عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-03-08, 12:24 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

b3 سيِّدات النَّظافة..عمل "بُطولي" يُخفي ظُلما اجتماعيا وقَهراً ماديّا


سيِّدات النَّظافة..عمل "بُطولي" يُخفي ظُلما اجتماعيا وقَهراً ماديّا


هسبريس - ماجدة أيت لكتاوي
الجمعة 08 مارس 2013


تتراءى لكَ من بعيد تحمل مِكنسة تبدو أطول منها وترتدي قفازات سوداء اللَّون تتساءل للوهلة الأولى أهي لونها الأصلي أم اصطَبغت لونا داكنا مع مرور الأيام..فكثيرات هن النساء اللواتي قبلن الاشتغال في شوارع مدن المغرب كعاملات نظافة، يَعمَدْن جنبا بجَنب الرجال إلى جمع قمامة وأزبال قرابة الأربعين مليون مغربي..
المارة من المضطرين للخروج في الصباح الباكر، يلتقونهن حاملات لمكانِسهِّن الكبيرة في همة ونشاط لا يَتوانَين معه عن التقاط ما صعب أو تعذر كَنسُه..نساء اضطرَّتهن الحاجة والفقر مع "سبب" مُلازم متمثل في عدم ارْتِياد المدارس وانتِفاء التَّعلم، إلى هذه المهنة التي كانت ولِوقْت قريب حِكرا على الرجال دونهُنَّ..
"مليكة"..عدم تَمدرُسي قادني إلى الشَّارع
بشيء من الخَجَل الذي يَلفُّ وجهها المكشوف ضِدًّا على ما اعتاد عليه المارة من تغطية سيدة النَّظافة لوجْهِها كاملا، وهي ممسكة بمكنسة كبيرة تجر بها الأزبال ومن تَمَّتَ تجمعها في صندوق لَمِّ القمامة الكبير، تبتدأ نهارها باكرا؛ كما كان الزواج والطلاق في حياتها باكرا أيضا؛ إلا أن الطفلة التي ملأت عليها حياتها جعلتها لا تتوانى في امتهان تنظيف الأزقة والشوارع، مهنة لم تجد عنها بُدًّا ولا بديلا بسبب الانقطاع المبكر عن الدراسة.
الأهل والإخوة وأبناء العمومة أيضا يفتخرون بـ"مليكة"، معتبرين إياها "رجلا" لا امرأة لأنها استطاعت أن تتحدى نفسها والمجتمع وتنزل للشارع وتُشمِّر عن ساعد الجدِّ قبل خمس سنوات مَضت في عمل اعتاد الرجال عليه وما اعتاد عليه المجتمع إلا قليلٌ من أفراده على خوض المرأة لغِمارِه..
المجتمع..بين التَّعاطف والاحتقار والتَّفوق
هو ذات المجتمع المغربي الذي تختلف نظراته لسيدة النظافة عموما، حسب الأخصائي النفسي الاكلينيكي فيصل الطهاري الذي يوضح في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الكثير من المغاربة ينظرون لعاملات النظافة بعين التَّعاطف التي تجعله يقول "مسكييينة" كلما رآها تزاول أعمالها بالشارع، نظرة مختلفة هذه المرة للجمعيات الحقوقية النسوية التي تعتبرها بطلة من البطلات التي استطاعت التَّفوق داخل مجتمعها، ناهيك عن فئة تجرح شعورهن وتأذيهن بتعليقاتها الدُّونية الاحتقارية، "دونية يعاني منها رجل النظافة أكثر من السيدات اللواتي غالبا ما يَحظَين بتعاطف من طرف المواطنين رجالا ونساء حتى أنك لترى البعض يوقف سيارته ويمد لها ببعض النقود في لحظة تَضامنية" يورد طهاري.
وأشار المتحدث إلى أن المشكل يكمن في ثقافتنا العامية، حيث أنك إذا سألت طفلا صغيرا عن عاملات النظافة لن يتوانى عن وصفها بـ"مولات الزبل" أو "شطابة في الزنقة"؛ فالمشكل الأكبر يكمُن فينا حين لا نُعلِّم أبناءنا أن ذاك الرجل هو "رجل نظافة" وأنها "سيدة نظافة" فالمفروض أنهم هم من ينظفون أزبالنا ومُخلَّفاتنا التي نَرميها في الشوارع ويتكلفون بجمعها.
