عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-30, 20:54 رقم المشاركة : 1
الكشاف
أستـــــاذ(ة) مشارك
إحصائية العضو







الكشاف غير متواجد حالياً


افتراضي هل حان الوقت لتقاعد الكتاب المدرسي الورقي؟!


هل حان الوقت لتقاعد الكتاب المدرسي الورقي؟!




بقلم : محمد عويس :

أركان العملية التعليمية ثلاثة: التلميذ، والمعلم، والكتاب المدرسي الذي يمثل التجسيد الفعلي للمنهج الدراسي، وحامل المادة العلمية التي يتلقاها التلميذ. وهو أداة اعتدنا استعمالها حتى نسينا أحيانًا التفكير في طبيعتها، ووظيفتها واستعمالاتها.

وبحوث التربويين المتخصصين في صناعة الكتاب المدرسي و توجيهات وزارات التربية والتعليم في البلاد العربية، تؤكد على أن الكتاب المدرسي الجيد لا يقتصر على الكتاب الأساسي الذي يستخدمه التلميذ فحسب، وإنما ينبغي أن يشتمل على مجموعة من الكتب أهمها:

- دليل المعلم، الذي يضم كتاب التلميذ مصغرًا وعلى حواشيه تدون الإرشادات والأنشطة التي يقوم بها المعلم.

- كتاب التمارين التحريرية والنطقية (الصوتية).

- معجم الكتاب المدرسي، الذي يشرح للطالب بأسلوب مبسط معاني الألفاظ والتعابير الواردة في الكتاب.

- كتاب الاختبارات القبلية والمرحلية والبعدية.



الدكتور علي القاسمي عضو مجمع اللغة العربية بالعراق يشير إلى أنه لكي يؤدي الكتاب المدرسي الجيد وظيفته، لا بد أن يتألف من وحدات تتناول كل واحدة منها موضوعًا واحدًا أو مشكلة واحدة، على أن تتكامل هذه الوحدات في تقديم جميع فنون اللغة، وأن تنطلق من المعرفة السابقة للتلاميذ، وأن يتدرج محتواها من البسيط إلى المركب، وأن تراعي احتياجات المتعلمين الفعلية والفروق الثقافية الناتجة من خلفياتهم وبيئاتهم المتعددة المختلفة.

كما ينبغي أن يتوفر الكتاب المدرسي على أنشطة وتدريبات لتنمية المهارات اللغوية بصورة متوازنة: الاستماع، التحدث، القراءة، الكتابة (الإملاء)، الكتابة (التعبيرالتحريري)، ويعكس محتواه القيم الأصلية للمجتمع العربي والمجتمعات الإنسانية بحيث يوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويشجع على الانفتاح على الآخر والاحتفاء بالتعدد، ويتضمن مواقف حياتية متنوعة وأهم القضايا المعاصرة المناسبة لعمر التلميذ، كما ينبغي أن يتناسب عدد النصوص في الكتاب المدرسي مع عدد الحصص في العام الدراسي.

ومن ناحية أخرى ينبغي أن يستخدم الكتاب المدرسي أساليب تعلم تنمي مهارات التفكير في مستوياته المختلفة لدى التلاميذ، وتراعي الفروق الفردية بين تلاميذ الفصل الواحد، وتشجعهم على التأمل وتقويم الذات والمشاركة الإيجابية في الأنشطة الفصلية والتعلم بصورة عامة. أما تمارين الكتاب المدرسي وأنشطته المختلفة فيجب أن تكون متدرجة، وتدرب التلاميذ على المهارات اللغوية وحل المشكلات، وتقيس استيعابهم للمفاهيم.

وإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون طباعة الكتاب المدرسي وتصميمه وإخراجه جذابة شائقة، وأن تشتمل صفحاته على الصور والرسوم والأشكال البيانية الملونة بنسبة لا تقل عن 05% من مساحة الكتاب.

إعداد الكتاب المدرسي

وحول مواصفات الكتاب المدرسي الجيد يذكر القاسمى أنه تفحص بإمعان عددًا من الكتب المدرسية لتعليم اللغة العربية في المدارس الثانوية في عدد من الأقطار العربية، ولم يجد كتابًا واحدًا تتوافر فيه الشروط والمواصفات المذكورة آنفًا، لسبب بسيط وهو أن وزارة التربية في أي قطر عربي تقرر الكتاب المدرسي في جميع أنحاء البلاد ويدرسه جميع تلاميذ الفصل الواحد، على اختلاف مستوياتهم الذهنية وفي متباين أماكن سكناهم، في القرى وفي المدن، ويتساءل كيف يمكن للكتاب المدرسي الواحد أن يعكس البيئات المختلفة للتلاميذ جميعًا ويراعي الفروق الفردية بينهم؟

ولما كان إعداد الكتاب المدرسي من قبل لجنة وزارية غير متفرغة يتطلب سنوات عديدة، فإن محتويات هذه الكتب تتسم بالقدم ولا تواكب القضايا والتطورات العلمية المتلاحقة في عصر الاتصال والمعلومات، أضف إلى ذلك أن هذه الكتب المدرسية لا تشجع التلاميذ على التأمل والتفكير والإبداع والاختراع، وإنما تكرس التقليد والحفظ والاتكال، فهي يعوزها التوثيق وذكر المصادر والمراجع اللازمة لإتاحة الفرصة للمعلم والتلميذ في التوسع في الموضوع.

