عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-06, 17:02 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي كيف يرى المدرس نفسه؟


ينصب معظم تفكير المشتغلين بالتربية على التساؤل والتأمل في الجانب التقني المتعلق بالمهنة، أي الجانب الديداكتيكي وما يتصل به من طرائق التدريس والكتاب المدرسي وغيرهما، وأيضا على محاولة فهم المتعلم وآليات التعلم والفشل والجنوح، إلى غير ذلك. لكن في خضم هذا، يكاد اتجاه آخر في التفكير يغيب. إنه التفكير في الذات، أو الهوية المهنية للمدرس. وهو التفكير الذي لا يخلو من فائدة، ومتعة أيضا.
من المطلوب اليوم أن يتجاوز المدرس كل ثوابته الفكرية حول مهنته ويطرح الأسئلة من جديد، لأن ما ترسب لديه من أفكار ومواقف بحكم التجربة قد يحتاج على نوع من الخلخلة للتأكد من وجاهة تلك المواقف.
في سياق دراسة شخصية المدرس، يمكن الإعتماد على مصدرين للمعلومات:
ـ الأول مصدر خارجي، ويتمثل في الآخر وكيف يرى المدرس. قد يكون هذا الآخر هو المتعلم أو أي فئة مجتمعية أخرى
ـ الثاني مصدر داخلي، وهو المدرس نفسه، وكيف يرى ويتمثل نفسه ومهنته.
بخصوص كيف يرى الآخر المدرس، فالأمر يتعلق بقضية التمثل الاجتماعي. وواضح أنه تمثل سلبي، تأكد في عدد من الدراسات. لكن تمثل المدرس لمهنته لم يتم تناوله كثيرا.
كنتيجة لندرة الدراسات من هذا القبيل، يجد المدرس نفسه أمام وضعيات وحالات يصعب عليه فهمها أو تأويلها. إذ أنه يفشل مثلا في تحديد مصدر التذمر وعدم الرضا الذي يشعر به، ويفشل في وضع اليد على سبب عدم بلوغه لتطلعاته التربوية، كما لا ينجح في فهم دوافع الصراع، الظاهر أو الضمني، القائم بينه وبين المتعلم خصوصا إذا كان المدرس يملك نظرة إيجابية عن نفسه.
هذه الحيرة في تأويل الظواهر والتي ينتج عنها بالضرورة عجز عن توفير الحلول لمواجهة الوضعيات المختلفة يرجع أساسا إلى التمثلات التي يكونها المدرس عن نفسه ومهنته، وهي تمثلات ليست صائبة في كثير من الأحيان.
قد تكون بعض الأسئلة البسيطة والمباشرة كافية للإستدلال على موضوع التمثلات هذا. فمثلا، لنسأل المدرس: كيف ترى نفسك؟ كيف ترى مهنتك؟ ماذا تنتظر من الآخرين (المتعلمين)؟ ماذا ينتظرون منك حسب رأيك؟ ...
في محاولة الإجابة، سيجد المدرس أن عددا هاما من الردود مبني على تمثلات وليس على حقائق. لكن سؤال كيف يرى المدرس نفسه هو الذي يؤثر كثيرا على أدائه وعلى علاقاته التربوية بحكم أن تصوره لذاته ينتج أحكاما ومواقف تجاه المتعلمين وغيرهم ممن تربطهم به علاقات تربوية من مدرسين وإداريين.. إذن، كيف يرى المدرس نفسه؟
من أفضل ما كتب حول الهوية المهنية للمدرس هو ما كتبته الباحثة الفرنسية
Ada Abraham بناء على اختبار MISPE ووصلت إلى أن هناك ثلات شخصيات مهنية للمدرس:

أولا، الشخصية المثالية، وهي النموذج الذي يحلم المدرس ببلوغه.
ثانيا، الشخصية التي يعتبرها مثالية، أي أقصى ما يمكنه بلوغه، ولا يرى إمكانية لتجاوزها والرقي فوقها. وهي تحمل الجوانب الإيجابية التي يراها في شخصيته.
ثالثا، الشخصية الواقعية، وهي ما عليه المدرس حقيقة، وتحتوي على الإيجابيات، وأيضا على السلبيات التي يتجاهلها عن قصد، أو لا يشعر بها.
كما قلت في البداية، هناك ثوابت ومسلمات على المدرس أن يسائلها حتى يفهم مهمته التربوية
المعقدة والفريدة، وحتى يتحول هو إلى شخصية دائمة التجدد.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس