عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-05, 10:03 رقم المشاركة : 8
نزيه لحسن
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية نزيه لحسن

 

إحصائية العضو







نزيه لحسن غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 2

وسام المرتبة الأولى من مسابقة السيرة النبوية العطر

الوسام الذهبي للمنتديات الأدبية

وسام المشارك مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام لجنة التحكيم

و وسام المشاركة المميزة في مسابقات رمضان 1433

وسام المشاركة

وسام المركز الثاني في المسابقة الأدبية

افتراضي رد: مكمن الهيام الأنثوي


باسم الله الرحمن الرحيم

أتشرف مرة أخرى بقراءة أنشودة شاعرية من أغاني الحب و الهيام و العتاب للشاعر الأستاذ الإبراهيمي ، وهي فرصة للتوقف هنيهة أمام نظام لغوي إنساني يحوي الشعر و شجي الأنغام الغاضبة ، مع تسجيل حضوري و محاولتي المتواضعة للتواصل مع دفق الصور و المعاني و الألفاظ .
وبافتتاح مسار المقاطع الشاعرية ، أجدني ليس أمام نص عابر يحتفي بحفيف الشعر ، وإنما أمام تجربة و صوت يهمس في أذن الحبيب همسات تصدح كبرياء .. ونحن على خط السماع !!

ولاختزال المسافات ، يستحسن الشاعر إدخالنا إلى عالم القصيدة عبر أنفاق المكاشفة و التحدي ، عبر عالم الذات / الروح التي تنبئ وتفصح عن مجمل الاختيارات الانطباعية و المبدئية الذاتية .

ومنذ الوهلة الأولى يتضح للمتلقي أو القارئ أن هناك مسافات للتوتر تطبع العلاقة العشقية ، غياب للتواصل نتيجة الإنفصال الشكلي الذي اعترى الحبيب ... فالشاعر أبان عن ردة فعله المباشرة ، عن رفضه الكلي لكل الإضافات الشكلية و التشكيلية لتنميق السطح الفيزيلوجي للصورة البشرية !! وبذلك يسجل أيضا امتعاضه من كافة المساحيق الإضافية التي اختارتها الأنثى الحديثة .


ليس مكياجكِ المُراكمُ أصبو
لا ولا كحلك المنَمَّق أرجو

ليس في سحقِكِ الجلود هيامي
ليس في لبسكِ الفساتين همّي

لا ولا طولك المموّج قصدي
لا ولا للأظافر الحُمْرِ أهفو


وإذا سلمنا أن النص الأدبي هو مجموعة من الإحالات السوسيو ثقافية ، فقد تبدو جليا الأسباب الكامنة وراء ازدراء الشاعر للحركة التغييرية ، والانسياق الأنثوي وراء تيار " الموضة " و الإستسلام للقيم الدخيلة .. فهذا أمر يتناقض مع عفتها و طهارة خلقها .حسب رأي الشاعر ، وضمنيا فهو يدعوها – أي الشاعر - للرجوع إلى عالم الصفاء .
وهكذا نلحظ ، أن الصورة البصرية تميزت بقدرة خارقة و مؤثرة في وجدان الشاعر ، و بلغة علم النفس يبدو أن الشكل الخارجي للجسد تحوّل إلى رابط و مثير أدى إلى ردة فعل نفسية و فنية في نفس الآن .
إإنها القيم الجمالية الشرقية ، و عالم ثقافي و فلسفي خاص ، له دلالاته و قيمه و مفاهيمه المحافظة ...إنه مخيال جمعيّ و رؤية للعالم لا تنساق أبدا وراء أبواق الحداثة المزيفة ..بنية ذهنية لن تزعزعها أعتى الرياح ولا تغيرات العيش ، ولا شبكات العلاقات الواسعة .


وكي لا تتوقف الحكاية / القصيدة عند أبواب الرفض و الإزدراء ..يتحول الشاعر إلى مسار التعليل ، و محاولة وضع البديل و التفسيرات المقنعة ، ممتطيا ثنائيات ضدية و مقابلة للحراك الأنثوي الفاشل !فالشاعر يرغب في رؤية أنثى تحتفظ بالأسرار الطبيعية و الخفية للجسد ، مثالية و إنسانية ...الشاعر أضحى يحمل دعوة لإعلاء شأن الذات الأنثوية اجتماعيا و روحيا و دينيا .

أمنياتي بأنْ أبادلَ روحا
تقرأُ العين ما بقلبيَ بثّا

أمنياتي بأنْ أراقصَ روحا
مِنْ تخَفّي دهائها قلْتَ خبثا

أمنياتي بأنْ أُسامرَ روحا
كلُّها لي
وإنْ بدَتْ ليَ ثُلْثا

ولكي ينسجم الشاعر روحيا مع المنظومة الإجتماعية و الثقافية للأجداد ، يبدي رأيه علنا ، و يذهب إلى أن ركوب الأنثى لخيل خيلائها المصطنع ، يظل مجرد بحث عن إرضاء نرجسيتها الزائفة ، وليس من التحرر في شيء !!
فالمرأة النموذج ، هي التي تحاول الإقتراب من متطلبات العصر الحديث ، لكن داخل جلباب " لباس " العفة ...الشاعر يكره أن يرى الحبيب نوعا من السبايا أو الخرفان التي تتربص بها الذئاب .. فالروح الطيبة لا تسكن إلا الجسد الطيب .. جسد و روح يكونان حبيبا مثاليا و رفيقا يصلح للسمر و الإستمتاع المحتفظ بالأسرار الربانية .

من الناحية الفنية ، القصيدة راشحة بأخلاقيتها ، لكن دون أن تفسد محاسن الموضوع الأدبي .. فرغم سطوة المنظومة الاحتجاجية أخلاقيا ، أتحفنا الشاعر بجميل الصور الشاعرية و المسكونة بالغضب حينا و المهادنة أحيانا أخرى ... فالاستاذ الإبراهيمي لا يتجاهل المتلقي ، لذلك ينظم الشعر على بساط الإمتاع ، و برموز أقل غرابة ، و أخيلة لا تصعب على الإدراك ، و كل ذلك ضمن رؤية وعاطفة صادقة ، و عبارات احتفظت بطفولتها و أحاسيسها المباشرة ...

وهي قدرات شخصية لا تستدعي تأكيدها من طرف قارئ محاول مثلي ، لكون المكانة اللغوية و الإبداعية للأستاذ تحتفظ بصيتها و بريقها بين أرجاء الوطن العربي الكبير .


قراءة ممزوجة بعطر المحبة .. أرجو القبول .





التوقيع



آخر تعديل نزيه لحسن يوم 2012-04-05 في 11:47.
    رد مع اقتباس