عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-20, 16:20 رقم المشاركة : 1
فطيمة المراكشية
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية فطيمة المراكشية

 

إحصائية العضو







فطيمة المراكشية غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي مذكرات معلم مغربي


مقالات جريدة الصباح تحول المعلمين لمادة دسمة للتنكيت
المقال الثالث



بقلم | حميد الأبيض
منقول من : مذكرات معلم مغربي


معلمون يحولون حجرات دراسية إلى أماكن إقامة بعضهم يستغل تلاميذه بشكل بشع في السخرة وآخرون يفضلون هذا الوضع على الإقامة في العراء

ما زال بعض رجال التعليم بمناطق وقرى نائية بإقليم تاونات، يقتسمون مع تلامذتهم، حجرات دراسية يلقنونهم فيها أبجديات التربية ويحولونها ليل نهار إلى مأوى وأمكنة للطهو، رغم كل المخاطر المحدقة، فيما يستغل المتمدرسون، بشكل بشع في أحايين كثيرة، في "السخرة" والتبضع.

ويجد بعضهم في غياب المساكن الوظيفية خاصة بالفرعيات ورفض السكان قبول كرائهم لغرف بالدوار لأسباب مختلفة مرتبطة بالتقاليد وغيرها، مبررا لإقدامهم على تقسيم حجرات المدرسة، إلى قسمين، أحدهما للتدريس والثاني ل"الإقامة" بما يرتبط بها، ما يؤثر سلبا على السير العادي للدراسة.

بعضهم يستعمل أقمشة وبلاستيك، لفصل وعزل "بيته" عن طاولات الحجرة، وآخرون يفضلون أن يكون الوضع مكشوفا أمام أعين أطفال لا ذنب لهم، إلا أنهم ولدوا في مداشر بعيدة عن أعين المسؤولين عن القطاع وغيره من القطاعات المعنية بتنمية دواويرهم وتوفير البنيات التحتية اللازمة لتدارك الوضع.

رائحة "الكاميلة" معتادة من قبل تلاميذ وتلميذات عدة فرعيات، و"معلم" تائه بين تلقين صغاره ويقظته الحائلة دون احتراق "ما يطهى" من لقمة عيشه المرة... مشاهد مقززة ما تزال صامدة في مؤسسات تعليمية في زمن كثرت فيه شعارات تخليق الحياة المدرسية وبرامج "مدرسة النجاح".

"طوبية" فوقها بقايا طاولات متآكلة و"كارتون"، هي مطبخ يلجأ إليه "المبتلون" بهذا الوضع، لتدبير حاجياتهم اليومية، في ظل تضارب كبير بين الشعارات الرنانة والواقع المر، وبحثا عن "استقرار" مؤجل إلى غد غير معلوم، ما لم تلتفت الوزارة، إلى مثل هذه الفئة "الرثة" من رجال تعليمنا".

كاذب من يظن أن تعليمنا قطع أشواطا مهمة في ظل مثل هذه المشاهد المعتادة بعدة مناطق خاصة بغفساي المنطقة التي قال محمد، رجل تعليم مر منها، إنها تضرب أرقاما قياسية في الظاهرة، خاصة أمام رفض أهاليها، فتح أبواب منازلهم الطينية والإسمنتية، في وجه المعلمين والوافدين.

عدم توفر سكن للإيجار، يدفع من قيل فيهم "كاد المعلم أن يكون.."، إلى استغلال الحجرات مأوى غير آمن بالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن يشكلها استعمال قنينات غاز به. وضع لا يرضي محمد الذي قال إن لا بديل للاجئين إلى هذا الحل، عنه وإلا ف"أين سيقطنون، هل في الخيمة أو العراء؟".

