الموضوع: التقوقع الفكري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-28, 18:58 رقم المشاركة : 16
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: التقوقع الفكري


صادفت اليوم مقالا يحمل نفس عنوان الموضوع

أنقله هنا للإضافة و الفائدة:


قراءة في التقوقع الفكري


إدريس بيران
08/01/2008

في أحيان كثيرة يقرأ المرء مقالة أو كتاب أو يحتك في نقاش....الخ, بالتالي ينتج في ذهنه فكرة وسرعان ما يلبس أن يفصح عنها, فتلك القراءة أو ذاك النقاش تصبح محركا لما فيه من المدركات ليقاد بالتالي إلى التأمل والتفكير والذي يؤدي به إلى ترتيب تلك المدركات الكامنة لديه وإنتاج قراءة جديدة ويعني تغير نحو التطور في مدركاته ومعارفه , وليس بالضرورة أن يكون النتاج الجديد على غرار ما قرأ أو ناقش وممكن أن يكون عكسه تماما ويتوقف النتاج الجديد على مدى معارفه ومدركاته بحيث أمكنه صياغة وقراءة جديدة وكذلك يمكن أن يبني الجديد على ما سبق مغيرا فيه بحيث أمكنها تطورا وإيضاحا ويتوقف ذلك على مدى القدرة على التركيب الصحيح لديه بغية تطويرها نحو الأفضل والأسهل بحيث أضاف إليها مقومات الإيضاح والسهولة في الإدراك والاستيعاب أو كما يبدو له ذلك .



وقبل الخوض في ماهية التقوقع الفكري لا بد أن نستذكر عجلة التاريخ وحركة المجتمع , فإن التطور الحاصل في العالم بكل تفاصيله قد بني شيئا فشيئا عبر المراحل التاريخية للمسيرة الإنسانية وبغض النظر عن تفوق مجتمع على آخر وكما هو ملحوظ في المسيرة التاريخية إذ انه عملية تدرج وتبادل بين المجتمعات ويتوقف ذلك على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في ذلك المجتمع وانسجامه مع نفسه وإدراكه للتغير والتطور وفي أي حقبة زمنية كانت .

ومن المعلوم إن الوعي أو معرفة شيء ما وفي سياقه الطبيعي يبدأ بالفرد وثم محيطه ومن ثم المجتمع ككل ويتبلور أكثر ليصبح إلى حالة وعي إنساني لا يختص به مجتمع فحسب.

فالتطور الحاصل في الفكر والمعرفة و النظريات والمدركات المتبلورة في الحاضر والواقع المعاش لأي مجتمع كان إنما هي تشكيلته الثقافية التي تشكلت عبر تراكمات مسيرته التاريخية ويقينياتها وحقيقة التمازج الفكري والثقافي والحضاري بين المجتمعات وهي مسالة أخذ وعطاء تكونت عبر سلسلة المراحل التاريخية للإنسانية ومسبباتها المختلفة .

فالحاضر المعاش في أي مجتمع وفي مجمل مكوناته المدركة المعرفية والاقتصادية والاجتماعية المشكلة من وعبر الماضي هو نفسه البنية التحتية والفكرية للمستقبل فالمستجدات والمتطلبات تولد الرؤية أو النظرية للمستقبل والتقدم نحو تحقيقها وهكذا فإن عجلة التطور في حركة مستمرة وفي كافة المجالات الحياتية ومستجداتها .

ومن هنا وانطلاقا منا ومن مجتمعاتنا الشرقية المتواكلة وألا عملية , أعتقد بإيجاب والوقوف بجدية إزاء التطورات والتغيرات الحاصلة في مختلف المجالات واستدراكها وتحليلها والبحث في الصيغ التي تنسجم معها بغية ركوب عجلة التطور وكل من موقعه أفراد أو مؤسسات أو غير ذلك والتخلي عن التواكل والانعزالية والبدء بالصعود على سلم التغير والتطور وبممارسة التشارك والحياة العملية المتفاعلة واستدراك وبلورة سبلها .

