عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-09-04, 20:30 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي التعليم المغربي " قصة اقدم مريض في غرفة الانعاش "


التعليم المغربي " قصة اقدم مريض في غرفة الانعاش "






بن اموينة عبد اللطيف
كنا تلاميذ صغارا وهادئين نحملق بأعيننا البريئة في لحظة تراخ وكسل فجأة دخل المدير قاعة القسم ثم سرعان ما انخرط الجميع في صمت مطلق بين مشاعر الخوف والارتباك نظر المدير في وجوهنا المتعبة بغضب شديد ثم بدأت اساريره تنفرج شيئا فشيئا فاقترب منا اكثر وبدا يحدثنا بلطف ابوي نادر" اسمعوا يا ابنائي الاعزاء الدراسة مثل الارض كلما اعتنيت بها اكثر كانت كريمة ورحيمة بك واعطتك اكثر" همس المدير للمعلم ببعض الكلمات الغامضة في اذنيه وغادر مسرعا كالعادة "

في الحقيقة قد يكون من غير اللائق الان وهنا اشعال جدوة الحنين الى المدرسة بعوالمها وشخوصها لكن لا احد منا يسلم من هذا الداء الجميل

نعم بالتأكيد ولكن ومع احساسنا الجماعي بالمرارة نرى اليوم ان المدرسة المغربية تغرق في الرداءة والتخلف والجمود رغم المجهود الانساني والتربوي الذي يبدله مئات الالاف من المدرسين والمدرسات في كل بقاع البلاد وعلى مر الفصول دون ان ننسى من يشتغل في مناطق نائية ومعزولة او في ظروف قاسية جدا تصعب حتى على التصور

طيلة العقود الماضية المشحونة بالأزمة الاقتصادية و التوتر الاجتماعي وكافة اشكال الارتجال والتجريب العشوائي تبادلت المدرسة العمومية والمجتمع شحنات من التأثير السلبي المتبادل حيث توقف النظام المدرسي عن تصدير القيم و الكفاءات و الثروات والرساميل المعرفية باتجاه المجتمع كما تأثرت المدرسة نفسها بالأزمة المجتمعية الشاملة وصارت مسرحا تدور في رحاه كل التناقضات والصراعات وتشوهات المجتمع الاخلاقية والسلوكية وترهل الضمير الجماعي العام الذي اتسم باللامبالاة الحمقاء والافلاس

لذلك لا غرابة اذن وبسبب سيرورة التجريب الفاشل ان يصبح عالم المدرسة حقلا للألغام البشرية وبنية للتناقضات الصارخة الخارجة عن كل تأطير او توقع والتي تشوش على الصورة النموذجية للمدرسة في وجداننا ومخيلتنا وتفجر كل مظاهر الهدر والعجز واللامبالاة والعنف تجاه المدرسين والقائمين على الفعل التربوي والتلاميذ انفسهم

لقد تغنت المؤسسات الرسمية طويلا بالإصلاح واوهامه لكن خلف تلك الخطابات المتواطئة والممجدة له كان يختبئ وحش مفترس بين صفحات الكتاب المدرسي و المذكرات الوزارية "العقيمة"

وهكذا اسفر "مسلسل الاصلاح" عن منظومة تربوية مشوهة بلا ملامح وبلا هوية وبلا افق عدا عشرات الالاف من الضحايا ممن يلتحقون سنويا بنادي المحتجين والهامش الاجتماعي

ان الحالة الاجتماعية المزرية لا غلب الاسر المغربية في المدن والاحياء الفقيرة ذات الكثافة السكانية وفي القرى والمداشر و الجبال حيث البؤس والاغتراب والكبت الاجتماعي و الفقر الذي اصبح قدر الملايين من البشر وحيث يفتقد السكان لأبسط شروط الحياة والخدمات الدنيا والاساسية تجعل التفكير في المدرسة او الذهاب عملا غريبا ومتعذرا وعبثيا

لقد ظلت اغلب البرامج البيداغوجية شكلية ومتسرعة بعيدة عن المعيقات والحاجات الحقيقية التي بإمكانها احداث التغيير المنشود تزامن ذلك ايضا مع ازمة بنيوية في التخطيط والبرمجة وتكييف المضامين المستوردة مع حقيقتنا المجتمعية وفي مجال التمويل حيث ان اغلب المشاريع فارغة ولاوجود لها على ارض الواقع مما ساهم في اهدار الميزانيات واهدار الجهود واضاعة الزمن التربوي والاداري والانساني

كما ان الطابع الطبقي و التمييزي المهين للنظام التعليمي يبدو كعلامة فارقة ومخجلة في الوقت الذي يتم فيه استهلاك مفاهيم العدالة والمساواة والتنمية البشرية وحقوق الانسان ان هذا النظام المبني على حماية سلالات ابناء الاثرياء وتخصيصهم بتعليم عصري مفتوح على كل امكانيات الجودة والفعالية والارتقاء والرفاه الاجتماعي لذلك ليس غريبا ان تتحول الجامعات والمعاهد الراقية ومدارس البعثات الاجنبية الى اندية مغلقة لإعادة انتاج الثراء والامتيازات وتقاسم الفرص والمناصب والغنائم الاقتصادية في قطيعة تامة ومخزية مع المجتمع الذي بدا كانه يحتضر ويقتل نفسه باستمرار

ان كرامة الانسان المغربي المهدورة ومستقبل الاجيال القادمة يبدا من حتما من نظام اجتماعي عادل وتعليم ديموقراطي





التوقيع

آخر تعديل abo fatima يوم 2012-09-04 في 20:38.
    رد مع اقتباس