2012-05-02, 20:56
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | سورة الحجرات: دراسة تحليلية و موضوعية. | سـورة الحجـرات دراسـة تحليليـة وموضوعيـة المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحده لا شـريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما . "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران :102) . "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" (النساء :1) . "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" (الأحزاب:70 ، 71) . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وبهذين الأصلين اهتدت الأمة قديما، وهما سبيل نجاتها في سائر الأزمان والأحوال . من تمسك بهما رشد واستقام ، ومن ضل عنهما غوى وهوى . ويزداد يقيني يوما بعد يوم أنه لا خلاص لهذه الأمة من هذا الواقع الذي تعيشه ، والبؤس الذي تحياه ، لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس ، إلا بأن تجعل القرآن الكريم سبيل نجاتها ، وحبل خلاصها، وهاديها من حيرتها، ومنقذها من رقدتها ، به تحيا ، وفي ضوئه تسير ، وعلى منهاجه تموت ، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر: من الآية7) . وانسجاما مع هذه القناعة ، وتفاعلا مع هذا اليقين طفقت أعيش مع كتاب الله، أفسر آياته ، وأبين دلالاته ، وأشير إلى هداياته . ومن ذلك أنني وقفت منذ زمن بعيد مع سورة الحجرات ، أتأملها عندما أقرؤها ، وأبحث في تفسيرها ومقاصدها ، ثم تحول هذا التأمل إلى دروس ألقيها عند كل آية من آياتها ، وأخيرا رأيت أن أخرج هذه التأملات والدروس والمباحث في كتاب يستفيد منه العامة والخاصة ، لينهلوا مما نهلت منه ، ويشربوا مما منه شربت . ذلك أن سورة الحجرات مدرسـة متكاملة ، تربى في ضوئها أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلم فإنها مع قصرها ، وقلة عدد آياتها جاءت شاملة لأحكام وآداب وأوامر ونواه لا تجدها مجتمعة في سورة سواها . إن سورة الحجرات مدرسة متكاملة ، جاءت لتربي الأمة على سمو الأخلاق ، وفضائل الأعمال وعلو الهمم . إنها مدرسة عقدية وتشريعية وتربوية ، ولذلك فلا عجب أن نرى أخلاق الجيل الأول هي أخلاق القرآن ، التي هي أخلاق إمامنا وإمام ذلك الجيل محمد ، صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن . ولذلك قادوا الدنيا بأسرها . لا بسيوفهم ولا بأموالهم ، ولكن بأخلاقهم المستمدة من دينهم ، ومثلهم المأخوذة من كتاب ربهم وسنة نبيهم ، صلى الله عليه وسلم . وأمتنا اليوم أحوج ما تكون إلى منقذ لها مما هي فيه جائعة والزاد بين يديها ، عطشى والماء فوق ظهورها محمول . ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، وما صلح أولها إلا بالكتاب والسنة ، "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي" . وهذه السـورة - سورة الحجرات - تعالج قضايا وأمورا تسـهم في حل كثير من المعضـلات التي تواجهها الأمة اليوم . ولكن ما سـبق عزمت على المضي قدما في إخراج بعض كنوز هذه السـورة ، حيث لم أر- حسب اطلاعي - تفسيرا شـاملا لهذه السورة ، يقف مع آياتها محللا ومفسرا ، ومع موضوعاتها دارسا ومبينا ومحققا . فجاءت دراستي لهذه السورة في قسمين : القسم الأول : تناولت فيه دراسة الآيات وتفسيرها تفسيرا تحليليا . والقسم الثاني : تناولت فيه دراسة السورة ، دراسة موضوعية شاملة . ولا أدعي أنني أتيت فيها يتعلق بالتفسير التحليلي بما لم تأت به الأوائل من العلماء والمفسرين ، وإنما هو الجمع والانتقاء والاختصار والتعليق والترجيح حسب ما يقتضيه المقام ، وأنا عالة عليهم - رحمهم الله وأحسن مثوبتهم . أما القسم الثاني : فقد كان الجهد فيه أوضح ، والعمل أشمل ، وبخاصة أنني تطرقت إلى موضوعات اقتضت مني مزيدا من البحث والاستقصاء ، والسهر والعناء ، التفكير في ضوء ما كتبه الأئمة والعلماء ، مستهديا بالكتاب والسنة ، وفقه سلف الأمة . فجاء هذا الكتاب مشتملا على نوعي التفسير - التحليلي والموضوعي - وقد تناولت في القسم الأولي ما يلي : 1- أسـباب نـزول آياتها ، وقد ذكرت أهم أسـباب النـزول ، ورجحت ما أراه عند كل آية إذا تعددت أسباب نـزولها . 