عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-07-27, 13:11 رقم المشاركة : 11
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: الرسول المعلم


رعايتُه صلى الله عليه وسلم الفروقَ الفردية في المتعلمين

وكان صلى الله عليه وسلم شديدَ المراعاة للفروقِ الفردية بين المتعلِّمين من المُخاطَبين والسائلين ، فكان يُخاطِبُ كلَّ واحدٍ بقدرِ فَهْمِه وبما يُلائِمُ منزلتَه ، وكان يُحافِظ على قُلوبِ المبتدئين ، فكان لا يُعلِّمُهم ما يُعلِّم المنتهين . وكان يجيب كلَّ سائلٍ عن سؤالِهِ بما يَهُمُّه ويُناسِبُ حالَه .

وروى الإمام أحمد: ((كُنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء شابٌّ فقال : يا رسول الله ، أُقَبِّلُ وأنا صائم؟ قال : لا ، فجاء شيخٌ فقال : أقبِّل وأنا صائم؟ قال : نعم ، فنَظَر بعضُنا إلى بعضٍ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد علمتُ لِمَ نَظَر بعضُكم إلى بعض ، إن الشيخَ يَملِكُ نفسَه)).
ـوروى البخاري ومسلم: ((جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَستأذِنُه في ال**** ، فقال : أحيٌّ والدك؟ قال : نعم ، قال: ففيهما فجاهِدْ)).
ـ وروى مسلمٌ: ((أقبلَ رجلٌ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أبايعك على الهجرةِ وال****ِ أبتغي الأجرَ من الله ، قال : فهل من والدَيْكَ أحدٌ حيٌّ؟ قال : نعم ، بل كلاهما ، قال : فتَبتَغي الأجرَ من الله؟ قال : نعم ، قال : فارجِعْ إلى والدَيكَ فأحسِنْ صُحبَتَهما)) .
هذا مع ما عُرِف عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحضِّ على ال****ِ والهجرةِ والترغيبِ فيهما ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لاحظَ حالَ هذا السائِل بخصوصِهِ ، فرأى بِرَّ الوالدينِ أهمَّ وأفضلَ في حقه من ال**** .
واختلافُ أجوبةِ النبي صلى الله عليه وسلم لاختلاف أحوالِ السائلين وظُروفِهم وقُدْراتِهم : بابٌ واسعٌ له أمثلةٌ كثيرة في كتب السنة المُطهَّرة .
ومن ذلك وصايا النبي صلى الله عليه وسلم المختلِفةُ لأناسٍ طَلَبوا منه الوصيةَ ، فأوصى كلَّ واحدٍ بغير ما أوصى به الآخَرَ ، ووجهُ ذلك يرجِع إلى اختلاف أحوالِ الذين سألوه الوصيةَ .

ـ روى الإمام أحمد: ((قلتُ : يا رسول الله ، أوصِني ، قال : اتقِ الله حيثما كنتَ ، وأتْبِعْ السيِّئةَ الحسنة تَمْحُها ، وخالِقْ الناسَ بخلُقٍ حسنٍ))
ـ وروى البخاري: ((أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوْصِني بشيءٍ ، ولا تُكْثِر عليَّ لَعَلّي أَعيهِ، قال : لا تَغْضَبْ . فردَّد ذلك مِراراً ، كلُّ ذلك يقول : لا تَغْضَبْ)).
ـ وروى البخاري: ((أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، دُلَّني على عَمَلٍ إذا عَمِلتُه دخلتُ الجنةَ ، قال : تَعبُدُ الله لا تُشرِكُ به شيئاً ، وتُقيمُ الصلاةَ المكتوبةَ ، وتؤدّي الزكاةَ المفروضةَ ، وتصوم رمضانَ ، قال : والذي نفسي بيده لا أزيدُ على هذا شيئاً أبداً ولا أنقُصُ منه .فلما وَلّى قال النبي صلى الله عليه وسلم : منْ سرَّه أن يَنظُرَ إلى رجلٍ من اهلِ الجنةِ فليَنْظُرْ إلى هذا)).
ـ وروى الترمذي: ((أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كَثُرتْ عليَّ ، فأخبرني بشيءٍ أتَشَبَّثُ به ، قال : لا يَزالُ لسانُك رَطْباً من ذكرِ الله))
ـ وروى مسلم: ((قلتُ يا رسول الله ، قُلْ لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك ، قال : قُلْ : آمنتُ بالله فاستَقِم)).
ـ وروى الترمذي: ((قلتُ : يا رسول الله ما النَّجاةُ؟ قال : أَمْلِكْ عليك لِسانَكَ ، ولْيَسَعْكَ بيتُك ، وابْكِ على خَطيئتِك))
ـ فقد روى البخاري ومسلم: ((أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال : تُطْعِمُ الطعامَ ، وتَقرأُ السلامَ على من عرفتَ ومن لم تَعرِفْ))
ـ وروى مسلم: ((أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيُّ المسلمين خير؟ فقال : من سَلِم المسلمون من لسانِه ويدِه))
ـ وروى البخاري ومسلم: ((سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ الأعمال أفضَلُ؟ قال : إيمان بالله ورسولِه ، قيل : ثم ماذا؟ قال : ****ٌ في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا؟ قال : حجٌّ مَبرور((
ـ وروى البخاري ومسلم: ((سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أفضَلُ؟ ـ وفي روايةٍ : أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ ـ قال : الصلاةُ لوقتِها ، قال : قلت : ثم أيٌّ؟ قال : برُّ الوالدين ، قال : قلتُ : ثم أيٌّ؟ قال : ال**** في سبيلِ الله ، فما تركتُ أستزيدُهُ إلا إرْعاءً عليه)(

