الموضوع: الهروب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-29, 11:05 رقم المشاركة : 1
مريم الوادي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية مريم الوادي

 

إحصائية العضو







مريم الوادي غير متواجد حالياً


وسام المراقبة المتميزة

new1 الهروب



الهروب



لابد لي من الإنعتاق، طوق الياسمين المسموم يلف رقبتي ،وقيود الورد الوحشي تطوق معصمي،تتراءى لي الأحلام من بعيد فلا أستطيع اللحاق بها،تتراءى لي صورتي هناك ولا أملك استرجاعها..
ضاعت أحلامي ،وتلاشت صورتي وأنا اخنع لهذا الحب العنيد ،
التملك ،الغيرة،الحب القاتل،الإحتلال ،الإلغاء..
كلمات تتقاطع بداخلي كل يوم ،واليوم قررت الهروب قررت فك الكلمات المتقاطعة ،وتمزيق الطوق اللعين..
لملمت قطعا من ملابسي،تأبطت مجموعة قصص قصيرة،وفي يدي قنينة ماء..
ورحت أشق طريقي بين جموع المسافرين..
محطة القطار:رحيل وسفر ،دموع وعناق ، وفرح باللقاء.
تناقضات أنت يامحطة القطار..
أتطلع في عجل إلى سبورة الرحلات ، قطار رحلتي بدأ يتحرك.
أركض بكل قواي، أستسمح هذا وأعتذر لذاك،أتدافع وأندفع،أسابق الأحزان والأشجان ،أريد ان أتركها خلفي، لا أريد للشجن أن يلاحقني، لاأريده أن يركب معي نفس القطار ..
وأخيرا أخذت مكاني
وضعت حقيبتي على الرف ،وجلست المقعد كقوة في نهايتها ،الخوف من المجهول ،من الآت ،من الغد،من الندم ،لكنه لن يكون أقوى من كرهي للبارحة، لقد سئمت الحياة كما يريد ، كما يشتهي ،أريد ان أعيش لنفسي ولو لثانية واحدة .أريد ان آكل الطبق الذي يعجبني ،وألبس الفستان الذي يريحني،وأمارس الهواية التي تروق لي،أريد أن أكون أنا لا أريد أن أكون نسخة منه.
يقول :عليك أن تكوني كما أحب ليتحقق الإنسجام بيننا.
ولماذا لا أكون كما أحب أليس الحب حرية وانطلاق؟؟
لماذا أقتل في الأحلام لأحقق أحلامك ؟أليس الحب أخذ وعطاء؟؟
تجتاح نافذتي ضبابة خفيفة ،أمسحها بكم معطفي، وأتأمل مشهد القطار وهو يطوي خلفه آلاف الكيلومترات ،آلاف المشاهد،آلاف الشخوص،ولا يلتفت أبدا ،لا يهتم القطار إلا لمساره،يقطعه بكل ثقة ولا يرجع البثة إلى الوراء.
لقد كنت أعتب على القطار قسوته ،لكن أدركت الآن أن القسوة تجنبنا الجراح ،وأن الإنتظار يولد الألم،وأن الإلتفات إلى الوراء لا يجلب إلا الأسى.
أريد ان أنطلق كما القطار :لا أريد الرجوع إلى هناك..
مراقب التذاكر يطلب ورقتي:أمدها له في ذهول ثم أنتبه: عاشقان يجلسان قبالتي :يتبادلان القبل ،ويشابكان الأصابع ، ينسجان الأحلام،أحلام ستغدو أطلالا، وركاما من الحزن ،يعتصر قلبيهما.
أطلقت من شفتي ابتسامة حزينة ،وتذكرت صورتي وأنا أسافر معه،
كم كان السفر دافئا وقصيرا برفقته ،والآن أحسه باردا وجافا ،كسحابة الخريف ،وطويلا كالهروب منه.
لقد وصلت إلى مدينة الأحلام ،سأضع حدا لهذا الوضع ،تفتح قلبي للحياة،كسجين في يومه الأول من السراح..
نزلت سلم القطار،وعبرت جموع المسافرين نحو باب الخروج ،لوحت بيدي لسيارة أجرة صفراء شاحبة،كشجرة قلبي الكسير،توقف "الطاكسي" وبينما أمد يدي لفتح الباب والصعود ،يد تجتذب معطفي وتجرني إلى الوراء :لا هروب لك مني، سألحقك أينما رحلت ،أحبك ،هيا عودي.


الحرية
29ديسمبر2009
على الساعة العاشرة والنصف
محبتي لكم





    رد مع اقتباس