فالتقوقع الفكري وبما معناه هو عدم القدرة على التغير والفهم والاستيعاب والتحليل والحل للمشاكل العالقة والمعضلات والمستجدات التطورية الحاصلة وفي مختلف مجالات الحياة الخاصة والعامة, أيا كانت شخصية أو عائلية أو اجتماعية - وطنية- إقليمية - دولية وعالمية .

بمعنى عدم امتلاك أدوات التحليل والتفسير بمستوى التطور الحاصل في المجتمع أو المحيط والعالم , ويظهر المتقوقعون عاجزين أمام المتغيرات الجديدة ومستجداتها وبالتالي يؤدي إلى تراجعهم ومن ثم فنائهم بحكم عدم قابليتهم وقدرتهم على التحليل و التطور .

ولنأخذ المسالة على شكلها الفردي وبما أن الوعي يبدأ بالفرد ومن ثم يتبلور...؟ ومن هنا فإن الرسم والصياغة والصورة التي نرسمها في أذهاننا للأشياء والأفعال أو كما نعتقد بأنه يجب أن يكون كذلك أو كذا أو عليه بهذا الشكل...الخ ليس بالضرورة أن نكون صائبين أو أن يكون كله صحيحا أو خطأ بل إنها مسالة نسبية فيها الخطأ والصواب وفي كافة المجالات ,أي إن ما في أذهاننا من تصورات ليست بالصورة الكاملة أو الحقيقة الكاملة ولكن قد يكون نحوها أو في دربها فبالتالي نحوها ومن هنا علينا أن لا نفرض تصوراتنا على الآخرين أو نجزم بصحتها بل أن نشارك الآخرين في الرأي والبناء لان تعدد الآراء يؤدي إلى إنتاج الرأي الأمثل والأفضل وحينها نكون قد بدأنا الصعود في سلم التغير والتطور .

كما إن التصلب في الفكر والتعامل والممارسة المختلفة تعني التقوقع ونهايته الحتمية هي التراجع والوقوع بسبب عدم التفهم والإدراك للمتغيرات الحاصلة في المحيط والعالم كما إن التصلب والخشونة في الرأي والممارسة تخفي عن صاحبها الخفايا فالخشونة والتصلب تؤدي بالنفور من صاحبها وبالتالي تتحول إلى إعاقة في حركة التغير والتطور لديه لان الخشونة وبأي شكل من الأشكال يبقى التعامل معها سطحيا لان الخشونة والتصلب الفكري في غالبيتها لا تعترف بالآخر أو باعتراف نسبي ضئيل لأنها لا تملك التحليل وأدوات الخروج من دائرتها المفرغة أو مصالحها الآنية أو الفئوية أو التي على حساب الغير مما لا يسمح بمشاركة الآخر وربما هناك من يعتقد من المتقوقعين بان على الآخر أن يدور في فلكه وهنا تكمن المشكلة وتزداد الفجوة وبالتالي يمكن تسميته عدم انسجام المجتمع مع نفسه وأيضا مع الآخرين لان لكل منا خصوصيته سواء إن كانت شخصية أو مجتمعية معينة.

أما المرونة في الفكر والممارسة فهي عكس الخشونة والتصلب تماما فبقدر ما تكون مرنا ستكون أكثر حكمتا وتحكما وسيطرتا على ما يدار لان المرونة تشعر الآخر بالطمأنينة كما إنها تتفهم الآخر فبالتالي تستقطبه مما يؤدي إلى الانسجام والتشارك وكلما ازدادت الليونة والتفهم ازداد النفوذ لان التفهم يراعي مصالح الجميع وتطلعاتهم فالاعتراف بالآخر والتشارك معه على البينة هي القوة الحقيقية في الصعود واستمرار البناء السليم والانسجام المتواصل .

وأخيرا عندما تكون أنت الأكبر أو الأقوى والاشمل أو تعتقد ذلك فهذا لا يعني أن لا يمارس الأصغر حقه في الحياة وخصوصيته وهذا لا يعني بان عليه أن يدور في فلكك بل عليكما احترام مصالح وخصوصية الآخر والتشارك وفق مقتضيات المصلحة المشتركة كي لا يندم أحدكما في لحظة الفرقة ومن ومهما كانت مسبباتها ومن هنا فالعدالة والمساواة ضمانة الوحدة والقوة الحقيقية والبناء الصحيح .





    رد مع اقتباس