"رشيدة"..عملي شريف مَنعني "نْخْرج الطريق"
عاملة لا يُرى من ملامح وجهها إلا عيناها اللتان تَبرُقان، لثام يقول عنه الطهاري أنه غالبا ما تَعمد إلى وضعه على وجهها لسَبَبين، أولهما راجع إلى الغبار والأتربة بحسب طبيعة العمل فضلا عن اتِّقاء البرد أو أشعة الشمس؛ وثانيهما مُتعلِّق بالأمان النفسي والمعنوي الذي يوفره ذاك اللثام بفضل عدم تمييز ملامحهن بعيدا عن التعرف على هوياتهن وبعيدا كذلك عن النظرات "النَّاقْصة" والدُّونية إضافة إلى اتِّقائهن للتَّحرشات الجنسية خصوصا الشابات منهن ومن يتوفرن على مقومات الجمال الأنثوي..
تقول "رشيدة" المُلثَّمة "أنا فخورة بعملي هذا ولا أفكر بما سيقوله الناس عني؛ ويكفيني أنه عمل شريف وكسب حلال ولايضطرني أني "نخرج لطريق" أو أمد يدي لأي أحد"؛ مؤكدة أنها تَعول وزوجها ثلاث فتيات يُتابعن دراستهن بتفوق وتأمل أن يكون لهن مستقبل مشرق.. تتحدث بكثير من السعادة عن عملها الذي حصلت عليه بإحدى شركات النظافة الخاصة قبل سبع سنوات والذي يُمتِّعها بالتَّغطية الصحية.
"ثريا"..حقيقة "مُسمَّى" عملي.. سِر
"ثريا" لا تُنكر أنها تخفي حقيقة "مسمى" عملها عن القريبين منها والمُحيطين بها، لأن البعض ما أن يعرف حتى يبدأ بتوجيه سهام النَّقد لها وللرائحة المُنبعثة منها ومن ملابس عملها.. وهي التي يضطرها العَوَز والدَّخل البائس، للنبش أحيانا في القمامات المنزلية لتجميع قطع من الخبز أو أحذية وملابس قديمة أو قنينات زجاجية غير مكسرة أو قطع غيار...بالإضافة إلى جمع أكوام من الأزبال قد تصل في مُجملها إلى الأطنان في عملية تمشيط على مدى كيلومترات معتمدة وهي وأخريات على مكانس متآكلة حينا وعلى سعيف النَّخيل أحيانا أخرى..
عاملات النظافة..مشاكل نفسية وإتقان في العمل
يعتبر الطبيب النفسي فيصل الطهاري خلال حديثه لهسبريس، أن عملا كتنظيف الشوارع والأزقة من الأزبال، حيف وظلم تجاه المرأة، موضحا أنه وعند التمحيص في الجانب النفسي والاجتماعي لهؤلاء السيدات نجد أنهن أرامل أو مطلقات أو يَعُلنَّ أسَرا بأعداد كبيرة وبوضعية اجتماعية صعبة للغاية ويعشن قهرا ماديا خانقا يضطرهن إلى القيام بمثل هذه الأعمال ما يسبب مشاكل نفسية لهن.
ويضيف الأخصائي النفساني أنه ومن خلال حضوره لأنشطة إحدى الجمعيات الاجتماعية استطاع الالتقاء بعاملات النظافة في مناسبة تكريمية بالرباط، وجَّه خلالها المتحدث وصايا للعاملات بالصَّبر على اعتبار أن العمل الذي يقومن به عمل شريف، "في حين أن بعضهن وبنفس الظروف الاجتماعية تلتجئ للدعارة أو بيع المخدرات؛ في حين أن تلكم العاملات أخذن على عاتقهن تربية أولادهن أو التكفل بعلاج أمهاتهن أو إعالة أسرة بأكملها بمال حلال وبكسب مشروع" يورد الطهاري مؤكدا أنهن يُعطين انطباعا بالرِّضى عن عملهن في غالب الأحيان كما أنهن يمارسنَه بكفاءة أكبر وأكثر إتقانا من الرَّجل، أمور تتجلى في طريقة مسكهن المكنسة وتحريكها وفي عدم ترك أية مخلفات ما يجعل شركات النظافة أو البلديات يسندن عمل الشاحنات أكثر للرجال ويتركن فسحة أكبر للنساء من أمثال مليكة ورشيدة وثريا قصد كنس الأزقة.






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس