عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-06-16, 15:23 رقم المشاركة : 1
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

c1 قراءة في قصيدة / عيطة " العلوة "


قراءة في قصيدة / عيطة " العلوة "




يامن غادي العلوة==== تعالى نوصيك بعدا
الا وصلتي سلم ==== العلوة الا تكلم
العلوة زينت البلدان=== خرجو منها قومان
محمد مرضي وليديه === حفضو ربي لاتحفيه
العار امول التوتة=== لمواسم فيك منعوتة
لالحقتي الباب توضو وتادب== وزور جميع لقبب



هي أغنية شعبية جميلة لطالما تغنى بها الأجداد ولا يزال يرددها الأحفاد من أهل مزاب بفخر وعشق لمحروستهم العلوة. والكلمة في اللغة تعني الهضبة المرتفعة، وفي القصيدة يدل المعنى على الأرض مستقر الأولياء الصالحين، وترمز إلى الأم الحانية و مسقط الرأس والهوية التي تحدد كينونة شعب مزاب. تأخذ القصيدة عند أدائها بآلة الكنبري من طرف الشيخ أحمد ولد قدور جمالية خاصة وهو يستهلها بإنشاده: " ولد بلادي، ناس المحبة شطنو بالي". وأرض العلوة كفضاء مبجل تستمد قدسيتها من احتضانها لمرقد الأجداد الصالحين، ولذلك يطلب من كل زائر أن يطهر قلبه ويكف عن الأذى باللسان عند الوصول إليها: " آلغادي العلوة، آجي نوصيك بعدا، إيلا لحكتي العلوة، سلم سلم سلم، وفي العلوا لا تتكلم، العلوة ومواليها، والصلاح اللي فيها". هؤلاء الأولياء الصالحين يعدون من الأخيار، وهم من أهل العفة والتسامح، الذين لا يؤذون البشر، وإنما يتركونه مع ضميره وحسابه مع الله: " لبهالة بحر كبير، لبهالة مجمع الخير، قبة سيدي طلعت، لبهالة كاع تجمعت، الصمعة جات كليلة، المعلم دار حيلة، خليه منو لله".



وبالإضافة إلى مزايا الخير فإن القصيدة تبرز أهل العلوة على أنهم جميعا فرسان شجعان يجوبون البراري على صهوات الجياد: "هز عينك وشوف، العلوة كاع سيوف". وأثناء غياب هؤلاء الحماة الدين يذوذون عن حرمة العلوة وشرفها تبقى الأخيرة وحيدة أمام المجهول . وفي هده النقطة بالذات، تبلغ جمالية النص ذروتها عندما تظهر العلوة في صورة امرأة من غير أنيس تحدق بها الأخطار: "العلوة وفين ماليك، العلوة شكون بقا حاضيك، العزري عينو عليك".

والعزري لغة هو الشاب العازب، وهو أيضا الهيكل البارز في أعلى الصومعة، رمز الذكورة والفحولة. والعزري عينو عليك جملة حمالة أوجه، فيخيل لأول وهلة أن المقصود بها شاب عازب يريد سوءا بفتاة حلوة جميلة، وسرعان ما يتضح أنه ليس غير بويا حجاج، المعصوم من الموبقات، كما يأتي في هده الفقرات:" آلعزري ما يدوز ولادو، بويا حجاج... الفحل بويا حجاج زين السمية.... بويا حجاج السفينة ما تعواج" . وهنا تبرز العلوة على أنها الأم الطاهرة مبعث الحياة والخير والوجود في حراسة بويا حجاج، ذاك المتصوف المتطهر من أدران الدنس، في عالم الطهارة والروح . فالعلوة هي الأرض، وهي الأم، وفي رحم كل منهما يتحقق الوجود. إنها الأرض المحروسة في الدرك الأسفل، وتقابلها في الدرك الأعلى العين الساهرة لبويا حجاج، ضمير العلوة، وقبته العالية التي ترمز إلى السمو، حيث تتجه القراءة والدعاء، وحيث الملائكة وأولياء الله المقربون من السماء . وأما سفينة بويا حجاج التي لا يصيبها اعوجاج فترمز في المخيال الشعبي إلى الطريق السوي والخلاص وسط بحر الأمواج، كما في قصة نوح عليه السلام. والإشارة اللافتة إلى مسؤولية الأب في صون الشرف والعرض ليس بغريب عن الإبداع الشعبي في فنون العيطة، ومنه هذه الصرخة المدوية لفتاة وحيدة ومتروكة لحالها، على لسان الشيخ محمد باعوت، أحد رواد الغناء الشعبي بمدينة الدار البيضاء: " آه شكون سبابي؟ آطيور الغابة، كلكم حوامة، لا أمي لا بابا، لا من يسال عليا".
ومقارنة مع القصائد العمراوية لأولاد احريز فإن قصيدة العلوة ترمز إلى التحام الإنسان بالأرض. فالعلوة مركز الكون بالنسبة لأهلها ، وهي الموطن والتراب المقدس الممزوج ببركة الأولياء. وأما عند أولاد حريز فالقصيدة العمراوية تبدو وكأنها جرح غائر ينزف من الأعماق، فيها تعبير عن الضيم والإحساس بالغربة والفراق. فالعلوة عنوانها الاستقرار والأرض بينما العمراوية عنوانها الروح والشوق وفيها حركة دائمة في الزمان والمكان، نتحسسها في سفر الحنين المعطر بالانتظار قبل الترحال وانطلاق المواكب في الفراغ لمعانقة تراب آخر وسماء أخرى . ومجمل القول فإن قصيدة العلوة أنشودة مرحة في حضن الأم الحاضرة، بينما القصيدة العمراوية المؤثرة لحن شجي بترانيم الناي الحزين للشيخ الموكي، تتجه إيقاعاته لمناجاة الأب الذي يغيب .





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2013-06-16 في 15:40.
    رد مع اقتباس