عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-15, 12:25 رقم المشاركة : 22
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: موسى و الخضر متعلم و معلم



إن من بين الفوائد الكثيرة والآداب العظيمة التي تضمنتها هذه القصة ما يلي:


1- تواضع وأدب طالب العلم في رحلته مع مؤدبه ومعلمه كما فعل موسى – عليه السلام – فهو قد أشار في بداية لقائه بالخضر بالاتباع التام، والاتباع يشعر بالطاعة والخضوع والتواضع أمام المعلم، كما يتعلم طالب العلم الأدب مع المربي والمعلم من قصة موسى – عليه السلام – من تلك الصيغة التي تتضمن الرفق وتلمس الرضا والتواضع : هل أتبعك؟ تلك الصيغة التي لا تجزم ولا تفرض، ولا تأمر، ولكنها تترك التقرير والإرادة للمعلم، فهو الذي يقرر، وهو الذي يختار ما يصلح لتلميذه .


2- ومن بين الآداب التي تحملها هذه القصة حلم العالم ورفقه بتلميذه، فحينما يعارض موسى – عليه السلام – على الفعل الأول يذكره الخضر – عليه السلام – بهذا السؤال الحليم: ألم أقل لك؟ وهو سؤال لا يحتوي على تجهم ولا نهر لموسى - عليه السلام - وهذا الخلق والأدب نجده كثيرًا متمثلًا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو يعلم أصحابه :
عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينما أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فحدقني القوم بأبصارهم، قلت: واثكل أماه، ما لكم تنظرون إلي؟، قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يسكتوني لكني سكت، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، والله ما ضربني، ولا كهرني، ولا سبني، ولكن قال: ((إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، وإنما هي التسبيح، والتكبير، وتلاوة القرآن))( ).
هذا هو المنهج القويم للعالم الذي حث عليه القرآن وطبقه النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يكون العالم مستعدًّا لتبليغ العلم بكل رفق وحلم وحرص على أن يفيد تلميذه حتى يسلك السبيل القويم .


3- الصبر والطاعة خلقان في غاية الأهمية نتعلمهما من هذه القصة فالصبر كان الشرط الأول للخضر – عليه السلام – الذي جاءت الدعوة إليه عن طريق الصيغة التحفيزية : إنك لن تستطيع معي صبرًا، إن هذه الرحلة تتطلب قدرًا خاصًّا من الصبر؛ لأنها ستصادف أشياء ينكرها العقل؛ لأنها في ظاهرها تخالفه ، وفي رد موسى – عليه السلام – إعلاء لهذين المطلبين من طالب العلم، وهما الصبر والطاعة : [قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا] [ الكهف : 69] .
إنها الطاعة المخلصة التي لا تعصي للمعلم أمرًا، ويلاحظ التعبير بالأمر الذي يعلي من شأن المعلم ويجعله الآمر، وطالب العلم الخاضع المطيع، كما أن التعبير بنفي الفعل عصى يؤكد تمام الطاعة وكمالها .
هذا المعنى أكده القرآن والسنة النبوية في كثير من المواضع قال – تعالى - : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ] [ محمد : 33].
وقال – تعالى - : [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] [التغابن : 16].
قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - ((نظرت في المصحف فوجدت فيه طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة وثلاثين موضعًا، ثم جعل يتلو : [فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] [النور : 63])).
عن ابن عباس – رضي الله عنه - في قوله - تعالى - : [أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ] [ النساء: 59] يعني : « أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معالي دينهم ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله طاعتهم » . « وهذه أحاديث ناطقة بما يلزم العلماء من التواضع لمن يعلمونهم»( ).


4- وفي قصة موسى والخضر - عليهما السلام - تنبيه على المنع من السؤال قبل أوان استحقاقه إذ قال [فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ] [ الكهف : 70 ] .


5- ومن بين الفوائد التي تحملها هذه القصة أن الله يحفظ الأبناء بصلاح الآباء، فلا يخش أحد على ذريته وهو موكل أمرهم إلى الله – سبحانه – ومدخر لهم طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
فلقد حفظ الله – سبحانه – هذين الغلامين بصلاح الأب، وأخرج لهما كنزًا حتى يغنيهم عن الناس، ويكرمهم في الدنيا بعمل أبيهم للآخرة .
6- كما أن من الفوائد التي تحملها هذه القصة أن لله - تعالى - في كل صنع حكمة يتعجب العاقل من سرها كما في قصة موسى والخضر - عليهما الصلاة والسلام - وإذا علم الإنسان هذا غلب الحب على الإحساس بالألم وتولد الرضى في قلب الإنسان؛ لأنه يعلم أن كل ما يجري عليه هو تقدير العزيز الحكيم الذي وضع كل شيء موضعه بحكمة وعلم .

