عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-20, 00:20 رقم المشاركة : 1
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

khaterah أنس في موكب الغرباء. بقلم شلا زموري.


طوبى للغرباء، ظلت ترددها بيقين تام، حتى أيقنت أن النور المحمدي يضئ عتمة غربتها ، وما غربتها سوى وجودها ماهية بين وجود مختزل في طين الاستهلاك والامتلاك والسعي وراء السراب، وما غربتها سوى منفاها الاختياري المؤثث بسؤال الوجود وشرط الوجود، وغائية الحياة و ما بعد الحياة.
في منفاها الاختياري يحضر جميع النبلاء، موتى و ماهم بموتى، فالموت في زمن الاغتراب حياة تنبعث من أسطر خطت بنور العلم والعقل و دوامة السؤال/ الجواب التي لا تنتهي، الموت في زمن الاغتراب حضور دائم ، قلق فكري بامتياز يدشن تخاطب الأرواح والعقول عبر الأزمنة والأماكن، لا يحده موت أو تأبين أو صلاة جنازة، هي صدقة جارية لا ينقطع منها المرء، هي وجود مستمر للذات/ الماهية، وهي حضور مؤرق يزرع ألف سؤال وسؤال، و الحياة في زمن الاغتراب موت ذوات ترتع في مرتع الأكل والشرب والامتداد المادي، الحياة في زمن الاغتراب موت مقنع بالحياة، يحيا للمال، ويموت به عبدا تحت قدميه، الحياة في زمن الاغتراب عقل مفقود يرزح تحت أصفاد اللقب، وبريق النفوذ، والأنا المتضخم المقنع بتراتيل الدروشة، و الحالة الاجتماعية المحنطة بالعرف المنافق، والمظهر المناسب والكلام الملتحف بأبجديات القول المناسب .
في منفاها الاختياري ينبعث النبلاء من نور الصفحات، و يرجع مجد قرطبة يخط وجوده بحروف من نور، قائلا كأنه يخاطبها: "الحسن ما حسنه العقل والقبيح ما قبحه العقل".رشدية القول أعادت إليها اطمئنانها ورشدها، كأن حال المقولة يشير: المسي قرارة نفسك سترين نور العقل يضئ، وإن كنت على ذا الحال، فلا تعبئي إن كنت مغتربة ، تقفت آثار نوره الرشدي، وعلمت أنه اغترب وغُرِّب لأن الأعراف المنافقة جعلت منه ملحدا، غريب ينضاف إلى غربتها، ترى كم من غريب اتهم ظلما وعدوانا، كم من غريب حنطته الأعراف المنافقة في موضع التردي؟ استودعها أمان النفس و قلق الفكر والسؤال وتلفع بنور وجوده، امتطى صهوة الحياة الأبدية معتزا بغربته.
طرق خفيف على باب العقل، غريب آخر ينبعث من أوراقها، يشعل العقل بنار لسؤال ونور البحث والجواب الذي يستشرف السؤال في دوامة لا تنتهي: هو كذلك العقل المسكون بماهية الوجود، وهو كذلك العقل المتحرر من أصفاد وجود عدمي يختزل الذات في أرقام ، وبطائق ، وأرقام مالية، وتراب يعود للتراب عاجلا أم آجلا. تتأمل انبعاث الغريب، تستشرف معناه، وماهيته، هو ككل الغرباء، ينضم للموكب الغريب، كأنها بهيخاطبها : اطمئني فغربة الذات وجود راسخ، تأملت المعنى وأوغلت في عمق الوجود، سكنت في أوج قلقها الفكري، و اطمئنت، جمعت زادها ونادت بالرحيل، انضمت للموكب الكريم، فالوجود بغير وجود موت وارتكاس في حمأة الخبز وشكله الدائري الموحي بصفر الوفاض الفكري، انضمت لآخر الغرباء، بعد أن تلفعت بيقينها الراسخ أن الأعراف ما هي إلا أصنام فكرية قالوا وجدنا آباءنا عليها عاكفين.

بقلم شلا زموري. مقتطف من ديوان" معراج الروح في محراب النور"





التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
آخر تعديل رشدية جابرية يوم 2012-04-20 في 01:11.
    رد مع اقتباس