2010-01-03, 16:04
|
رقم المشاركة : 76 |
إحصائية
العضو | | | رد: مصطفام ينفض الغبار عن عالم الحمار -موضوع متجدد- | الموضوع السابع و الأربعون: حمار بني عبس ! يحكى أنّه كانَ هناكَ في بلادِ بني عبس حمارٌ فاقَ أقرانهُ نباهةً وحكمةْ ، وخصّه اللهُ بنعمةٍ وأيّ نعمةْ ، فقد وهبهُ اللهُ فصاحةً في اللسانْ ، وسحراً من البيانْ ، وذكاءً لا يخفى عن العيانْ ؛ فحصدَ هذا الحمارْ العجَبَ والإبهارْ ، وأصبحَ من نوادرِ الأمصارْ ، وأشدّ إعجازاً من تعاقبِ الليلِِ والنهارْ ! وذاتَ يومٍ جاءَ الحمارُ إلى صاحبهِ يهزُّ ذيلهُ والراسْ ، ووجههُ طافحٌ بالبشرِ والحماسْ، فقال الحمار لصاحبه : سيّدي الكريم لقد سئمتُ المكوثَ في الحظائرِ مع الأنعامْ ، والرعيَ في الحقولِ كما ترعى الأغنامْ ، وإنّ من حقي أنْ أحققَ بعضَ الأحلامْ ، وأنتَ تعلمُ يا سيّدي أنّ اللهَ خصّني بنعمةِ العقلِ واللسان ومنحني جسماً من أقوى الأجسامْ ، فبَدتْ على وجهِ الرجلِ علاماتُ الاهتمامْ ، فأكملَ الحمارُ حديثهُ : وإنني أرغب يا سيّدي أن ألتحقَ بالعملِ لدى (ديوان الجندِ والعسكرْ) لأخدمَ وطني وأدافعَ عنهُ وأحافظَ على أمنهِ وإنّي بذلك أفخرْ، فسُرّ الرجلُ بحديثِ حمارهِ النجيبْ ، وقال : يا لكَ من حمارٍ وطنيّ مخلصٍ عجيبْ ! ، فأكمل الحمار الحديث قائلاً : ولكنني يا سيّدي أخافُ ألاّ يقبلَ الديوانُ الحميرْ ، فأصبحُ بائساً حسيرْ ! ولكنّ الرجلَ سارعَ بالقولِ : لا تخفْ ياعزيزي فديوانُ الجندِ والعسكرِ لا يخلو من الحميرْ ! فذهب الحمار إلى الديوان منتشياً بعد ما سمعَ كلامَ سيّده … وسأتركُ المجالَ لحمارنا ليرويَ لنا قصته العجيبة ! يقول الحمار : ذهبتُ إلى الديوانِ وفوجئتُ بسرعةِ إنهاءِ إجراءاتِ القبول ! وتم تعييني برتبةٍ كبيرةٍ في أحدِ أقاليمِ بني عبس ، وبقيتُ فترةً لا يستهانُ بها فرِحاً بمنصبي الجديدْ ، فكنتُ أصدرُ الأوامرَ كما يفعل السيّدُ ويطيعونها كما يفعلُ العبيدْ ! ، إلا أنني بعد فترة وجيزة أحسستُ أنني أكادُ أنْ أفقدَ (حموريّتي) ، وأتحولُ إلى حجرٍ بلا مشاعر ، فتركتُ ديوانَ الجندِ بلا رجعة ! وتمرّ الأيامُ وأنا أتنقلُ من ديوانٍ إلى آخر .. وتقلدتُ مناصبَ عدة ، في ديوانِ بيتِ مالِ المسلمين ، وديوانِ العمالِ ، وديوانِ الحجابةِ ، وديوانِ المظالمِ ….… الخ وكنتُ في كلّ مرةٍ أتركُ العملَ لأسبابٍ يطولُ شرحها ! ثمَّ أشارَ عليّ أحدُ أصدقائي من بني البشرِ بأن ألتحقَ بديوانِ الحِسْبة ، ففكرتُ ملياً وقلبتُ الأمرَ على عدة أوجه ، فقررتُ أن أخوضَ هذه التجربة خاصّة وأن كثيراً من أبناء جلدتي يعملون في هذا الديوان ! فصرفوا لي (مشلحاً) لمّاعْ ، و(سواكاً) طوله ذراعْ ! وألبسوني شماغاً وقيّدوني بالأفضالْ ، وحذروني من ارتداءِ العقالْ ! ثمّ بدأتُ العملَ والنضالْ ، وبالطبع لم تنقطعِ الأموالْ ولكنني اكتشفتُ أنّ ما يقومون بهِ يخالف ما نشأتُ عليهِ من مبادئ ! وأنّ طريقةَ تفكيرهمْ لا تتفقُ مع طريقةِ تفكيري ! فقررتُ الرحيلَ عنهم !! يقولُ صاحبُ الحمار : بعد أن اعتنقَ حماري العزيز كثيراً من التياراتِ والأفكارِ المنتشرةِ في بلادِ بني عبسْ ، لم تعجبه هذه التيارات ولم تستطعْ أن تغيّرَ ما تربى عليهِ بالأمسْ ! فعانى كثيراً وهامَ على وجههِ في الصحراء وهو يردّد : الحمـدُ للهِ أننـا حميـرُ طعامنا الأعلافُ والشعيرُ وعيشةُ الحمارِ في الفـلاةِ مبادئٌ ، أخوّةٌ ، وخيْرُ ! حياتنا يسودها التراحـمْ تسودها الأخلاقُ والضميرُ | التوقيع | هل جلست العصر مثلي ... بين جفنات العنب
و العناقيد تدلـــــــــــــت ... كثريات الذهب | |
| |