عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-08, 13:28 رقم المشاركة : 1
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي أعداء التنمية الحقيقيون – بقلم محمد بولوز


التنمية في منظور المسلمين عملية إنسانية تهدف إلى تنمية الإنسان وتقدمه في مختلف المجالات الممكنة: النفسية منها والعقلية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية والعلمية وغيرها بما يحقق كرامة الإنسان و يهيئ له الحياة الطيبة في الدنيا ويحقق أشواقه الروحية في الآخرة بنيل رضوان الله ودخول الجنة والنجاة من النار.
وللتنمية علاقة وثيقة بالتربية، ذلك أن العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية السائدة والاعتقادات الراسخة،لها دور خطير في تقدم الشعوب أو تأخرها،لأنها تهم الفاعل المباشر في عملية التنمية وتخص العامل الذاتي الذي يمكن التحكم فيه وتوجيهه، ويكاد يكون الأمل في التغيير والإصلاح،بل ويمكن التعويل عليه في تجاوز كثير من العوائق الطبيعية والجغرافية والسياسية كما حدث في التاريخ القديم والمعاصر، ودلت عليه وقائع العديد من الشعوب.ومن حسن الحظ كما يمكن أن يكون من سوء الحظ أيضا، أن هذه العوامل تدخل جميعها في دائرة تأثير المجال التربوي.ومن هنا تكمن خطورة من يتولى هذه الوظيفة في المجتمع،وخطورة حاله بين السفه والرشد.
فإذا كان القيم على التربية راشدا واعيا بدينه ملتزما بمقتضياته، فقيها في تحديات عصره وزمانه،فإنه يرى في التربية الإسلامية سبيلا ناجحا وطريقا موصلا إلى التنمية الحقة بما تشكله من عامل فعال في مقاومة عوائق التنمية: من خرافات وأساطير وتعامل بمجرد التخرص والظن مع الكون والبيئة المحيطة،واعتقاد في الجبرية والحتمية والركون إلى الكسل والخمول والسلبية،ودعاوى التقشف والزهد المغشوش وإهمال الجوانب المادية للحياة ،وشيوع التواكل والنظرة الخاطئة لمعنى القضاء والقدر.وكذا نجاعة التربية الإسلامية في مقاومة بعض العادات السيئة المعيقة للتنمية مثل :تضييع الأوقات وصرفها في غير النافع من الأمور،وشيوع العقلية الاستهلاكية من غير إنتاج،ومظاهرالإسراف والتبذير والتفاخر بالمظاهر والأشكال، وفعاليتها أيضا في مقاومة بعض الأمراض الاجتماعية مثل: المحسوبية والرشوة والفساد الإداري والقضائي ومختلف أنواع الغش ،والنظرة العصبية والعشائرية الضيقة في تدبير الشأن المالي والاقتصادي وتقديم ذلك على الخبرة والكفاءة ،ودورها أيضا في بث الثقة في النفس والشعور بالعزة وضرورة حيازة عناصر القوة لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المومن
الضعيف وما يتركه ذلك من نزعة استقلالية لا ترضى بالتبعية والذيلية في سياسة أو اقتصاد، وكذا نزعة الإتقان والإحسان وجودة التخطيط في العمل والإنتاج ، والتحرر من الأنانية وتقديم مصلحة الأمة فلا يفر المومن بماله ولا بعقله إلى خارج بلاد المسلمين بل يوثر أهل دينه ووطنه بعناصر التنمية ولو بربح أقل.
القيم الراشد على التربية من الوزارة إلى أصغر خلية وحتى المباشر لتوجيه فرد من الأفراد،المستحضر لجميع الأبعاد السابقة وغيرها مما هو على منوالها،لن يكون إلا في صف التربية الإسلامية،يتمناها زادا يوميا لأبناء الأمة بمختلف مستوياتهم وتخصصاتهم،ويفرح ببثها في المسجد والمدرسة والبيت والجامعة والثقافة والإعلام،يقوي معاملها ويزيد في حصصها،بل ويودها روحا تسري في مختلف المواد،لا مجرد مادة معزولة تنوء بمهمة كالجبال.
والقيم السفيه الجاهل بما سبق من أبعاد التربية الإسلامية،لن يرى فيها سوى مادة تتحدث عن الغيب وتجر الناس إلى الآخرة،وتنفخ في أخلاقيات مثالية حالمة،وتعيق إبداع العقول بالنصوص المقدسة،وتضع الأشواك في طريق الحداثة،وتتحدث في السياسة عن البيعة والراعي والرعية،وتمنع الربا في الاقتصاد وهو عصب المعاملات الرائجة،وتمنع الخمر وتتشدد في حفظ الأعراض وتفرض الستر، وهل تكون سياحة بغير خمر وغض طرف عن تجارة الأجساد وكشف البطون والأفخاذ..؟
والأشد من ذلك أنها لا تزال تتحدث عن شريعة زمن الجمال بمفردات الجلد والرجم والقطع والحرابة والتعدد والختان والزكاة وصلاة الكسوف والخسوف..؟
إنها صورة مرعبة في أذهان المتغربين الذين تشربوا سموم الإستشراق، وعزلوا هذه الأحكام والفروع عن سياقها الحضاري العام،وعن أبعادها العقائدية والتربوية والاجتماعية ،ولم يؤمنوا بغير النموذج الغربي الماثل أمامهم في التنمية ونمط الحياة،ولم يقدروا بالتالي عن تصور نموذج مختلف في الأسس والأبعاد،ولا رأوا من مخرج سوى حذو القدة بالقدة والنعل بالنعل ولو كان في ذلك ولوج جحر الضب.
فكان لهم هذا الموقف المتشنج من التربية الإسلامية ومن مختلف رموزنا الحضارية،
ورأوا كما همش أولئك دينهم أن يهمشوا هنا دينهم، ويلاحقوا أثره في مختلف جوانب الحياة في القانون أو الاقتصاد أو التربية أو الإعلام..بغير أن يسائلوا أنفسهم هل ماهية الدين عندنا هي نفس ماهية الدين الذي تمرد عليه أولئك؟ونسوا أيضا أن الدين هنا عميق متجذر لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية بتغييبه أو إضعافه،ولا يمكن حتى اقتلاعه إلا بالتطهير العرقي بقتل المسلمين أو تهجيرهم ،كما فعل الإسبان بمسلمي الأندلس ،والصرب ببعض قرى ومدن المسلمين،وليتذكروا أن الشيوعية حكمت بالحديد والنار واجتهدت في اقتلاع الإسلام في الجمهوريات الإسلامية في آسيا،وبعد أكثر من سبعين عاما،قال المسلمون ها نحن عدنا يا غوربي..وعمت البلاد صحوة لم تكن في الحسبان وعاد لفظ ال**** يهز الأركان..وفي هذه الأمثلة الكبيرة جدا والتي لا تبلغ بالتأكيد أن تكون في مجرد أحلام من يكيدون لمادة التربية الإسلامية بالتهميش والإضعاف،خير منبه إلى أنهم لن يبلغوا غير بعض الأذى والذي سيؤدون ثمنه غاليا أقله أن يلفظهم هذا الشعب المؤمن عندما يقف على حقيقة سعيهم وتخريبهم لمنظومة القيم ولعنصر مهم من العناصر الدافعة للتنمية،وسيلقي بهم حتما في مزبلة التاريخ،وينعتهم
بالفاشلين في أمر الدين والدنيا معا (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).






التوقيع




    رد مع اقتباس