ـ وروى أبو يَعْلى: ((أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في نَفَر من أصحابه . فقلتُ : أنت الذي تَزعُمُ أنك رسولُ الله؟ قال : نعم ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال : الإيمانُ بالله ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ثم مَهْ؟ قال : ثم صِلَةُ الرَّحِم ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ثم مَهْ؟ قال : ثم الأمرُ بالمعروف ، والنهيُ عن المنكَرِ .
وهناك أحاديثُ أخر من هذا القبيل مما اختَلَفت فيه الأجوبةُ في بيان أفضلِ الأعمال أو أحبِّها ، وإنما يَرجِع الاختلافُ فيها إلى رعايةِ الفروقِ الفردية بين أفرادِ السائلين وجماعاتِهم أو أوقات سُؤالِهم ، فأعلَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كُلاًّ بما يَحتاجُ إليه ، أو بما لم يُكْمِله بعدُ من دعائمِ الإسلام ولا بَلَغَهُ عِلمُه ، أو بما له فيه رغبةٌ ، أو بما هو لائق به .أو أعلَمَ السائلَ بما كان الأفضَلَ من غيرِه في وقتِ سُؤالِه ، فقد كان ال****ُ في ابتداء الإسلامِ أفضَلَ الاعمال لأنه الوسيلةُ إلى القيامِ بها والتمكُّنِ من أدائها ، وقد تَضافَرَتْ الأدلةُ على أن الصلاةَ أفضَلُ من الصدقة ، ومع ذلك ففي وقت مُؤاساةِ المُضطرِّ تكون الصدقةُ أفضَل.والنبي صلى الله عليه وسلم هو المعلِّم المُرشِد والهادي البَصير ، يُبَصِّرُ كلاًّ بما يحتاج إليه وبما يليق به ، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وبارَك وسلَّم .

قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ((من وظائف المُعلِّم أن يَقتَصِر بالمتعلِّم على قدر فهمِه ، فلا يُلقي إليه ما لا يَبلُغُه عقلُه فيُنفِّرُهُ أو يُخَبِّطُ عليه عقله ، اقتداءً في ذلك بسيِّد البَشر صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان يُراعي ذلك في تعليمِه وتحديثِه ووعظه ـ ، فليَبُثَّ إليه الحقيقة إذا عَلِم أنه يَستَقِلُّ بفهمِها .ولا ينبغي أن يُفشيَ العالمُ كلَّ ما يَعلَم إلى كلِّ أحد ، هذا إذا كان يَفهمُه المتعلِّمُ ولم يكن أهلاً للانتفاع به ، فكيف فيما لا يَفهَمُه؟
قال : والمتعلِّم القاصرُ ينبغي أن يُلقيَ إليه الجَليَّ اللائقَ به ، ولا يَذكرَ له أنَّ وراءَ هذا تدقيقاً وهو يَدَّخِرُه عنه ، فإن ذلك يُفتِّر رغبته في الجَليّ ، ويُشوِّشُ عليه قلبَه ، ويوهِمُ إليه البُخلَ به عنه ، إذ يَظُن كلُّ أحدٍ أنه أهلٌ لكلِّ علمٍ دقيقٍ .





    رد مع اقتباس