قبل إنقطاع التيار الگهربائي ،، گانت " الأم " تجلس في ركنها المعتاد وأمامها ( عـدة الشـاي ) .. و فوق الطاولة الخشبية المستديرة أطباق الخبز المقطع والگعــك . في هذا الرگن تفوح رائحة الخميرة و الگمون و رائحة اللوز المحمصة المتموجة بألوان الذهب .. وفي هذا الركن ترتسم صورة " الأم " الذائبة بألوان الأصالة والتقاليد . بين يديها إبريق الشاي ، وفي فمها أمثال وحگم وفي ذاگرتها حگايا الأطفال المتوارثة عن الأمهات والاجداد .. نادت " الأم " البنات والأولاد بأسمائهم .. [ لگن .. ] لا أحداً يستجيب لـ ندائها .. الكل مشغول بهواياته و واجباته المدرسية وعالمه الخاص به .. وضعت " الأم " يدها على خدها .. وعادت بها الذاگرة إلى أيام گانوا صغاراً يتوسدون ركبتها وينامون على صدرها ويتحلقون حولها عند تناول الوجبات .. واليوم لا أحد يكثرت في أن يشاطرها هذه [الجلسة الطيبة ] التي انقرضت عند الگثير من العائلات .. وگان الإبن الأكبر يقابل الحاسوب وگأنه في حالة معرگة مع الدنيا .. البنات منشغلات بأحداث الحلقة الأخيرة من المسلسل التركي المشهور .. الصغير منسجم مع ألعابه الإلكترونية الحديثة .. الأب ينتظر مگالمات ستأتيه من أصحابه المهمين .. أعادت " الأم " نداءها أگثر من مرة إلى أن تلبسها اليأس والملل لا أحد يُقدر مدى تعبها طوال اليوم .. لا أحد يدري مدى حاجتها للحوار مع أسرتها .. انقطع التيار الگهربائي [ فجأة ] وقرقعت الأجهزة الگهربائية معلنة حالة توقفها .. ساد الظلام .. وساد الصمت والترقب .. جــاء " الأب " حامــلاً شمعة أنار به المگـــان .. في هذه اللحظة جميعهم أقبلــوا والتفــوا حول " الأم " ترگوا خلفهم الظلمة والأجهزة الساگنة وأصبحت هذه الشمعة محور إهتمامهم .. إمتدت أصابعهم لالتقاط قطع الخبز المعجون بالگمون وانفتحت أگفهم للإمساك بحبات اللوز .. على ضوء الشمعة أقترب الإبن الأگبر من والده و شرح له باستفاضة كل المشاكل التي يعانيها في عمله الجديد .. الإبنة الگبيرة حدثت والدها عن مشروع تخرجها .. الصغار شاركوا وقالوا گلاماً گثيراً .. انتبه الإبن الأگبر إلى أن " أمه " لم تأكل أي شيء .. وعندما سألها أجابت أن أسنانها ماعادت صالحة والفك به بعض الالتهابات .. للمرة الأولى يعلم الأبن الأگبر أن " أمه " تعاني من مشگلة ما .. إقترب و أمسگ بيدها و القليل من تأنيب الضمير دعاه لأن يسألها منذ متى وهي تعاني من هذه الآلام .. ؟ وگان هذا السؤال بحد ذاته گافياً لأن يجعلها تستريح .. ! بدأت الشمعة تذوب والحوار لا زال على أشده .. مضى الوالد .. ربما لـيأتي بشمعة أخرى .. إلا أن التيار الگهربائي سرعان ما عاد ، وسرعان ما عاد كل واحد إلى جهازه . وبقي على " الأم " أن تستشعر استمتاعها بهذه [ اللمـة ] التي باتت تفتقدها مع الأيام .. الأسرة عاشت تقاربها الذي حققه هروب التيار .. گما يعتقد الجميع .. و لا أحد يعلم أن الوالد هو الذي أطفأ التيار وهو الذي أعاده ..