بضاعتنا ردت إلينا | صحيح أنه من جدّ وجد، ومن زرع حصد، لكن قد يحصل في نظامنا التعليمي أن يجد التلميذ دون أن يجدّ. وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن هناك نوعا من العشوائية لا زالت تعبث بنظام التقويم في العملية التعليمية. إن عملية تقييم التلميذ بشكل دقيق تتطلب جهدا كبيرا من طرف المدرس،إذ أن عملية اكتشاف مهارات التلميذ ومعارفه وقدراته من خلال بعض المداد الذي يصبه قلمه في ورقة الامتحان، هو تقييم من زاوية جد مغلقة، تحجب عن المدرس مختلف القدرات التي يتوفر عليها التلميذ. وبالتالي قد تكون أي نقطة وضعها المدرس للتلميذ لا تعكس مستواه الحقيقي . إن اعتماد تقويم من هذا القبيل يجعل الكسول الذكي اجتماعيا يتفوق على من أذكى منه ثقافيا،لأن الأمر لا يتطلب مجهودا فكريا ثقافيا بقدر ما يتطلب إثقان قوانين اللعبة ( لعبة الغش في الامتحان).
نعرف أن التقييم الذي يعتمد على ما هو متداول في الأوساط التعليمية بعبارة "بضاعتنا ردت إلينا" تجعل من التلميذ جسما مريضا بحيث سرعان ما يتقيأ كل ما راكمه من معارف أثناء الاختبار،والسبب في ذلك هو أنه لا يتقن عملية الهضم،أو بالأحرى لا يتدرب على تقنية الهضم التي ترادف الاستيعاب. وعلى النقيض من ذلك نجد التلميذ المتمكن يعوض عملية التقيئ بإعادة استعمال نفس المهارات والمعارف التي اكتسبها في وضعيات جديدة وهذا هو المطلوب حتى تتطور قدراته وتصقل مهاراته فيصبح عنصرا إيجابيا قادرا على المشاركة في بناء المجتمع. من أهم النقط التي يجب الوقوف عندها،والتي قد تعصف بحياة التلميذ ،هي أن المدرس قد يكون عنه نظرة أولية سرعان ما تتحول إلى نهائية، فيصنفه حتى قبل اختبار كفاءته. وهذا قد يولد لدى التلميذ نوعا من الإحباط والنفور،سرعان ما ينتهي بالفشل الدراسي،وبالتالي يضع التلميذ حدا لمشواره الدراسي حاملا نقطا سوداء غالبا ما تؤثر على سلوكياته فيما بعد. الرسالة التي لا يجب تغيبها أو إغفالها،هي أن كل تلميذ يملك قدرات،إما أن تكون ظاهرة تجعله يبرهن عليها أو تكون باطنية تحتاج إلى مدرس يتقن التنقيب عنها ليكتشفها. | آخر تعديل صانعة النهضة يوم 2012-11-23 في 08:03. |