لا زالت تداعيات تقسيم م/م أولاد ارميش التابعة لنيابة الفقيه بن صالح تنبئ بمزيد من التصعيد، بعد أن تشابكت الخيوط و طفت معطيات جديدة على السطح،مما سيضع لا محالة الموسم الدراسي الحالي بهذه المجموعة فوق صفيح ساخن.
فبعد أن أقدمت مصالح النيابة على تقسيم م/م أولاد ارميش (و التي كانت تضم -بالإضافة إلى المركزية- فرعيات:أولاد ارميش الواد،أولاد عيسى،أولاد يحيى) ابتداء من الموسم الدراسي الحالي،لتتحول بذلك فرعية أولاد عيسى إلى مركزية تضم فرعية أولاد يحيى و فرعية جديدة محدثة، و تبقى المؤسسة الأم (م/م أولاد ارميش) بفرعية واحدة هي فرعية أولاد ارميش الواد.و هو التقسيم الذي أقرته لجنة نيابية تم إيفادها إلى عين المكان في نهاية الموسم الدراسي الفارط و تم اعتماده بناء على معطيات جغرافية (تقارب المؤسسات)و عددية (عدد الأساتذة و التلاميذ)، و على أساسه بنيت الحركتان الانتقاليتان الأخيرتان:الوطنية و الجهوية.
غير أن هذا التقسيم أشعل فتيل الاحتجاج لدى الأساتذة الذين كانوا يعملون بفرعيتي أولاد عيسى و أولاد يحيى (و عددهم 18 أستاذا و أستاذة) لأنهم اعتبروه مجحفا في حقهم و من شأنه أن يقضي على آمالهم في الالتحاق بمركزية أولاد ارميش أو بفرعية أولاد ارميش الواد بحكم محاذاتهما للطريق الوطنية الرابطة بين بني ملال و مراكش. و قد أدت تلك الوقفات الاحتجاجية التي كانت المؤسسات التعليمية المعنية و النيابة الإقليمية و الأكاديمية الجهوية لتادلة أزيلال مسرحا لها،إلى تراجع نيابة الفقيه بن صالح عن هذا التقسيم و اقتراح صيغة بديلة تنص على أن تتحول فرعية أولاد ارميش الواد (المحاذية للطريق الوطنية) إلى مركزية تتبع لها فرعية أولاد عيسى (التي جعلها التقسيم الأول مركزية )،و قد توخت النيابة من وراء ذلك ترضية الأساتذة المحتجين بالحفاظ على آمالهم في الاقتراب من الطريق المعبدة.
إلا أن سكان الدواوير سيدخلون على الخط، و سينزلون بثقلهم في القضية،حيث تمسكت ساكنة أولاد عيسى و أولاد يحيى بمكسب إحداث مركزية بدوارهم و تقريب إدارة المؤسسة منهم، معتبرين بأن من شأن ذلك وضع حد للاختلالات التي طبعت مسيرة تمدرس أبنائهم ردحا طويلا من الزمن (تغيبات الأساتذة و تأخراتهم التي صارت "قاعدة لا استثناء" حسب تعبير بعض الآباء)،و أن التراجع عن إحداث المركزية الجديدة بدوارهم سيبقي دار لقمان على حالها.لذلك قامت الساكنة بشد رحالها إلى مقر النيابة قصد الاحتجاج مهددين بمنع أبنائهم المتمدرسين من الالتحاق بفصولهم الدراسية.
و من جانبهم،رفض الأساتذة العاملون بمركزية أولاد ارميش و الفرعية التي ظلت تابعة لها ،أولاد ارميش الواد،(و عددهم 24 أستاذا و أستاذة) مخطط التقسيم المعدل،لأنهم صاروا مهددين بالعودة إلى الفرعيات النائية بعد أن قضوا فيها نصيبهم من السنوات العجاف.لذلك التحقوا بدورهم بالنيابة الإقليمية للفقيه بن صالح لإبداء وجهات نظرهم في الموضوع،و قد تم الاستماع لهم آنذاك من طرف رئيس مصلحة الموارد البشرية -بسبب عدم تواجد النائب الإقليمي- و تسلم منهم عريضة موقعة لضمها لملف المشكل،واعدا إياهم بإطلاع النائب على مضمون اللقاء و السعي لإيجاد حل وسط يراعي مصالح الجميع.....و بذلك راوحت القضية مكانها لما يزيد عن الشهرين.
