عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-01, 06:26 رقم المشاركة : 3
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: لماذا في سورة الأنعام في 3 آيات متتالية تنتهي كلَ واحدة بالترتيب قد فصلنا الآيات لقوم : يعلمون، يفقهون، ثم يؤمنون ؟


.[سورة الأنعام: الآيات 97- 98]

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}.
.اللغة:

{يَفْقَهُونَ}: مضارع فقه الشيء، بكسر القاف: إذا فهمه ولو أدنى فهم، قاله الهروي في معرض الاستدلال على أن فقه أنزل من علم. وفي حديث سلمان أنه قال وقد سألته امرأة جاءته: فقهت؟
أي فهمت؟ كالمتعجب من فهم المرأة عنه. وإذا قيل: لا يفقه فلان شيئا، كان أوغل في الذمّ في العرف من قولك: لا يعلم شيئا، وكأن معنى قولك: لا يفقه شيئا، ليست له أهلية الفهم وإن فهم، وأما قولك: لا يعلم شيئا، فغايته نفي حصول العلم له، وقد تكون له أهلية الفهم والعلم لو يعلم، وسيأتي سرّ استعمال يفقهون هنا في باب البلاغة.
{مستقر} بفتح القاف، لأنه اسم مكان أو مصدر ميمي بمعنى الاستقرار.
{مُسْتَوْدَعٌ} بفتح الدّال، لأنه اسم مكان من استودع، وسيأتي مزيد من معناهما في باب الاعراب.
.الإعراب:

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الواو حرف عطف، وهو مبتدأ، والذي خبره، وجعل هنا بمعنى خلق فتتعدّى لواحد، ولكم جار ومجرور متعلّقان بجعل، والنجوم مفعول به، ولتهتدوا اللام للتعليل والجر، وتهتدوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التّعليل، والجار والمجرور متعلقان بجعل أيضا، عن طريق البدلية الاشتمالية، بإعادة العامل، والتقدير: جعل لكم النجوم لاهتدائكم، وفي ظلمات البر والبحر جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، أي: حال كونكم مدلجين في ظلمات الليل بالبر والبحر {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} الجملة مستأنفة، مسوقة للتأكيد على وجوب إفراغ الجهد في سبيل التعليم والهداية، والآيات مفعول به، ولقوم جار ومجرور متعلقان بفصلنا، وجملة يعلمون صفة لقوم {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} الواو عاطفة على ما تقدم، وهو مبتدأ، واسم الموصول خبره، وجملة أنشأكم صلة الموصول، ومن نفس جار ومجرور متعلقان بأنشأكم، وواحدة صفة، فمستقر الفاء واقعة في جواب الموصول لما فيه من رائحة الشرط، ومستقر قرئ بفتح القاف، فهو مبتدأ حذف خبره، والتقدير: فلكم مستقر، لأنه اسم مكان أو مصدر ميمي، ومن قرأ بكسر القاف والدال فهما اسم فاعل، والتقدير: فمنكم مستقر ومستودع {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} تقدم إعرابها، وسيأتي المزيد منها في باب البلاغة.
.البلاغة:

التعريض بمن لا يتدبر آيات اللّه ولا يعتبر بما خلق. ومعلوم أن للجهل حالين متغايرين: أولهما جهل لا يعدو نفس الناظر ولا يتجاوزها، وثانيها جهل خارج عن أنفس النظار اي النجوم والنظر فيها وعلم الحكمة الإلهية، فاذا تمهد ذلك سهل عليك أن تعرف أن جهل الإنسان بنفسه وبأحواله وعدم النظر فيها والتفكر في تطوراتها أبشع من جهله الأمور الخارجة عنه، كالنجوم والأفلاك ومقادير سيرها، فلما كان الفقه أدنى درجات العلم خصّ به أسوأ الفريقين، وصار بالتالي تخصيص نفي أعلاها بالعلم بأسوأ الفريقين حالا.
وهذا من دقائق لغتنا العربية، فاحرص عليه.
.الفوائد:

وللشوكاني عبارة في المستقر والمستودع تروى الغليل قال: قرأ ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وأبو عمرو وعيسى والأعرج والنخعي: بكسر القاف، والباقون بفتحها، وهما مرفوعان على أنها مبتدآن، وخبرهما محذوف، والتقدير: فمنكم مستقر، أو فلكم مستقر، التقدير الأول على القراءة الأولى، والثّانية على الثّانية، أي: فمنكم مستقر على ظهر الأرض، أو فلكم مستقر على ظهرها، ومنكم مستودع في الرحم أو في باطن الأرض أو في الصلب. وقيل: المستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما كان في الصلب. وقيل: المستقر من خلق. والمستودع من لم يخلق والاستيداع إشارة إلى كونهم في القبور إلى البعث.
.[سورة الأنعام: آية 99]

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}.
.اللغة:

{خَضِرًا} بكسر الضّاد، صفة مشبهة، يقال: أخضر وخضر كأعور وعور.
{مُتَراكِبًا} يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة ونحوها.
{قِنْوانٌ} جمع تكسير، مفرده قنو كصنو وصنوان. وهذا الجمع يلتبس بالمثنّى في حال الوقف، ويتميز بحركة النّون، فنون المثنى مكسورة دائما، ونون هذا الجمع تتوارد عليها الحركات الثلاث بحسب الإعراب. ويتميّزان أيضا في النسب، فإذا نسبت إلى المثنّى رددته إلى المفرد فقلت: قنويّ، وإذا نسبت إلى الجمع أبقيته على حاله لأنه جمع تكسير، فنقول: قنوانيّ. ويتميزان أيضا بالإضافة، فنون المثنّى تسقط لها بخلاف نون جمع التكسير، فتقول في المثنى: هذان قنواك، وفي الجمع: هذه قنوانك، ويقال مثل هذا في: صنوان، مثنى وجمعا، والقنو بكسر القاف، ويقال: بضمها: العذق، وهو من النخل كالعنقود من العنب.
{دانِيَةٌ} سهلة المتجنى، قريبة للقاطف.
{يَنْعِهِ} مصدر ينع بكسر النون، فهي مكسورة في الماضي مفتوحة في المضارع، أي: نضج واستوى. وقال أبو عبيدة في كتابه مجاز القرآن: إذا فتحت ياؤه هو جمع يانع، كما التجر جمع تاجر، والصّحب جمع صاحب، وقد يجوز في مصدره ينوعا، ومسموع من العرب: وأينعت الثمرة تونع إيناعا. ومن لغة الذين قالوا: ينع قول الشاعر يزيد بن معاوية في نصرانية ترهّبت في دير خرب عند الماطرون، وهو موضع بالشام، قال:
آب هذا الهمّ فاكتنفا ** وأترّ النوم فامتنعا

راعيا للنجم أرقبه ** فإذا ما كوكب طلعا

في قباب عند سكرة ** حولها الزيتون قد ينعا

الى آخر هذه القصيدة الممتعة.
.الإعراب:

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ} الواو عاطفة، والكلام معطوف على ما قبلها لمناسبة أول الكلام آخره وذكر ما يحتاج اليه الناس في معاشهم، وهو مبتدأ، والذي خبره، وجملة أنزل من السماء صلة، وماء مفعول به، والفاء عاطفة، وأخرجنا فعل وفاعل، وبه جار ومجرور متعلّقان بأخرجنا، ونبات كل شيء مفعول به {فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِبًا} الفاء: حرف عطف، وأخرجنا فعل وفاعل، ومنه جار ومجرور متعلقان بأخرجنا، وخضرا مفعول به وجملة نخرج صفة ل {خضرا} وعبر بالمضارع مع أن المقام للماضي لاستحضار الصورة القريبة، وقد مرت نظائره في أبواب البلاغة. ومنه جار ومجرور متعلقان بنخرج، وحبا مفعول به، ومتراكبا صفة. {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ} الواو اعتراضية، ومن النّخل جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، ومن طلعها بدل من الجار والمجرور قبله بإعادة الجار، والبدل هنا بدل بعض من كل، لأن الطلع أول ما يبدو للعيون منها، وقنوان مبتدأ مؤخر، ودانية صفة لقنوان، والجملة معترضة سيقت للمنّة، لأنه من أعظم أقوات العرب، ولأنه جامع بين اللذة والقوت {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ} الواو عاطفة، وجنات عطف على نبات، فهو منصوب، أي: فأخرجنا بالماء النّبات، وجنات، فهو من عطف الخاص على العام، ومن أعناب جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة، وكذلك الزيتون والرمان، واختار الزمخشري أن ينصب الزيتون والرمان على الاختصاص تنويها بهذين الجنسين وتمييزا لهما، ومشتبها حال، والمراد تشابه أوراقهما، وغير متشابه عطف عليه، وقرأ بعضهم {وجنات} بالرفع، وضعفها أبو جعفر الطّبري، والرفع على عطفها على قنوان، أو على أنها مبتدأ خبره محذوف، أي: وثمّ جنات من أعناب، وقدره أبو البقاء ومن الكرم جنات {انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} الجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم مقدم، وانظروا فعل أمر والواو فاعل، وإلى ثمره جار ومجرور متعلقان بانظروا، وإذا ظرف مستقل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب وهو انظروا وجملة أثمر في محل جر بالإضافة، وينعه عطف على ثمره {إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الكلام مستأنف مسوق لتعليل عبادته سبحانه، وبيان قدرته البالغة. وإن حرف مشبه بالفعل، وفي ذلكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم، واللّام المزحلقة، وآيات اسم إن، لقوم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لآيات، وجملة يؤمنون صفة لقوم، والإشارة تقع على جميع ما تقدم ذكره من قوله: {إن اللّه فالق الحب والنوى} إلى هنا.
.البلاغة:

في الآية التفات بليغ بقوله: {فأخرجنا}، وسره العناية بشأن هذا الإخراج والتنويه بالعظمة والقدرة البالغتين.






التوقيع






    رد مع اقتباس