الموضوع: مذهبنا المالكي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-27, 23:05 رقم المشاركة : 94
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: مذهبنا المالكي


وعلى كثرة التراجم التي نشرت لمالك بن أنس، سواء ضمن الموسوعات الفقهية وكتب الطبقات وكتب التاريخ، فإن الشيخ أبا زهرة يذهب إلى القول إن مالكاً لم يدرس بعدُ الدراسة المعمقة الموسعة، فهو شخصية جليلة القدر وعقلية علمية خصبة تغري بالدراسة والبحث والتأمل في كل عصر، وخاصة في ضوء المتغيرات التي يشهدها عالمنا. ولذلك حرص أبو زهرة في كتابه الحافل عن مالك أن يدرسه ويقدمه للناس وجعل دراسته
قسمين؛ القسم الأول هو القسم التاريخي، وفيه تتبع حياته ناشئاً يدرج في مدارج الحياة، وشاباً يستوي للعلم، وكهلاً تبدت مواهبه واستقامت مناهجه،
وشيخاً يفيض بنور المعرفة على كل من حوله، ويقصد إليه العلماء من أقصى الأرض وأدناها، وتزدحم مجالسه بطلبة العلم الذين جاؤوا إليه من كل فج عميق، ثم بين في هذا القسم الينابيع العلمية التي استقى منها والبيئات التي أظلته والمناهج الفكرية التي عاصرته والتوجيهات الفكرية التي وجهته، أما القسم الثاني فهو آراؤه في المسائل الفكرية التي ثارت في عصره، ثم دراسة فقهه ومناهجه في الفقه والحديث والنظر في آرائه في غير الفقه والحديث نظرَ عارضٍ عابر، لأن تلك الآراء لم تكن العلم الذي اختص به ولم تكن الخاصة التي امتاز بها.
وقد صحّح أبو زهرة في كتابه عن مالك خطأ وقع فيه الدارسون الذين يمرون على كل شيء من النواحي العلمية مروراً عابراً. وذلك الخطأ هو ما شاع على الأقلام وفي بعض الكتب، من أن مالكاً فقيه أثر لا فقيه رأي، فبيّن أن جرأة مالك في الرأي لم تكن أقل من جرأة أبي حنيفة، وإن كان
مقدار القياس في فقهه أقل من مقدار الأقيسة في فقه أبي حنيفة. وزكى ذلك بكلام ابن قتيبة في "المعارف" عندما عدَّ مالكاً في ضمن فقهاء الرأي ولم يضمه في فقهاء الحديث، وإن كان في علم الحديث النجم اللامع، بل هو بحق أول من وطأه وثبته ومهده. وهذا الجانب من حياة مالك بن أنس لم تسلط عليه الأضواء بالقدر الكافي حتى تظهر للناس المرونة التي تتسم بها المدرسة المالكية التي تستند إلى الفقه بقدر ما تعتمد الرأي سبيلاً للفهم ولاستنباط الأحكام.( كتاب أبو زهرة: مالك حياته و عصره و آراؤه و فقهه )
والحق أن الشيخ أبا زهرة أنصف مالكاً وقدمه للناس في إهاب مشرق وأنزله المنزلة الرفيعة التي يستحقها. وهو في كتابه أعمق درساً وأغرز مادة
وأدق رأياً وأوفر حظّاً من الإصابة من زميله في الجامعة الشيخ أمين الخولي، الذي غلب عليه الطابع الأدبي والنقدي والفلسفي، وكان أقرب في كتابه هذا إلى المنهج الذي اتبعه العقاد في عبقرياته. أما كتاب المستشار عبد الحليم الجندي، فقد امتاز بالرصانة وبالدقة في التحليل وفي العرض والبحث. وقد غلب عليه طابع التخصص في ميدان القضاء، فجاء كتابه دقيقاً وموضوعياً ومفيداً. وأما الدكتور مصطفى الشكعة الذي كان أستاذاً للأدب في الجامعة وجمع بين الأدب والدراسات الإسلامية، فقد أجاد وأفاد وعرّف بمالك تعريفاً يشفي الغليل. وكان عبد الغني دقر في كتابه وسطاً بين هؤلاء الأربعة الكبار،
مقتصداً في ترجمته لمالك، فقدم للناس صورة مالك كأجلى ما تكون. ولكن في الجملة يبقى الشيخ محمد أبو زهرة هو الفارس المغوار الذي لا يشق له غبار في دراسته المعمقة لمالك بن أنس في هذا العصر. ولا غرو أن يفوق كتاب أبي زهرة ما نشر عن مالك في عصرنا من كتب حول إمام دار الهجرة وفقهه،لأنه فقيه مجتهد وعالم أصولي متمكن متضلع من العلوم الشرعية والعربية. ثم إن لأبي زهرة كتاباً عن "تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية درس فيه الفقه المالكي في تركيز واختصار غير مخل، فأضاف وأجاد وأفاد وأكثر.


يتبع





    رد مع اقتباس