عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-28, 20:56 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي مجرد رأي: زمــن مــدرســي عــلى المـقــاس


مجرد رأي: زمــن مــدرســي عــلى المـقــاس

الأربعاء, 24 أكتوبر 2012 16:04



على هامش برنامج تلفزي شاركنا فيه سويا، سألتني وزيرة التربية الوطنية السيدة لطيفة عابدة عن رأيي في مذكرة أصدرتها في شأن تأمين الزمن المدرسي، فأجبتها بأن التأمين تحصين للزمن المدرسي من الهدر وحماية له من الضياع، لكن يبقى السؤال الأهم هو ماذا نعني بالزمن كمفهوم؟ وهل بالإمكان تأمين شيء دون معرفة به، بمشاكله، بمكوناته؟
وفي هذا الصدد، فإني آخذ بالمعنى الباشلاري لمفهوم الزمن؛ إنه مركب من مادة وحركة، فالأرض مادة وتواتر دورانها حركة، ونتاج ذلك الزمن الفلكي. لكن ما القول بالنسبة إلى الزمن المدرسي؟ فالمدرسة مؤسسة اجتماعية لها وجود مادي، ولقاء مجموعة من الأفراد يتفاعلون داخل هذه المؤسة بمكوناتها الرمزية والمادية بهدف تحقيق غاية مشتركة، ينتج لنا ما نسميه الزمن المدرسي، فهو إذن، نتاج تفاعل اجتماعي ضمن مكان معين وفي زمان محدد. لذلك كان لابد من التفكير في تنظيم هذا الزمن حسب الإيقاع الذي يضمن سيرورة الحياة المدرسية وانضباطها في نوع من التناغم والتكامل والانسجام.
ويبدو أن الوزير أراد من المدرسة المغربية أن ترتقي آخذة بالمعايير الدولية دون إدراك منه لما بين المدرستين الغربية والمغربية من اختلاف وتباين في الأمكنة والأزمنة، في البنيات والمؤهلات، لذلك اختزل الزمن المدرسي في مجرد استعمالات للزمن، وألغى العمل بنموذج الزمن المستمر في العالم القروي دون مراعاة عدم ملاءمة بنية المؤسسة المدرسية لهذا النوع من التقسيط في الزمن الذي وضع الأساتذة في موقف جديد يحتم عليهم البقاء طوال اليوم داخل مؤسسة فرعية او مركزية لا تتوفر على بنية للاستقبال حيث يرتاحون ما بين الفترتين في انتظار الحصة الموالية، هذا في الوقت الذي تعوًدوا فيه على ذلك التوقيت ونظموا حياتهم حسبه. ولذلك، ظهرت بوادر تنظيم احتجاجات للمدرسين في جهات من العالم القروي لعدم ملاءمة التوقيت الجديد لأحوالهم. هذا في الوقت الذي عرفت فيه عدد من المدارس في العالم الحضري ارتباكا بسبب اختلال في البنية ونقص في الحجرات، الشيء الذي أرهق المديرين في غمرة الدخول المدرسي، بإعادة إعداد جداول حصص تلائم الزمن الجديد، مثلما أضاف إلى مصالح الخريطة المدرسية بالنيابات والأكاديميات متاعب طارئة.
ويبدو أن هذا القرار تم إصداره دون اعتبار لوجهات نظر العاملين في القطاع، وجاء مخالفا لما تنص عليه القوانين التنظيمية، فالمادة 23 من المرسوم المؤرخ في 17 يوليوز 2002 المتعلق بالنظام الأساسي بمؤسسات التعليم العمومي، تؤكد على ضرورة عرض عملية توزيع التلاميذ على الأقسام على مجالس التدبير وكذا توزيع التلاميذ على الحجرات واستعمالات الزمن. وهذا ما درجت على التنصيص عليه المذكرة 122 التي ألغاها الوزير بجرة قلم، وهي التي تنص على تنظيم الزمن حسب المكان؛ ففي فترة سابقة عملت الوزارة من منطلق وعيها بالخصوصيات السوسيوثقافية على إصدار مذكرة تقضي بتكييف استعمالات الزمن في الوسط القروي بما يلائم المحيط البيئي والاجتماعي والاقتصادي للسكان. ومن هنا يكون مفهوم الزمن المدرسي متشبعا بالمكونات المادية والرمزية للمحيط البيئي، مما يجعله أكثر مرونة واستجابة لرغبات العاملين وظروف المتعلمين.
وهكذا فإن تدبير الزمن المدرسي تتحكم فيه مجموعة من العوامل أهمها: استعمالات الزمن، جداول الحصص، المواد الدراسية، الحجرات والموارد البشرية... وعلى ضوء ذلك، يقتضي الأمر تكييف التنظيم الوظيفي بالإعدادي والتنظيم الإجرائي بالتأهيلي وفق معطيات وظروف وإمكانيات كل مؤسسة على حدة. أما في الابتدائي فقد كانت تحكم استعمالات الزمن صيغ منفتحة وجاهزة بحيث يبقى على المدير فقط، اختيار الأصلح لمؤسسته، ولعله النموذج الأنسب إلى مفهوم الزمن بالمعنى الشمولي وليس بالمعنى الفردي الذاتي المبني على حسابات شخصية تتوخى الحد من بعض الامتيازات وهوامش التحرك لمختلف العاملين بالقطاع.

المكي ناشيد, باحث تربوي
الصباح التربوي






التوقيع

    رد مع اقتباس