أصبحنا نحِنُّ لموعد ركوب الحافلة ،وعندما نستقلها نتيه في تفكير عميق لقطعها المسافات التي تفصلنا عن ذوينا حتى نستكمل كل التخمينات والأفكار الرائجة في أذهاننا ثم نستسلم لنوم عميق راجع للعياء الذهني والبدني وإرهاق لا يحس به إلا المغترب في وطنه. وكيف لا نصبح تائهين وشاردين ونحن في منأى عن أسرنا ،لا نحضر لأفراحهم إلا نادرا ولا نتواجد في مآتم موتى أقربائنا لعزائهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ . كم قريبا دُفن ولم نستطع حضور مراسمه؟؟،وكم مريضا لم نعده في المشفى ؟؟،وكم حدثا وقع ولم نعلم منه شيئا إلا بعد فوات الأوان ؟؟؟ للتعليمات العائلية على عدم إحراجنا في عملنا والتشويش علينا . نفذت تعبئتنا مرارا وضاق بنا الحال ذرعا والحمد لله على كل حال. تحية إجلال وإكبارو بحرارة لأزواجنا اللائي يقمن بواجباتهن تجاه أبنائنا رغم مهمتهن المضنية داخل البيت وخارجه في عملهن . كيف لا ندخل في سبات شتوي عند التوجه إلى ذوينا وقد فاضت جماجمنا بتخمينات وأفكار وخدمات يجب إنجازها في فترة وجيزة ولكن قضيناها بتركها أو تاجيلها إلى موعد غير مسمى؟. وكيف لا نغط في نوم عميق عند إيابنا وقد خارت قوانا من أثر الجري وراء الوثائق التي تنتظر قدومنا للمصادقة عليها في المقاطعات والبنوك ومكاتب البريد وجل المصالح العمومية؟؟ ..ومتطلبات الأبناء التي لا تنتهي......... أصبحنا نحِنُّ للحافلة والقطاروحتى الحلاق للإستفادة والإستمتاع بقسط من الراحة التي لا نجدها إلا في الوسيلتين وفي صالون الأخير......وننام على مقعد الحافلة الموجود على عجلة تطوي المسافات ،ونغفو تحت شفرة موسى الحلاق ورغوة صابونه الباردة الناعمة اللينة على ذقوننا التي أنستني وقت تحرك الحافلة حتى غادرت المكان لأجد نفسي حائرا بين عطر الحلاق ونعومة حلاقته و البحث عن طاكسي لاقتفاء أثر تارِكَتِي ومُغَادِرتي من حي لآخر ،وعند لحاقي بها بأعجوبة وما كِدت أستقيم في مكاني حتى باغتني النعاس لأكمل حصة النوم المنقوصة لدى الحلاق و التي طارعبير عطرها مع عرق النط والبحث عن ملهمتي سيبراتور ؟؟؟؟ و لسان حالي " مشا الكار نعلق الحلاق" اللهم استر عيوبنا. استمتعوا واستمتعن بهذه الخاطرة الحقيقية قبل أن يفوتكم ويفوتكن القطار والحافلة وتناموا وتنمن في صالونات الحلاقة ......
حين نَحِنُّ للحافلة والقطار والحلاق!!!