عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-22, 09:31 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي حيرة الدخول المدرسي


حيرة الدخول المدرسي

ما إن شرب الصائمون ماء شوال وتبادلوا تهاني العيد حتى لاح في الأفق القريب خيال ضيف راتب لايخطئ موعده السنوي؛إنه الدخول المدرسي الجديد الذي يتموقع تقريبا على نفس المسافة الزمنية بين العيدين الرئيسيين عند المغاربة، الفطر والأضحى. فبعد عطلة صيفية لم تسعف الكثيرين في أخذ قسط من الاستجمام لتزامنها مع شهر رمضان وعيد الفطر وما يطبعهما من مصاريف، تحول الاهتمام سريعا نحو موضوع الدخول المدرسي ومتطلباته، في انتظار حدث آخر لايقل أهمية عن سابقيه، وهو عيد الأضحى.....
إن هذا الضغط المادي الذي أنهك كاهل الأسرة في مدة زمنية كهذه، واقترانا بعوامل أخرى، قد ولد نوعا من الحيرة والارتباك في التعاطي مع هذه المحطة المهمة من الموسم الدراسي؛خاصة في ظل تنامي الوعي والاهتمام بالشأن التربوي لدى شرائح كبيرة من المجتمع، كمؤشر دال على مكانة التربية والتكوين وقيمة المؤسسة التعليمية بين باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
وبالرغم من المجهودات المسخرة(مليون محفظة- الإيواء-الإطعام المدرسي-النقل المدرسي) لإنجاح انطلاقة الموسم الدراسي الجديد، والتي لايمكن إنكارفضلها، فإن جلباب الحيرة يظل واسعا ومطاطا بحيث يشمل الجميع، تلاميذ وآباء، إداريين ومدرسين، أسرا ومؤسسات...كما تزداد هذه الحيرة وتنقص باختلاف وتفاعل العوامل الاجتماعية والاقتصادية كالوسط والمستوى الثقافي والانتماء الاجتماعي، وعدد الأبناء المتمدرسين واختلاف أسلاكهم التعليمية ...فإذا كان هم الأسرة الميسورة مثلا هو حسن اختيار المؤسسة الخاصة اللائقة من بين المؤسسات التي تنتشر في الحواضر، واختيار أحسن الأساتذة لتأمين الساعات الإضافية لأبنائها، فإن الأسرة المعوزة تحصر حلمها في ضمان مقعد للدراسة بأقل جهد وكلفة ممكنين، وإذا كان هم أستاذ الوسط الحضري التخلص من الاكتظاظ داخل الفصل، فأستاذ العالم القروي يمني النفس بانتقال يريحه من تعب التنقل اليومي لمسافات طويلة(لانافيت)، وقبل ذلك بتوقيت عمل مناسب؛وتلميذ القرية يدشن موسما جديدا على أمل مدرسة أقرب، وإطعام أفضل، وقسم مستقل ومحفظة أخف...
ومما صب البنزين على نار الحيرة، خصوصية المرحلة التي طبعت بداية الموسم الحالي، وما زامنها من زيادة في سعر المحروقات، وترقب للتعديل الحكومي وما يمكن أن يلحق من جرائه من تغيير بقطاع التربية والتكوين، خصوصا مع ضبابية النموذج البيداغوجي الذي ينبغي تبنيه.
هذه بعض من أعراض الحيرة التي تجليها لحظة الدخول المدرسي والتي قد تستمر طيلة الموسم هنا أو هناك، فتذكر الجميع بالحالة الصحية لمنظومتنا التعليمية وما ينخرها من علل أصبح العامة يدركونها قبل المتخصصين، وشاع تشخيصها في كل ناد، حتى جاء الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب ليطلق صافرة الإنذار، وينبه إلى ضرورة تصحيح المسار، بمنأى عن الحسابات السياسية، وتأسيسا على المكتسبات السابقة التي وجب ترصيدها وتقويتها من غير قطيعة. ولاداعي للاسترسال في ذكر أعطاب المنظومة التربوية مادام التشخيص واضحا إلى درجة لايختلف فيها اثنان، بل الأهم في المرحلة الراهنة هو تجديد نفس الإصلاح وفق رؤية استراتيجية تستشرف معالم المستقبل وتستفيد من أخطاء الماضي.
وأمام هذا الوضع، فإن المساهمة في تقدم ورش الإصلاح أصبح فرض عين على جميع الفاعلين -كل من موقعه- ولن يتأتى ذلك إلا بالتفاف الجميع حول مشروع تربوي يعبربالضبط عن الأولويات، ومن تم يسخر كافة الوسائل اللازمة للتنفيذ والأجرأة. وليس ذلك بالمستحيل ؛علما أن لنا من الوثائق والهياكل ما هوكفيل بتجسيد طموحاتنا وتذويب حيرتنا ؛مثل الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمجلس الأعلى للتعليم. ولعل استقراء تاريخ نظامنا التعليمي يؤكد بما لاشك فيه أن الإصلاح الحقيقي لن يستقيم مع الرأي الواحد والمحاولة الفردية مهما حسنت النيات، ولن تختزله الإجراءات والرتوشات التقنية المعزولة- رغم أهميتها في سياقها-، ولايمكن تتحقيقه في ظل القطائع المتوالية بين البرامج السابقة واللاحقة. وإنما تؤخذ الأمور وفق مقاربة نسقية لمعاجة الاختلالات البنوية بمخططات استراتيجية بعيدة المدى، يشترك فيها كل الفاعلين،عساها تبدد حيرة هذا القطاع المحوري في مصير المغاربة.

المصطفى القطابي الادريسي
مفتش تربوي بأكاديمية الشاوية- ورديغة





التوقيع

    رد مع اقتباس