عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-17, 20:53 رقم المشاركة : 1
محمك مريني
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







محمك مريني غير متواجد حالياً


افتراضي الروافد النقدية لمنهجية مادة دراسة المؤلفات 2(الروافد الموضوعاتية والاجتماعية)


الروافد النقدية لمنهجية مادة دراسة المؤلفات
2- (الروافد الاجتماعية والموضوعاتية)
(تابع)


3- الرافد الموضوعاتي
- الرهان، وهو وصف النص وفكرته، وقد تكون له دلالة مباشرة وأحيانا رمزية. يحيلنا هذا التصور على مفهوم"القصد" أو"المقصدية" أو"القصدية" الذي ظهر عند النقاد الموضوعاتيين. المقصدية هي "الغرض المتوخى وهو البوصلة التي توجه العناصر وتجعلها تتضام وتتضافر وتتجه إلى مقصد عام"[1]. تعود أصول هذه الفكرة عند الموضوعاتيين إلى الفيلسوف الموضوعاتي "هوسرل"، الذي وصف الوعي باعتباره "فعلا قصديا موحدا"[2]، وأن "كل وعي هو وعي بشيء ما"[3]. وقد ركز النقاد الموضوعاتيون على طبيعة العلاقة الشعورية التي يستحضر -من خلالها- المبدع الموضوعات والقضايا، داخل العمل الإبداعي. وبهذه الصورة تتحدد هوية المبدع عبر "احتكاكه وبطريقة إلمامه بالعالم والإلمام بنفسه وبأسلوب العلاقة التي تجمعه بالموضوعات".[4]
- أما العنصر الثاني في المنظور الأول فهو "التيمات النفسية"، وتتمثل في الحوافز والدوافع العاطفية التي تظهر في النص بشكل صريح أوضمني. يحيلنا هذا المفهوم على المنهج الموضوعاتي، الذي يجعل من التيمة محور العملية التحليلية. يقول الناقد الموضوعاتي جون بييير ريشار J. P. Richard: "التيمة مبدأ تنظيمي محسوس أوديناميكية داخلية، أي شيء يسمح للعالم حوله بالتشكل". أما تأكيد الطابع النفسي لهذا التيمة فهو أمر طبيعي، وقد أشار إليه أغلب الذين تناولو هذا الاتجاه بالدراسة والتحليل[5].
"4- الرافد الاجتماعي:
- العنصر الثالث في المنظور الرابع المتعلق بالبعد النفسي هو "الرؤية للعالم". وتتمثل هذه الرؤية في مجموع التمثلات والقيم اللاواعية التي تحدد موقف شخص أوجماعة حيال الواقع. وتتمثل في فئة الطموحات والمشاعر والأفكار التي تضم أعضاء فئة اجتماعية وتحدد موقفها من المجتمع الذي تعيش فيه.
تحيلنا هذه الرؤية على المنهج البنيوي التكويني، الذي وضع أسسه المنهجية كل من جورج لوكاتش G.Luckacs ولوسيان غولدمان L. Goldmann؛ وذلك في سياق إبراز التفاوت الموجود بين الانتماء الطبقي للمبدع، والاختيار الإيديولوجي الذي يتبناه في أعماله الأدبية. وهذا ما سماه لوكاتش "المفهوم التاريخي والفلسفي"[6]، وكان غولدمان أكثر وضوحا في تحديد مفهوم "الرؤية للعالم": حين أشار إلى أن كل عمل أدبي يحمل رؤية للعالم. ويعني بهذه الرؤية "مجموع الأفكار والمشاعر والإحساسات التي تجمع بين أعضاء جماعة ما، وتجعلها في تعارض مع الجماعات الأخرى"[7].
نشير هنا أيضا إلى أنه كان من المناسب إدراج هذا العنصر ضمن المنظور الرابع، المتعلق ب "الكشف عن البعد الاجتماعي /التاريخي". وقد أكد غولدمان نفسه الطابع الاجتماعي لهذه الرؤية، التي تتكون أصلا في وعي الجماعة الاجتماعية. إذ لا يمكن لهذه الرؤية أن تنتج "إلا عن النشاط المشترك لعدد مهم من الأفراد الموجودين في وضعية متماثلة، أي من الأفراد الذين يشكلون زمرة اجتماعية ذات امتياز والذين عاشوا لوقت طويل وبطريقة مكثفة مجموعة من المشاكل وجدوا في البحث عن حل ذي دلالة لها"[8].
المنظور الرابع: الكشف عن البعد الاجتماعي /التاريخي.يهدف إلى الكشف عن مراجع النص وسياقاته التاريخية والاجتماعية ومضامينه الخفية الإيديولوجية، انطلاقا من ملاحظة إحالات النص على الواقع والقيم والأنساق الفكرية المتحكمة في تواصل المؤلف والقارئ عبر النص، ويستدعي ذلك .
الواضح أن المصدر المنهجي للمادة النظرية المعروض في هذا المنظور يتراوح ور بين نظرية الانعكاس وعلم اجتماع النص. تبدو ملامح الاتجاه الأخير في تأكيد المنهجية على "مراجع النص" و"سياقاته التاريخية والاجتماعية" و"إحالات النص على الواقع"..إلخ. تذكرنا هذه العدة الاصطلاحية
العنصر الأول في هذا المنظور (الكشف عن البعد الاجتماعي)، يحيلنا على علم اجتماع النص الذي كان يهتم بالطابع الاجتماعي للغة الأدبية. ذلك أن منهجية المؤلفات تؤكد ضرورة جرد لوائح الحقول المعجمية ذات العلاقة بالوقائع والفئات الاجتماعية. إن هذه الفكرة تمثل محور اشتغال علم اجتماع النص (أوسوسيولوجية النص)؛ الذي يبحث عن مظاهر حضور "الاجتماعي" في "الأدبي"، وذلك من منطلق كون المصالح الاجتماعية تأخذ أشكالا خطابية. يمكن أن يؤسس هنا لعلاقة بين "الأدبي" وبين "الاجتماعي" على المستوى النصي[9].إن "علم اجتماع النص يهتم أساسا بمسألة معرفة كيف تتجسد القضايا الاجتماعية والمصالح الجماعية في المستويات الدلالية والتركيبية والسردية للنص"[10]. نشير هنا –تحديدا- إلى باختين الذي يرى أن ''الكلمة محملة دائما بمضمون أومعنى إيديولوجي أوواقعي، على هذه الشاكلة نفهمها ولا نستجيب إلا للكلمات التي توقظ فينا أصداء إيديولوجية أولها علاقة بالحياة''[11].وهذا ما حاول إثباته من خلالكتابه "الماركسية وفلسفة اللغة"، حيث يرى أن عملية الإرسال والتلقي أو الكلام والاستماع تأتي دائما في سياق إيديولوجي معين؛ إن ما ننطقه وما نسمعه ليس بكلمات ولكنه حقائق أوأكاذيب، أشياء حسنة أوقبيحة، مهمة أومبتذلة، مفرحة أومحزنة.
أما العنصران الثاني والثالث في المنظور المشار إليه فيمكن تأصيلهما ضمن المنظومة الماركسية التقليدية، التي ترى أن الوجود الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يحدد الوعي. ذلك أن الوثيقة الرسمية كانت صريحة في تبني مبدأ الانعكاس؛ لقد ورد فيها أن هذه الخطوة تدرس النص باعتباره وثيقة تاريخية تتضمن أحداثا وملامح إيديولوجية". من هذا المنظور تتحدد ماهية الأدب هنا باعتباره عنصرا من عناصر البناء الفوقي، أي انعكاسا لصيرورة مادية واجتماعية معينة.توجد جذور هذا الفهم في مختلف كتابات "كارل ماركس" K.Marx، منها ما قاله في كتابه "إسهام في نقد الاقتصاد السياسي": "ليس وعي البشر هو الذي يحدد وجودهم، بل إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم"[12].
إن هذه المقاربات النقدية القائمة على التركيب بين مختلف المناهج النقدية تؤكد الفرضية التي وضعها "ستانلي هايمن" منذ وقت مبكر، حين تحدث يوما عن "ناقد مثالي" يمارس عملية التحليل اعتمادا على خطة منظمة "تكون تركيبا لكل الطرق والأساليب العلمية التي استغلها رفاقه الأحياء"[13]. ولذلك فإن رؤيته المنهجية تكون منفتحة على "جميع تلك الوسائل المتضاربة المتنافسة"[14]، يركب منها خلقا سويا لا تشويه فيه. هذه العملية التركيبية ينبغي أن تتم - في نظره - "حسب خطة منظمة ذات أساس أو هيكل مرسوم"[15].