إلغاء الكتاب المدرسي

البديل يطرحه القاسمى من خلال ورقة بحثية بعنوان (دعوة لإلغاء الكتاب المدرسي). قدمها لمؤتمر مجمع اللغة العربية الذي عقد بالقاهرة مؤخرًا يتمثل فى التعليم الإلكتروني الذي يستخدم الشبكة (الإنترنت) إذ يستطيع التربويون إعداد المادة العلمية بكلفة مناسبة على الشبكة بحيث تستفيد هذه المادة العلمية من رصيد الشبكة الهائل، بحيث يتنقل الطالب من تلك المادة العلمية الضيقة المحدودة في آفاق الشبكة الرحبة اللامحدودة. كما يستثمر إمكانات الشبكة السمعية البصرية، فيستطيع الاطلاع على الصور المتحركة الناطقة التي تعجز الكتب عن توفيرها. وبعبارة أخرى، إن الكتاب المدرسي كتاب واحد أما الشبكة فهي مكتبة كاملة. غير أن الشبكة أقل كلفة وأخف وزنًا وأبعد تأثيرًا.حيث يمكن تلخيص أهم إمكاناتها فيما يلي:

- يتسم التعلم الإلكتروني بالشمولية. فالشبكة تشتمل على ملايين الموضوعات التي يعجز الكتاب المطبوع عن احتوائها.

- تمتاز الشبكة بحداثة المعلومات العلمية التي تشتمل عليها، إذ يمكن تحديث مواقعها يوميًا بسهولة؛ على حين أن مادة الكتاب تمسي قديمة بمجرد مرور بضعة أيام على صدوره، ويصعب تحديثها.

- المعلومات في الشبكة مترابطة يتصل بعضها ببعض، بحيث يستطيع التلميذ الاطلاع على مراجع كثيرة والانتقال من مرجع إلى آخر، لتلبية احتياجاته الخاصة وما يتناسب مع سنه واهتماماته وميوله وقدراته الاستيعابية، على حين أن كثيرًا من الكتب المدرسية لا تشتمل على مراجع في الموضوع، وحتى إن اشتملت على المراجع فيصعب على التلميذ الرجوع إليها.

- الشبكة تضم الآراء المتباينة حول القضية الواحدة، في حين أن الكتاب يحمل وجهة نظر واحدة عادة، إذ يقتصر كل نص من نصوص الكتاب المدرسي، في الغالب، على رأي واحد، هو رأي كاتب النص أو رأي اللجنة التي اختارته.

5- تتيح الشبكة للتلميذ التعلم التفاعلي، بحيث يستطيع حتى في منزله من التحاور مع معلمه أو زميل له أو مجموعة من الزملاء باستخدام (برنامج سكايب) أو ما يماثله من البرامج الحاسوبية. فالشبكة تفاعلية في بنائها، تتيح تعدد الآراء وتفاعلها.

6- تضر الكتب المدرسية بالبيئة، إذ تتطلب طباعتها قطع أعداد كبيرة من الأشجار لصناعة الورق، على حين أن الشبكة لا تضر بالبيئة. إضافة إلى أن التلميذ الصغير ينوء بحمل كتبه المدرسية الثقيلة الوزن إلى المدرسة ذهابًا وإيابًا، على حين أنه يستطيع أن يسجل جميع ما يحتاجه من مواد الشبكة على مفتاح إلكتروني صغير يحمله في جيبه.

7- يكون دور التلميذ في التعلم الإلكتروني دورًا إيجابيًا إذ يشارك في العملية التعليمية على حين أن دوره سلبيًا في التعلم من الكتاب المدرسي، لعدم تمكنه من اختيار المواد التي يتلقاها.

يرى القاسمى في النهاية أنه من الصعب تأليف كتاب مدرسي تتوافر فيه الشروط التربوية والعلمية اللازمة بحيث يستجيب للاحتياجات المختلفة لتلاميذ الفصل الواحد، ويراعي خلفياتهم البيئية والثقافية والاجتماعية، ويتناسب مع الفروق الفردية بينهم، ويقدم لهم الآراء المتباينة في الموضوع، ويساعدهم على تفهم وجهات نظر الآخر، والاحتفاء بالتعدد، ويدربهم على التأمل والتفكير والإبداع والاختراع.

وقد وفرت تقنيات الاتصال والمعلومات الحديثة وسائل بديلة للكتاب المدرسي في مقدمتها التعلم الإلكتروني الذي يستثمر إمكانات الشبكة (الإنترنت) الهائلة التي تتيح للتلميذ التوسع في المادة العلمية، والاطلاع على المراجع المختلفة، وتبادل الرأي والحوار مع أساتذته وزملائه، حتى مع مستعملي الشبكة في الأقطار الأخرى.

إن الكتاب المدرسي هو نموذج من نماذج التعليم في العالم القديم ولم يعد قادرًا على مواجهة تحديات العالم المعلوماتي الجديد. إن الفرق بين الكتاب المدرسي والتعلم الإلكتروني هو فرق بين رؤية تربوية ماضوية قديمة وبين رؤية تربية مستقبلية مسلحة بالعلم والتكنولوجيا. ولهذا فإن الإصرار على استخدام الكتاب المدرسي في العملية التعليمية شبيه بإصرار الفلاح على استخدامات المحراث اليدوي الذي يجره الثور بدلًا من استعمال المحراث الآلي.



.





آخر تعديل الكشاف يوم 2009-12-30 في 20:57.
    رد مع اقتباس