عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-19, 00:44 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي "أنت متهم بهتك عرض ولد الشيخ"


مـعـلـم في الأرياف: "أنت متهم بهتك عرض ولد الشيخ"

الأربعاء, 17 أبريل 2013 10:06


زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن.
عين «سعيد» للعمل في سلك التعليم الأساسي بأحد الدواوير بدكالة. كان سعيدا بتعيينه قريبا من سكن والديه، خلاف ما حدث لبقية زملائه الذين تم تعيينهم في مناطق نائية، لم يكن العديد منهم يعرف مكانها حتى على الخريطة. التحق بمكان التعيين. تعرف على المدرسة قبل بداية الدراسة بأيام. عاد بعد أسبوع إلى الدوار وحط الرحال به معلنا على صفحة جديدة من حياته. ترك والدته وإخوته بالمدينة وانخرط في عالم الشغل لضمان مستقبله. لم يفكر يوما أنه سيعمل في القرية التي لم يكن يعرف منها سوى منزل أخواله الذي دأب على زيارته رفقة والدته في كل صيف، حيث كان يتيه في الحقول المحصودة حديثا ويختبئ رفقة أقرانه في التبن وينصبون الفخاخ لطيور الدوري.
رتب حاجياته في ركن من أركان الغرفة الوحيدة الملتصقة بالقاعة التي سيدرس فيها تلامذة الدوار الحديثي الالتحاق بالمدرسة. كانت الفرعية جديدة، لأول مرة يتم فتحها بعد إلحاح كبير من سكان الدوار الذين كانوا يجدون صعوبة بالغة في نقل أبنائهم إلى المركزية البعيدة عن محل سكنهم.
بدأ سعيد يستأنس بعمله رغم قلة تجربته. ربط علاقة من السكان المجاورين للمدرسة. لم يكن مخيرا في قراره، بل كان مضطرا للتأقلم مع محيطه للتغلب على الوحدة القاتلة. كانت المدرسة تصبح قفراء بعد الخامسة مساء عند مغادرة التلاميذ لها. وكان سعيد يدخل غرفته ويقوم بتهييئ الدروس لليوم الموالي، ويعتمد على المذياع الصغير الذي يظل النافذة التي يطل بواسطتها على العالم الخارجي. يستمع للأخبار والأغاني والبرامج الليلية، التي كانت تذيعها إذاعة طنجة، التي لعبت دورا أساسيا في تكوينه وتنمية معارفه.
قضى السنة الأولى بفرعية الدوار وعاد إلى مدينته وأهله. لم يدر كيف مرت العطلة بسرعة. لم يدرك كيف حل شهر شتنبر، بل لم يدرك كيف قضى شهري يوليوز وغشت. بدأ يهيئ للعودة إلى مقر عمله بالدوار. اشترى دراجة نارية بالتقسيط المريح وقرر الاستقرار بـ«الفيلاج» عوض الدوار.
اكترى منزلا رفقة بعض زملائه وبدأ يستغل الدراجة النارية الجديدة في تنقلاته. لم يعد مرتبطا بالدوار والمدرسة إلا من خلال السويعات التي يقضيها بها. ربط علاقات جديدة مع زملاء في العمل و«الفيلاج». بدأت العلاقة بينه وبين الدوار تفتر. ولم يعد يتردد على المدرسة والدوار كما كان.
وتشاء الصدف أن ينشب نزاع بينه وبين أحد أبناء الدوار وتطورت الأمور إلى الأسوأ. وتدخل العديد من الرجال القريبين من الطرفين لرأب الصدع دون أن يفلحوا في ذلك. وساءت العلاقة في ما بين سعيد ومحيطه وفكر في تغيير مقر عمله وملأ استمارة الانتقال نهاية الموسم دون أن يحظى طلبه بالقبول واضطر للمكوث بالمدرسة ذاتها وقضاء موسم جديد هناك على الأقل.
انتهى الموسم الدراسي وعاد إلى المدينة وفي نفسه غصة عقب رفض طلب انتقاله، سيما أنه قضى سنتين بمكان تعيينه، وهو شرط أساسي للمشاركة في الحركة الانتقالية. مرت فترة الصيف ثقيلة وانتهت العطلة السنوية. جمع أغراضه وعزم على العودة إلى عمله. استؤنفت الدراسة والتحق التلاميذ بالمدرسة وعاد سعيد لممارسة عمله المعتاد.
وفي يوم من الأيام فوجئ بحضور رجال الدرك الملكي إلى المدرسة والسؤال عنه في غيابه وتركوا دعوة لالتحاقه بمقر عملهم. فكر كثيرا في سبب استدعائه. لم يلتحق بالمدرسة في ذلك الصباح، بل التحق بالدرك الملكي الموجود بالفيلاج. فوجئ بثقل التهمة الموجهة له. (أنت متهم بهتك عرض «ولد الشيخ»)، قال الدركي. تم وضعه تحت الحراسة النظرية، وبعد البحث والتحقيق معه تم إخلاء سبيله.

أحمد ذو الرشاد (الجديدة)





التوقيع

    رد مع اقتباس