[1]د. محمد مفتاح، في سمياء الشعر القديم، دراسة نظرية وتطبيقية، دار الثقافة، البيضاء، 1982، ص: 183.

[2]روبيرت ماجليولا، التناول الظاهراتي للأدب، وظيفته ومناهجه، ترجمة: عبد الفتاح ديدي، مج: 1، أبريل 1981، ص:

[3]المرجع نفسه.

[4]نقلا عن الدكتور سعيد علوش، النقد الموضوعاتي، ش. بابل للطبع والتوزيع، ص: 115.

[5]في ما يتعلق بالدراسات الغربية أشار روجي فايول R. Fayolle لإلى انتاح النقد الموضوعاتي على علم النفس والتحليل النفسي. أنظر:

[6]جورج لوكاتش، الرواية التاريخية، ترجمة: د.جواد كاظم، دار الطليعة، بيروت، 1978، ص: 26.

[7]Lucien Goldmann, le dieu caché, Gallimard, Paris, 1979, p: 26

[8]L.Goldmann , Marxisme et sciences humaines, Gallimard, Paris

[9]P.Zima, L'ambivalence Romanesque:Proust, Kafka, Musil, Le Sycomore, Paris, 1980.

[10]P. Zima, Manuel de sociocritique, Picard, paris, 1985

[11]ميخائيل باختين، الماركسية وفلسفة اللغة، ترجمة:محمد البكري ويمنى العيد، منشورات توبقال للنشر، البيضاء، ط1986:1،ص:93

[12]نقلا عن تيري إجلتون، الماركسية والنقد الأدبي. ترجمة: د.جابر عصفور، مقال بمجلة فصول الهيئة المصرية العامة للكتاب، مجلد: 5، عدد: 3- أبريل، ماي، يونيو 1985. ص: 23

[13]ستانلي هايمن، النقد الأدبي ومدارسه الحديثة، ترجمة: إحسان عباس، محمد يوسف نجم، ج 2 ، دار الفكر العربي، القاهرة، ص: 245

[14]نفسه

[15]نفسه، ص: 248







    رد مع اقتباس