عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-07-01, 22:49 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي جدلية الفكر و الواقع


جدلية الفكر و الواقع



قد يعتقد البعض أن العلاقات الاجتماعية في سيرورتها الدائمة تحمل في جوهرها رموزا و دلالات يصعب بالكاد فك شفرتها،ولربما تكون الفكرة عند ظهورها للعيان ناقصة بل تحتاج إلى الكثير من البناء وقطع مراحل في عقولنا حتى يتقبلها الجميع فتصبح قابلة للاستهلاك . من الواضح إذن أن المدلولات لاتستمد دلالتها من نفسها، وإنما من المعرفة السائدة
في إطار الجماعة التي تحكمها عوامل ذات ارتباط وثيق بالبيئة والعادة.إن بعض الأفكار وعلى الرغم من أهميتها البالغة، لا تلقى الاهتمام المناسب، فيتم الحكم عليها بالنقص و القصور،فيتم تهميشها .
فالارتباط المنطقي بين الفكر والواقع تحكمه علاقة بنيوية وظيفية، لدرجة أن كلاً منهما يتغذى على الآخر،والأكيد أنه يشكل علاقة تأثيرو تأثر،مما يجعل الفكر الدخيل عليه مرفوض وقد يهدد استقرارالعلاقة بين الطرفين(فكر،واقع) .
إننا حينما نحاول اكتشاف ميزة فكر معين، فإن من الواضح أننا لا نستطيع الإحاطة بالاعتبارات التي تجعل قراراتنا صائبة على نحو قاطع. فهناك دائمًا حقائق غائبة ومعلومات غير متوفرة،تجعل من البيئة الحكم الوحيد و المرجع الأصل، ولهذا فإن على البناء أن يكون قابلا للمراجعة، ويحتاج للتقييم ثم التقويم ،حتى لا نسقط في الذاتية وأحكام القيمة .
إن ما هو مطلوب لأجل اتباع المسار الصحيح هو دائمًا غير متوفر، لأننا دائما نستند إلى معطيات جاهزة ومسبقة،و نتحرك في إطار قيود زمكانية،لا نستطيع التخلص منها بسهولة، مما يظهرالعلاقة الجدلية بين الفكروالواقع وتأثيرها في عملية البناء .

إن موضوع كهذا يجرنا إلى حقيقة لا محيد عنها، وهي أن البيئة تساهم في إنتاج الفكر الذي يدفع هذه الأخيرة في النهاية في اتجاه معين قد يخلق حالة استقرار لفترة ليست بالهينة،فتتوقف عملية إنتاج الأفكار،ويستمد الواقع قوته من العادة التي تفرض الوضع وتحارب الجديد،و بالتالي يبقى صراع الأفكار و تناحرها محسوما لصالح البيئة التي لاتقبل الغريب عنها .
إن عملية صراع الأفكار التي يشهدها واقع معين شبيهة إلى حد ما بصراع الجرثوم و اللقاح ،ورغم كونها قد تستغرق وقتا أطول مما نعتقد،لكنها تبقى محسومة لصالح اختيارات الواقع التي تحكمت فيه عوامل جد قوية يصعب حتما تغييرها والتأثير فيها .
لكل مجتمع أفكاره التي تأسست عبر التاريخ،وهي التي تحافظ على استقراره و ثباته،بمعية عوامل كثيرة،و هي نفس العوامل التي تقاوم عملية إنتاج الأفكار الجديدة وليدة اللحظة و ليست من صلبها .
إن جدلية العلاقة بين الفكروالواقع تجعل من الصعب إصدار أحكام بصددهما مادام الانسجام حاصل بين الطرفين و عجلة الركب تسير، لكن السؤال الذي يبقى معلقا هو: هل فعلا نحن أمام فكر ؟ أم مجرد إنتاج للعادة التي فرضت نفسها وتأصلت ؟ وهل نحن أمام فكر ؟ أم لا فكر ؟
من الصعب الجزم،لأن الأراء ليست دائما حقائق لانعدام الموضوعية اللازمة .
عبد الحفيظ زياني





التوقيع

    رد مع اقتباس