وقال هذا المعلم الذي انتقل للعمل بعيدا واختار القيام برحلات يومية مكوكية (لانافيط) بين مقر عمله بتيسة وسكناه بفاس، إنه يعرف زملاء له ما زالوا يعيشون "هذا الوضع المذل"، إلى الآن، خاصة بفرعية بالرتبة بغفساي، متسائلا إلى متى ستستمر هذه الصورة غير اللائقة برجال التعليم ونسائه.
ويقول إن إيجاد حل للمشكل ليس بيد المعلم المغلوب على أمره، الذي "من الأفضل أن يقطن في القسم، عوض أن يلجأ إلى الغياب المستمر الذي يلحق أضرارا كبيرة بتلاميذ أبرياء يبدو أنهم غير حاضرين في أجندة الوزارة الوصية"، لكنه ينصح باتخاذ الاحتياطات تلافيا لحدوث مثل حادث البيضاء.

ويؤكد عبد الإله، الأب ورجل التعليم المستفيد من المغادرة الطوعية، أن التلاميذ عادة ما يكملون عمل المعلم في غسل الأواني وجلب الماء الكافي لذلك، من عيون بعيدة وفي الحصص الدراسية أحيانا، دون أن ينكر تنامي أطماع بعض المعلمين واستغلالهم البشع لتلاميذهم في "السخرة".يتم ذلك أحيانا، برأيه، أمام أعين المفتشين والمديرين الذين "ليس الحل بيدهم"، و"لا يتوانون في تناول ما طها المعلم من أكل، أو كؤوس شاي منعنعة أو بالشيبة"، حين زيارتهم لتلك الفرعيات البعيدة عن ما يتداول من مخطط استعجالي خاصة بالمناطق التي تكبر فيها الهوة بين المعلم والسكان.

ولتأكيد ذلك يحكي من باب التنكيت، ما يقول إنه وقع يوما بدوار انتبه معلم إلى شح مساعدات الناس له، قبل أن يطالب تلاميذ بإحضار كل واحد منهم، بيضة. وهو ما تم قبل أن يطالبه برسم كتكوت عليها، في اختبار ذكي عمد بعده إلى مطالبتهم بجمع كل البيض، ل"تصحيح هذا الامتحان".

ويحكي عبد الإله عن معلمة ضبطت من قبل المدير بصدد تناول رمانة داخل القسم أثناء حصة الدرس، ولشدة مفاجأته قالت "هكذا تأكل الرمانة"، كما لو كانت طريقة تناول هذه الفاكهة، درسا ابتدعته للتغطية على خطئها وتهاونها في أداء مهمتها. قص ذلك قبل أن يطلق ضحكة مثيرة.

وتبقى مثل هذه المشاهد، "عادية"، لكن المذل وغير المقبول، الاستغلال البشع للتلاميذ في تنظيف القسم/ المطبخ أو جلب الماء والحطب من أماكن بعيدة، على حساب تحصيلهم العلمي، فيما يتذكر زميله حميد، كيف كان التلاميذ بدواره إلى حين، يتناوبون في إحضار الوجبات الغذائية لمعلميهم.

ويؤكد ذلك أن المعلم يجب أن لا يلام دائما حول أشياء لا قدرة له على تداركها، متسائلا "من أين له بالخبز وغيره، وهو يقطن بمنطقة نائية يتطلب الوصول منها إلى أقرب نقطة حضرية، عشرات الكيلومترات، وعلى الدواب أحيانا"، متمنيا من الوزارة وكل الوزارات، تدارك واقع القرى غير المرضي.

وبعيدا عن لغة التمني، تبقى الحاجة ملحة لتوفير مساكن ملحقة بمختلف الفرعيات وتجهيزها بالتجهيزات الضرورية لتسهيل عمل المعلمين وتحسينه، كي لا يلجأ بعضهم إلى اقتسام الحجرات الدراسية مع تلاميذهم، وتحويلها إلى "منازل" ضيقة بما تحويه من آلام المشحونين فيها.



حميد الأبيض | فاس
.





التوقيع

    رد مع اقتباس