جوانب إعجازية تربوية من قصة موسى والخضر عليهما السلام:


- نطالع في قصة موسى والخضر براعة العالم، وكيف وصل إلى مرحلة العلم الرباني، إن شخصية الخضر تمثل شخصية العالم الرزين الحكيم الذي يصدر في كل أفعاله وأقواله عن أمر الله – سبحانه وتعالى .
- اجتماع الرحمة والعلم في شخصية العالم أمر أساسي فالعالم لا بد أن يكون رحيمًا مع تلميذه حتى يوصل إليه ما آتاه الله من العلم، وهذا الخلق : (الرحمة) يشيع جوًّا من الألفة والمودة بين العالم والمتعلم، وهذا ما يؤثر على تلقي العلم وسعي الطالب بجد لاكتسابه، والاستفادة من أقوال العالم وأفعاله .
- الرحمة سبقت العلم في القصة، وهذا يؤكد أهمية الرحمة، وكونها الأساس الذي يبنى عليه العلم .
- من الإعجاز القرآني في القصة جانب المؤازرة في طلب العلم، وهذا يتضح في أن موسى – عليه السلام – لم يذهب إلى مجمع البحرين وحده بل ذهب مع فتاه، إن طالب العلم في حاجة إلى أعوان معه في الطريق يثبت بعضهم بعضًا، ويساعد بعضهم بعضًا على الالتزام الإيماني والعمل بأحكام الله، ويشد بعضهم أزر بعض في طلب العلم وتحمل المشاق في سبيله .
- علو الهمة أمر نستفيده من صياغة القرآن الكريم لقصة موسى والخضر، وهذا ما يعضده تكرار كلمة فانطلق ثلاث مرات، إن هذه الكلمة تحمل فيما تحمل من دلالات دلالة الانطلاق التي تعني علو الهمة وشدة الطلب، وقوة الاندفاع في طلب العلم مما يزيل الصعوبات التي تواجه طالب العلم .
- التعلم الإثرائي واضح في القصة حيث نرى موسى – عليه السلام – رغم تعهده بحدود الرفقة، لكنه لم يمل من السؤال شغفًا في طلب العلم، فكانت لا تفوته شاردة، ولا واردة إلا سأل عنها في مثل قوله – تعالى : [أَخَرَقْتَهَا] وغيرها من الأسئلة التي تؤكد انتباه موسى – عليه السلام – في رحلته وحرصه الشديد على أن يعرف سبب الأفعال ويحصل أكبر قدر من العلم .
- الجانب التشويقي في القصة غير غائب فيما يسمى في التربية الحديثة التهيئة الذهنية في كون الخضر – عليه السلام – يقدم هديه وعلمه لسيدنا موسى – عليه السلام – على مرات، ولو قدمه مرة واحدة ما استطاع سيدنا موسى – عليه السلام – أن يستوعب كل هذه الأنماط مرة واحدة .
- يلاحظ الجانب الإعجازي في اللباقة التعبيرية عند المعلم خاصة عندما يتحدث في قضية القضاء والقدر، فعندما قتل الغلام نسب القتل إلى نفسه، وعندما بنى الجدار نسب الخيرية إلى الله – تعالى .
وختامًا نقف وقفة مع فهم السلف الصالح – رضي الله عنهم - وأدبهم في طلب العلم :
قال أحمد بن حنبل: إنما العلم مواهب يؤتيه الله – تعالى - من أحب من خلقه، وليس يناله أحد بالحسب، ولو كان بالحسب كان أولى الناس به أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
وقال أحمد بن أبي الحواري- رحمه الله - قال لي أحمد بن حنبل – رحمه الله -: يا أحمد حدثنا بحكاية سمعتها من أستاذك أبي سليمان الداراني، فقال أحمد بن أبي الحواري – رحمه الله -: سمعت أبا سليمان يقول: إذا عقدت النفوس على ترك الآثام، جالت في الملكوت، وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة من غير أن يؤدي إليها عالم علمًا؛ فقام أحمد بن حنبل – رحمه الله - ثلاثا، وقعد ثلاثا، وقال: سمعت في الإسلام بحكاية أعجب من هذه إلي .
ثم ذكر أحمد بن حنبل – رحمه الله - عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من عمل بما يعلم ورثه الله - تعالى - علم ما لم يعلم)) ( ).
قال كعب الأحبار – رضي الله عنه-: من أراد أن يبلغ شرف الآخرة؛ فليكثر التفكير يكن عالمًا، وليرض بقوت يومه يكن غنيًّا، وليكثر البكاء عند ذكر خطاياه يطفئ الله عنه بحور جهنم، وقال كعب: طلب العلم مع السمت الحسن والعمل الصالح جزء من النبوة، وقال كعب: مؤمن عالم أشد على إبليس وجنوده من مائة ألف مؤمن عابد؛ لأن الله - تعالى - يعصم بهم من الحرام.
وقال كعب – رضي الله عنه - : إن موسى - عليه السلام - قال: يا رب أي عبادك أعلم؟ .
قال: عالم غرثان للعلم.
وقال كعب – رضي الله عنه - : طالب العلم كالغادي الرائح في سبيل الله. وقال: اطلبوا العلم وتواضعوا فيه فإن الملائكة تتواضع لله( ).
وقال أحد الحكماء : أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة، وأصل الزهد الرهبة وثمرته العبادة؛ فإذا اقترن الزهد والعلم فقد تمت السعادة وعمت الفضيلة، وإن افترقا فيا ويح مفترقين ما أضر افتراقهما، وأقبح انفرادهما( ) .







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس