عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-28, 10:41 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي أبعاد الغش في امتحانات الباكلوريا


أبعاد الغش في امتحانات الباكلوريا



محمد بنعزيز
السبت 28 يوليوز 2012 - 04:12
لمدة أسبوع كامل تعرض الغش لحملة قصف موسمية... كان ذلك بمناسبة امتحانات الباكلوريا منتصف يونيو 2012، وقد تزامن ذلك مع وجود وزير تعليم يتواصل مع الإعلام باستمرار.... وزير أدخل الشرطة للثانويات ومنع إدخال الهواتف المحمولة والحواسيب إلى مراكز الامتحانات...
خطابيا تم التذكير بالحكمة التحريضية "عند الامتحان يعز المرء أو يهان"... في جلسة الحكومة خاطب رئيس الوزراء الغشاشين وذكر بصيغة غير متداولة للحديث النبوي "من غش فليس منا"... في اليوم الأول من الامتحانات تأكد أن مرشحين تمكنوا من تسريب أسئلة الاختبارات على الفايسبوك... ضبط آخرون مسلحين ب "الحروز"، وأصل "الحرْز" صفحة مقاس 29 سم على 21 تم تصغيرها بآلة ناسخة ليصير طولها خمس سنتميترات وعرضها ثلاثة، تصعب قراءتها.
بعد الامتحان أعلن وزير التعليم ضبط 1390 حالة غش على المستوى الوطني٬ بل وجرى اعتقال بعض المُمتحَنين، بعضهم هدد السلامة البدنية للأساتذة المراقبين...
يرتكب الغشاش حماقته بكامل الجدية لأنه واثق أن الغش مكسب لا تنازل عنه... ويتعزز هذا الاعتقاد بفضل الإفلات المستمر من العقاب... النتيجة: انقلبت المعايير.
من يضبط في حالة غش لا يعتبر نفسه على خطأ، يلوم من ضبطه. يتوقع أن يخجل المراقب لا الغشاش. عادة يميز التلاميذ بين المراقب الطيب والمراقب الشرير. من هو الشرير؟
هو الذي يطبق القانون. ينظر إليه بأمنه "مسموم" وحقود... يعاقب بعنف لفظي أو جسدي... عادة يخشى المراقب على سلامته البدنية فيتظاهر أنه أعور...
بفضل عادة الإفلات من العقاب تزداد ثقة الغشاشين في حقهم، يعددون فوائد الغش، ومنها تقوية عضلتي العين والسمع ونشر روح التعاون وفي النهاية إسعاد الوالدين بالنجاح. واضح أن الوالدين تهمهم النتيجة بغض النظر عن الوسيلة...
من فرط الحماس دخل أعضاء مجلس النواب على الخط، نددوا بالغش بشراسة مدهشة، ساءلوا الوزير حول تفشي الغش، في رده نفى بجدية أن يكون الغش قد ظهر في عهده وأكد أن الغش قديم... كان ذلك رسالة وتلميحا عميقا لتهم الفساد والغش المتبادلة في بين نواب المجلس الذين لا يحضرون الجلسات كلهم إلا حين يأتي الملك للبرلمان...
نواب يتكلمون بلا خجل، كلهم يرفعون شعار "لا للفساد".
فمن الفاسد؟
الجواب: إما الجميع أو لا أحد.
من حسن الحظ أن الحقيقة لا تصدر من الفم بل من الواقع، فبالتزامن مع هذا الجدل اعتقل برلماني اشترى أصوات في الانتخابات، برلمانية اشترت شقتين بمليوني دولار في باريس، تجادل وزير التعليم مع رئيس حزبه واتهمه بالكذب... والعلامة الفارقة للوقاحة كانت حين تقدم برلماني محكوم بسنة سجنا بسبب الاغتصاب، تقدم ليطرح سؤالا على الوزير في جلسة تبث مباشرة على التلفزة، وذلك ليعرف الشعب أن النائب لم يعتقل...
نسي هؤلاء كيف حصلوا على أصوات الناخبين... ولائم ومال... ويراهنون على النسيان. لأنه بعد الانتخابات كما بعد الامتحان لا يطرح سؤال من غش؟
فقط يطرح سؤال: من نجح؟
بذلك يتم التطبيع مع الغش، خاصة وأن الإفلات من العقاب مضمون إلا في حالات استثنائية. طبعا حين تكون المحاسبة موسمية يشك الناس في العدالة...
حين بثت التلفزة تصريحات رئيس الوزراء اكتشف أن مقص الرقيب غشه، إذ بث الفقرة الخاصة بحديث عبد الإله بنكيران عن غش التلاميذ الصغار، بينما حذفت حديثه عن غش الكبار... هذا الغش الذي يجري طيلة 362 يوم، غير أنه يتم تسليط الضوء على غش التلاميذ لثلاثة أيام الامتحان...
مع ذلك يتبارى الغشاشون الكبار لتقديم الدروس للغشاشين الصغار، ولا يوجد شيء يفقد أعصابي أكثر من هذه الوقاحة، وهي وقاحة تمارس بكثافة لا نظير لها هذه الأيام... يصعد الفلول ومعلمو اللصوصية المنابر الإعلامية ليدافعوا عن الشفافية...
مع الأسف صار الخجل عملة نادرة... حلت محله الوقاحة التي تدفع الزناة لرجم الزانية... لقد صار الغشاشون الكبار مضطرين لذلك... صاروا مكشوفين بشكل غير مسبوق... كشفتهم الثورة الإعلامية ووعي الشعوب ببؤسها... كلما قل الوعي الزائف وعرفت الجماهير حقوقها صار وضع مستغليها أصعب... وكلما كلما انكشفوا زادت شراسة دفاعهم عن مصالحهم... بلا خجل...






التوقيع

    رد مع اقتباس