2- القراءات الواردة في السورة ، واقتصرت على القراءات المتواترة ، سوى مواضع قليلة ، مع بيان حجة القراءة عند الحاجة . 3- بعض أحكام التجويد ، وبخاصة التي اختلفت بعض القراء في نطقها ، وهي أخص من القراءة ، ولذلك أفردتها . 4- الوقف والابتداء ، وهذا المبحث ينسجم مع الشمول الذي التزمته في دراستي لهذه السورة ، وبخاصة أن هناك من يخطئ كثيرا في هذا الباب ، فيقف في موضع حقه الوصل ، ويصل في موضع حقه الوقف . 5- اللغة والإعراب ، وقد تناولت فيه ما يتعلق بمعاني الآيات وتفسيرها ، مع الوقوف عند إعراب بعض الآيات مما يستدعيه المقام ، ويحتاج إليه طالب العلم . 6- وقفات بلاغية ، وقد اقتصرت فيه على ثمان وقفات وبلاغية ، تسهم في فهم المعنى وبيان المراد . 7- ما ورد في السورة من أحكام . وهناك من يتصور أن الأحكام التشريعية في هذه السورة قليلة ، وهذا غير صحيح ، بل فيها جملة من الأحكام والأوامر والنواهي ، بيّنتها في هذا المبحث . هذه هي المباحث التي تناولتها في القسـم الأول ، وهو الدراسـة التحليليـة ، وقد ركزت في هذا القسـم على أن تكون منطلقا للدراسـة الموضوعية ، حيث إنه يصعب فهم القسم الثاني دون اسـتيعاب القسم الأول ، بل إنهما أشـبه بالقاعدة والمثال ، يصعب فصل أحدهما عن الآخر. أماالقسم الثاني وهو الدراسة الموضوعية ، فقد استغرق أغلب الدراسة وأكثر ما ورد في الكتاب ، تطرقت في هذا القسم إلى موضوعات استمددتها من آيات هذه السورة وهداياتها . وقد بذلت فيها وسعي وأفرغت طاقتي في ضوء ما يعيشه المرء من ظروف وأوضاع ، في عالم مضطرب هائج ، لا يستطيع المرء أن ينزع نفسه منه ، قد تكون هذه الأوضاع مما ساهم في شمول هذه الدراسة ، المعالجة الواقعية عند تناول هذه الموضوعات ، دون غلو أو جفاء . وفي هذا القسم بينت أن السورة قد اشتملت على عدة موضوعات ووقفات ، كل موضوع منها يحتاج إلى دراسة مستقلة ، فمنها الموضوعات العقيدية ، ومنها التشريعية ، وأخرى في السلوك والأخلاق . والموضوعات والوقفات التي تناولتها في هذه السورة هي : أولا : الوحدة الموضوعية للسورة . ثانيا : وقفات مع سورة الحجرات ، وفي هذا المبحث وقفت ثلاث وقفات : 1- منهج للدعاة . 2- مع أسماء الله وصفاته . 3- اللسان في ضوء سورة الحجرات . ثالثا: موضوعات سورة الحجرات ، وهذا أهم مباحث السورة ، بل هو صلب البحث وجوهره ، وما عداه مكمل له ومتمم ، وقد تناولت فيه ستة موضوعات : 1- التقدم بين يدي الله ورسوله . 2- الأدب مع العلماء . 3- التقوى وامتحان القلوب . 4- التثبت في الأخبار . 5- الأخوة . 6- الإسلام والإيمان . ثم ختمت بخاتمة مختصرة مناسبة ، مع ذكر ثبت للمصادر والمراجع ، ثم فهرس الموضوعات . هذا وأسأل الله - جل وعلا - أن يجعل هذه الدراسة نافعة ، ومحققة للأهداف التي كتبت من أجلها ، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم . وهذا جهد المقل ، فما في هذا الكتاب من خير وصواب فمن الله وحده (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) (النساء : من الآية113) ، (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) (البقرة : من الآية255) . وما فيه من خطأ وتقصير فمن نفسي والشيطان (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (آل عمران : من الآية165) . ولا يسعني إلا أتقدم بالشكر - بعد شكر الله - لكل من ساهم في إنجاز هذه الدراسة واستكمالها ، سواء أكانت مساهمة حسية أو معنوية ، وأخص بالشكر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، حيث كان تفريغها لي سنة كاملة مساعدا في إنجاز هذا البحث . وكذلك أخص أساتذتي ومشايخي وزملائي ، الذين ساهموا بعلمهم وآرائهم وكتبهم ، فلهم جميعا جزيل الشكر وجميل العرفان . رب اغفر لي ولوالدي ، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ، صلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه . تأليف فضيلة الشيخ/ أ.د. ناصر بن سليمان العمر لتحميل الكتاب http://www.islamway.com/index.php?iw_s=library&iw_a=bk&lang=1&id=1816 | التوقيع | "لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية" محمد عابد الجابري | |
| |