غير أن ذلك الهدوء لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة.ففي الأيام القليلة الماضية ،تفاجأ الأساتذة العاملون بمركزية م/م أولاد ارميش و فرعيتها أولاد ارميش الواد بإقدام النيابة على توقيع محضر اتفاق مع بعض المكاتب النقابية‎ ‎في إطار ما سمي باللجنة الإقليمية،و هو المحضر الذي تبنى طرحا ثالثا نشازا مؤداه إلحاق فرعية أولاد ارميش الواد (التابعة حاليا للمجموعة المدرسية الأم) بمركزية أولاد عيسى ،و ذلك لضرب عصفورين بحجر واحد: إرضاء الأساتذة المحتجين من جهة،و الساكنة التي ظلت متشبثة بمكسب إحداث المركزية على ترابها من جهة ثانية.على أن يتم بناء قسمين جديدين بأرض جديدة و إتباعهما للمجموعة الأم حتى لا تصير بدون فرعيات.
و بما أن "لي كيحسب بوحدو كيشيط ليه" كما يقول المثل المغربي.فقد تعبأ الطرف الثاني (الأساتذة 24 بم/م أولاد ارميش) - بعد علمه بفحوى المحضر الآنف الذكر- و سطر برنامجا تصعيديا استهله بالالتحاق بالنيابة الإقليمية مرة أخرى و الاجتماع هذه المرة بالنائب شخصيا و إبلاغه احتجاجه الشديد على تجاهل آراءه التي سبق له الإدلاء بها أمام رئيس مصلحة الموارد البشرية،خصوصا بعد أن اكتشف الأساتذة اختفاء العريضة التي سلموها لهذا الأخير على أساس ضمها لملف مشكل التقسيم،مما يطرح أكثر من سؤال حول تعمد تغييب رأي الجانب الذي سلك في البداية السبل السلمية عوض الوقفات الاحتجاجية بالرغم من أغلبيته العددية،و عَرْض ملف مشكل التقسيم أمام ما سمي "باللجنة الإقليمية" ناقصا و مفتقدا لكافة وجهات النظر.
كما قام أساتذة أولاد ارميش ببعث رسائل احتجاج للمكاتب الإقليمية للنقابات التي وقعت على محضر الاتفاق مع النيابة دون أن تكلف نفسها عناء الإنصات للجميع أو توفد ممثليها إلى عين المكان لتقصي حقيقة المعطيات. و يعتزم الأساتذة المذكورون الدخول في اعتصام مفتوح ابتداء من الأسبوع المقبل بفرعية أولاد ارميش الواد على أن يتم نقله لاحقا إلى مقر الأكاديمية الجهوية، لاقتناعهم بأن مصالح النيابة و الأكاديمية لا تفهم إلا لغة الاحتجاج و تعتبر خلاف ذلك خنوعا و رضوخا للأمر الواقع.
بقي أن أشير في الختام أن ساكنة دوار أولاد ارميش الواد ستحذو هي الأخرى حذو سابقتها،إذ هددت بمنع أبنائها من ارتياد المدرسة،بل أكثر من ذلك هددت بقطع الطريق الوطنية الرابطة بين بني ملال و مراكش في حالة إلحاق الوحدة المدرسية بمركزية أولاد عيسى،و ذلك بسبب الحزازات القبلية القديمة الموجودة بين ساكنة الدوارين.
و الخلاصة من كل ما تقدم أن النيابة الإقليمية قد تسببت في إثارة البلبلة و خلق الصراعات بين الكثير من الأطراف،و الأكيد أن من سيدفع الثمن أولا و أخيرا هو المتعلم الذي تدعي الوزارة بأن مصلحته فوق كل اعتبار! فما موقف محمد الوفا من كل هذ؟ و أين المفر ؟ الأساتذة من أمامكم و الساكنة من ورائكم.