفكرية داخل المجتمع البدوي بصفة خاصة والمجتمع المغربي بصفة عامة، باعتبارها كانت– ولازالت نسبيا- ممارسة فعلية ونشيطة، بالنسبة لسكان الغرب على الخصوص، ولمناطق أخرى مغربية على العموم.
وإذا كان واقع المجتمع البدوي الغرباوي، هو الإطار العام، لهذه الظاهرة /الرقصة ولغيرها من الظواهر والمظاهر والطقوس...إلخ- كما سنرى- فإن الباحثين والدارسين المهتمين بالتراث المغربي عموما والتراث البدوي الشعبي، خصوصا، سيجدون بأن رقصة (الهيت) قد مورسن بشكل مكثف من طرف هذه المنطقة الغرباوية، لأنها ترتبط بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية والحيوية..الخ. وهذا ما يعطي لهذه الظاهرة قيمتها العميقة والمعمقة، مما يجعل الباحثين والدارسين المهتمين بمثل هذه الظاهر،أمام حقائق تستحق الإهتمام نظرا لارتباطها بالواقع المعيش الذي يعتبر مجالا خصبا لكل دراسة واعية وهادفة إلى معرفة بنية المجتمع البدوي المؤسسة على مجموعة من العلاقات والظواهر والمظاهر ، الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية..الخ.


إننا لا ندعي في هذه القراءة إعطاء رقصة / شطحة، الهيت تعريفا شاملا ومانعا يحيط علما «كليا» بهذه الظاهرة الإنسانية والاجتماعية والثقافية الشعبية المتنوعة والمتشعبة التكوين، بقدر ما سنعمل على ملامستها كظاهرة قائمة في واقع المجتمع البدوي الغرباوي كما كانت تمارس بكثافة ولازالت تمارس بكيفية أقل مما كانت عليه في الماضي القريب. ومن غير مبالغة، فإن هذه الرقصة الشعبية كانت لها مكانتها وقيمتها في الذاكرة الشعبية البدوية، يحبها ويعرفها ويمارسها.. الكبار والصغار نساء ورجالا وأطفالا، لأنها كانت إحدى الوسائل الهامة في أنشطة البادية حينما ينتهي سكانها من العمل وبالأساس من الحصاد وجمع الحبوب والتبن.. الخ فتقام الأعراس التي تعتبر الإطار العام لظاهرة الهيت المتجسدة في حركات جسمية جميلة تتسم بالخفة وإثارة الإنتباه والأنظار من طرف الممارسين لها الذين يؤدونها بكيفية جماعية وبفنية رائعة تزيدها الفرقة الموسيقية المتكونة في الغالب، من عازفين على الغيطة وضاربين على الطبل، بالإضافة إلى مجموعة من المتخصصين بالضرب على البندير أو (الدف) والمقص والتعريجة منظرا أجمل ومتعة أروع هذه الظاهرة/ الرقصة تتكون في الغالب كذلك، من مجموعة من الناس الراقصين يتوسطهن رجل عارف وتمكن من قوانين فن اللعبة يتحكم بإشارة رمزية في مجرى الحلقة المتكونة من العازفين والراقصين هذه الرقصة التي تتشابه مع رقصات شعبية مغربية أخرى، تتميز بتميز المناطق والعادات والتقاليد المغربية.


هكذا يمكننا الحديث بإسهاب عن وجود هذه الرقصة الشعبية من مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفولكلورية وغيرها.ولا شك أن الاهتمام بهذه الجوانب المتعددة والمتنوعة في الواقع الغرباوي. والعمل على قراءتها بتعمق وتحليلها بدقة وتمعن سيساعدنا على استخلاص مجموعة من الحقائق الهامة للتقرب من معرفة الواقع الغرباوي البدوي – نسبيا – الذي يعتمد في حياته العامة على العمل الجماعي وعلى التعاون المشترك وعلى ربط العلاقات المتينة للسكان الذين يتكونون في الغالب من قرابة دموية أو قبلية أو عائلية أو اجتماعية.. الخ. كما يبدو واضحا في (بلاد الجموع) وكذلك من خلال رقصة الهيت المتميزة والمثيرة هذه الحركات المعتمدة على حركة الكتفين بالأساس وكذلك على اليدين والرأس وحركات الرجلين والردفين...الخ.


هذه الرقصة كما قلنا، تكون على شكل دائرة يتحكم في شكلها عدد من المتفرجين والراقصين فالدائرة تكون كبيرة إذا كان العدد كبيرا وإما أن تكون متوسطة أو صغيرة تبعا لجمهور الحاضرين من الناس كما يسودها منطق النظام المحكم والهدوء والتفاهم والتعاون حتى يتم العرس أو الحفل في جو هادئ وممتع جو لحظات التناسق والتفاهم بين الراقصين والعازفين من جهة، وبين الراقصين الذين يكونون الدائرة والموجودين داخلها من جهة ثانية. وهذه الحقيقة تعكس أهمية خصوصية الحياة العامة التي يتميز بها واقع المجتمع البدوي بصفة عامة وواقع المجتمع البدوي الغرباوي بصفة خاصة.


إن الحديث عن رقصة الهيث في غياب الجوق الموسيقي الذي تحدثنا عنه، لا يمكن أن يؤدي مهمته الإيجابية والهادفة إلا بتوفير مجموعة من الشروط ذلك لأن الأدوات والآلات الموسيقية النابعة من الواقع البدوي ومن مزاجه المشترك هي التي تؤطر هذه الرقصة البدوية الشعبية وتعطيها مدلولها المتنوع الأهداف والأغراض. من هنا تبدو أهمية الجوق الموسيقي والموسيقى المتناسقة مع الرقصة في شكل علاقات جدلية نشيطة وحميمية وهادفة لأن الموسيقى هي الأخرى، تعتبر جزءا لا يتجزأ من ثقافة الشعوب، لأنها تعكس حياة الواقع الإنساني والاجتماعي المتحرك باستمرار ومن غير شك، فإن نغمة الغيطة تتناغم مع دقات الطبل والبندير والتعريجة والمقص بطريقة مثيرة وجميلة، كما نلمس ذلك أثناء الفرجة، والأجمل من ذلك، كما نرى، هو حصول التناسق الجدلي بين النغمة الموسيقية والراقصين، بطريقة تدل على مدى الانسجام المنظم الحاصل بين العازفين والراقصين، في أبهى صور واقع المجتمع البدوي، لاسيما في الليل حين يحلو السهر والسمر..في المجتمع البدوي الجميل.


أن رقصة الهيث، انطلاقا من التصور الذي تحدثنا عنه، تمثل في نظرنا إحدى الرقصات الشعبية الفرعية في المجتمع المغربي،ذلك لاقتناعنا وإيمانا بوجود رقصات شعبية تشبهها من جهة وأخرى تختلف عنها من جهة أخرى. وهذا تأكيد على التنوع الموجود في الثقافة العامة لكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية.


لكننا حينما نتحدث، هنا، عن رقصة الهيت فإن حديثنا بنصب في عمقه على واقع المجتمع البدوي الغرباوي، الذي يمارس هذه الظاهرة الاجتماعية والتراثية والفنية – التي كانت تؤثر حتى في واقع المدن –بطريقته الخاصة، من أجل تحقيق الأبعاد والأهداف المتوخاة تحقيقها.ونظرا لأهمية ظاهرة الهيث في الواقع البدوي الغرباوي، ولتوضيح ذلك أكثر، يمكن القول بأن هذه الظاهرة تشكل العناصر المشتركة لثقافة هذا الواقع كما سنرى.






التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2013-11-27 في 16:55.
    رد مع اقتباس