عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-01-19, 20:37 رقم المشاركة : 1
أحمد أمين المغربي
مراقب عام
 
الصورة الرمزية أحمد أمين المغربي

 

إحصائية العضو







أحمد أمين المغربي غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الأولى في المسابقة الرمضانية الكبرى

وسام المركز الثاني في مسابقة الشخصيات

افتراضي متى يستعيد المشهد الحزبي المغربي عافيته؟


بينما كنت أقوم بجولة في عوالم النيت وكالعادة بدأت بتصفح هيسبريس إذا بي أجد موضوعا حيويا يستحق النقاش ولأهميته أنقله كاملا على أمل أن يتسع الحوار حول مسألة باتت تؤرق المشهد الحزبي والظاهرة السياسية بالمغرب.


إليكم المقال:

متى يستعيد المشهد الحزبي المغربي عافيته؟
حسن حمورو
Tuesday, January 19, 2010
تعيش الأحزاب المغربية اليوم حالة لا تحسد عليها، تسببت فيها عوامل كثيرة تداخل فيها الذاتي بالموضوعي، وجعلتها تبدو وكأنها تعيش لحظة تاريخية غير متوقعة وتعمل في سياق تاريخي خاطئ.
هذه الأحزاب التي لم يكن الكثير منها يمارس السياسة بمعناها الحقيقي، وجدت نفسها اليوم قد استنفذت ما كانت تظن أنه مقومات استمرارها وفعاليتها، ولم يبق لديها سوى أن تعلن عن تقاعدها تماما كالتقاعد الذي يمنحه نظام الوظيفة في المغرب للموظفين، تقاعد تُشهَر معه ورقة "انتهت مدة الصلاحية"، وتستمر في انتظار المصير الحتمي، ولا ندري إن كان من سوء حظ أحزابنا أو من حسن حظها أن حسابها يكون في الحياة الأولى قبل يوم الحساب الحقيقي الذي لا تشفع فيه إكراهات السياسة وتغيرات الوضع الإقليمي والدولي وغيرها من المشاجب التي تعلق عليها أحزابنا فشلها الذريع في القيام بواجبها.
ولابد لكل راصد للمشهد السياسي المغربي أن يعترف باختلاط الأمور أمامه، وبتيهه في دواليب التحليل السياسي، وهو يحاول أن يحدد منطقا وناظما موضوعيا لما تقوم به أحزابنا الوطنية، وما تتبناه من مواقف وما تخوضه من معارك.
ودون أن نبحث في التاريخ، ولكي نرتبط بواقعنا أكثر يمكن أن نسجل فيما يمكن أن نسجل بعض الحالات المرضية التي أصابت الجسم الحزبي المغربي، لعل أهمها حالة التعددية الرقمية، حيث إننا اليوم أمام مشروع حزب لكل مواطن، وإن كانت مسألة التعددية السياسية في حقيقة الأمر هي شكل من أشكال الديمقراطية ودليل على الحريات، لكن الساحة السياسية المغربية تأبى وكما العادة إلا أن تكون نشازا، فهذه أحزابنا تثقل الأرض من كثرتها لكنها لا تفيد في أمر جلل - ونعود بالله أن يحدث الأمر الجلل-.
إن تعدد أحزاينا هو تعدد رقمي وولائي فقط وليس تعدد اجتهادي ولا برنامجي، وهو ما يجعلنا مضطرين وجوبا إلى القيام بعملية جراحية نسميها عملية الفرز الحزبي، لكي نبتر كل زائد وغير مفيد، وهذه العملية الجراحية يحب أن تكون بقرار ذاتي حتى يُسهم الجميع في عقلنة الممارسة الحزبية في هذا الوطن، وأيضا من أجل ألا نضيع وقت الملايين من المغاربة، لأنه في الآخر لن تصمد إلا الأحزاب الوازنة مجتمعيا وليس عدديا، خاصة إذا ما ضُخّت جرعات إضافية من النزاهة والديمقراطية الحقة إلى المشهد السياسي الوطني، متبوعة بإصلاحات سياسية ودستورية في مستوى ما تتطلبه المرحلة.
والواقع أنه حتى الوافد الجديد الذي يقال عنه أنه يحمل "هَمَّ" تنظيم العمل الحزبي المغربي ولَمَّ شتاته، سيجد نفسه خارج السياق بعد سنوات قليلة، لن تتجاوز في أحسن الأحوال العشرية الحالية من حكم الملك محمد السادس، ولن تفلح محاولات ظهوره بمظهر "الحزب المنتظَر" في إبعاده عن الاصطفاف إلى جانب نظرائه من أحزاب المخزن والدولة، والعاقل الفطن سيكتشف بسهولة أن "الحزب المُخلِّص" ما يلبث أن يصبح ورما سرطانيا في الجسم السياسي المغربي يعيق أكثر مما يفيد، خاصة وأنه يجمع بين صفوفه المتردية والنطيحة وما "عافت" ساحات التدافع مع الاسلاميين، خلال سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. والشيء الوحيد الذي قد يكون "الحزب المنتظَر" متفوقا به على باقي الأحزاب هو أن يعلن مؤسسه وزعيمه الروحي صراحة هدفه من ولوج عالم السياسة بهذه الطريقة، وأن يجاهر بتوليه لعب دور مضايقة حزب الإسلاميين وإبقائه على مسافة بعيدة عن تولي تسيير الشأن العام بعد 2012، في انتظار تهميشه وإبعاده كليا عن تأديته لواجبه.
إن الدخول في معارك من هذه النوع لن يستفيد منه سوى خصوم المغرب الذي يتوقون إلى رؤيته في الحضيض دائما، ويتطلعون إلى مغرب غير الذي يرون مؤشرات وضعه في المستقبل إذا ما تعافت أحزابه، وفطنت إلى أن زمن الولاء للأشخاص قد انتهى، وأن الولاء لا يستحق أن يكون إلا لأبناء هذا الوطن، والدفع نحو التسلح بفكرة التحالفات على أساس برنامجي، والتخلي الطوعي عن كثرة التنظيمات التي تسهل عملية الاستدراج نحو فضاءات ومساحات تكون المعارك فيها في صالح تحقيق مرام بعيدة عن ما يطمح إليه أبناء هذا الشعب، وهذا لن يتأتى إلى بوعي تاريخي يجرنا إلى استحضار قناعات مغاربة القرون الماضية لكسب رهان العدالة ثم العدالة ثم العدالة ثم التنمية، والاستعداد لعمل حزبي يكون في مستوى الجهوية الموسعة القادمة، والتي لاشك أنها ستتطلب نخبا حزبية من نوع خاص، قادرة على المساهمة في تسيير شؤون البلاد والعباد



هيسبريس.





التوقيع

    رد مع اقتباس