عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-03-16, 11:44 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي حين سألني المفتش عن سبب تغيب زوجتي


مـعـلـم في الأرياف: حين سألني المفتش عن سبب تغيب زوجتي


الأربعاء, 13 مارس 2013 10:53



زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن.
بعد تخرجه من مدرسة المعلمين وعمله لعدة سنوات بإحدى المجموعات المدرسية بعمق سوس، انتقل أخيرا إلى دكالة. ورغم أنه شب بالمدينة وترعرع بها وقضى حوالي عقدين من حياته بها، فإن جذوره البدوية جعلته يندمج بسرعة مع محيط عمله الجديد.
وكان محمد، منذ تخرجه من مدرسة التكوين وعمله بعيدا عن مقر سكن والدته، حيث اضطر لقضاء سنوات هناك وحاول الاندماج في محيطه والتأقلم معه دون أن ينجح في ذلك. فلكل بلد تقاليده وعاداته وظروف عيش خاصة وظروف طبيعية تختلف من مكان لآخر. ارتبط بزوجته الأولى وكانت تجربة فاشلة في الزواج، إذ لم يتمكن من الاستمرار مع الزيجة الأولى، فقرر ملء استمارة الانتقال إلى دكالة بلد والده وأجداده.
بدأ حياته العملية الجديدة مدرسا بإحدى الفرعيات بدوار من الدواوير البعيدة عن "الفيلاج"، واضطر إلى الإقامة بالسكن الوظيفي الموجود بالمدرسة إلى جانب بعض زملائه وكان ينتقل من حين لأخر إلى المركز لقضاء بعض حوائجه وشراء ما يحتاجه من خضر ولحوم وغيرها. وكان يضطر من شهر إلى آخر إلى العودة عند والدته التي كان مرتبطا بها أشد الارتباط، يجدد معها صلة الرحم قبل العودة إلى استئناف عمله.
اندمج في الحياة اليومية مع بقية المدرسين، لم ينتبه إلى السنوات التي قضاها ببادية دكالة. وكان قطار الحياة يطوي سنوات عمره دون أن يدري. لم ينتبه من سكرة الحياة ولم يستفق منها إلا بعد تجاوزه لسن الثلاثين بأربعة. فكر في الزواج كثيرا، كانت والدته تلح عليه في الارتباط باينة خالته، إلا أنه لم يكن يميل إليها. كانت ظلال التجربة الأولى القاتمة حاضرة في مخيلته. وكان فكره مشغولا بزميلته في المجموعة التي تقاربه في السن. فكر كثيرا ولم يجد أحسن منها. فاتحها في الأمر فرفضت. وطلب من بعض زملائه التدخل لديها وإقناعها بتغيير فكرتها.
لم تخب محاولات زملائها الذين أقنعوها بحسن سيرته وسلوكه ورغبته الجادة في الارتباط بها، رغم معرفتهم بمزاجيته وسرعة تقلبها. بعد انتظار طويل بذل خلاله جهودا كثيرة لتغيير مظهره والتعبير لها فعليا عن حبه لها، رحبت بفكرة الزواج. أقيمت المراسيم بالمدينة وزفت إليه وعادا بعد فترة لاستئناف عملهما.
عمل محمد ما في جهده للانتقال إلى جوار زوجته للعمل إلى جانبها للاقتصاد في أمور كثيرة. انتقلا للعيش ب"الفيلاج" واستقرا معا وبدآ يتنقلان إلى الفرعية عبر دراجة نارية كان محمد اشتراها منذ سنواته الأولى لالتحاقه بالعمل بدكالة. مرت الأمور على أحس ما يرام وتمكنا من توضيب استعمال الزمن وتطويعه ليعملا في وقت واحد يتيح لهما الدخول والخروج سويا للعودة إلى مكان سكنهما.
كان محمد كثير الحركة وكثير التنقل. اشترى سيارة وبدأ يتنقل هو وزوجته عبرها وودع الدراجة النارية التي كانت كثيرة الأعطاب. واستغل السيارة وبدأ يسافر عبرها إلى المدينة حيث توجد والدته وأخواته. وكان كثير المناوشات مع زملائه ومحيط عمله وكان كثيرا ما يخلق بعض المشاكل والمناوشات التي تعكر جو العمل.
وحدث أن تغيب مدير المؤسسة عن العمل لارتباطه باجتماع حول الاستعدادات لمناسبة من المناسبات بمقر القيادة ب"الفيلاج". وصادف ذلك تغيب زوجة محمد وزميلته في العمل لظروف لا يعلمها إلا هو. لم يكن بالمؤسسة آنذاك غير زميله سعيد. ومن مكر الصدف أن يحل بالمدرسة مفتش اللغة العربية متأبطا محفظته. جال ببصره في الساحة وانتقل في جولة سريعة على القاعات المصطفة. وجد التلاميذ وحدهم بقاعة توجد في الطرف القصي للمؤسسة. سألهم عن المعلمة، فأجابوا جميعا أنها لم تأت هذا المساء. واصل جولته إلى أن وصل إلى حيث يوجد محمد، فسأله عن زميلته وزوجته وسبب غيابها، فأجاب دون تردد: "المعلمة عليها حق الشهر".

أحمد ذو الرشاد (الجديدة)





التوقيع

    رد مع اقتباس