عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-28, 11:21 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي التلميذ ها هو والأستاذ فـْالقهوة!..


التلميذ ها هو والأستاذ فـْالقهوة!..

مولاي علي الشاهد
تحضرني وأنا أتأمل هذا الشعار الذي صدحت به حناجر تلاميذ وتلميذات ثانويات ومدارس مدينة الريش -إقليم ميدلت، وأولياء أمورهم أثناء وقفتهم احتجاجا على حرمان أبنائهم من حقهم في التمدرس بسبب الإضرابات المتكررة في بعض المؤسسات التعليمية.. (تحضرني) تساؤلات مؤرقة حول المأزق المأساوي والمصير البئيس الذي آلت إليه الممارسة النقابية في إقليم ميدلت
فهل أصبح العمل النقابي، كما يصفه هؤلاء المحتجون، «مطية» لتصفية حسابات ضيّقة بين الأشخاص ومجالا لتحقيق مكتسبات شخصية ومآرب أخرى على حساب المصلحة العليا للمتمدرسين والوطن على حد سواء؟
وهل أصبح الإضراب عن العمل -كما يقول الغاضبون -حصان طروادة لكل راغب في التملص من أداء واجبه والارتخاء تحت سحابة دخان السجائر الكثيفة وظلال الكلمات المتقاطعة والمسهمة والـ«سودوكو» في المقاهي؟!
هل أصبح عطلة مؤداة الأجر يستثمرها البعض لمغادرة مقرات العمل والسفر إلى مدن أخرى قصد الاستجمام أو قضاء أغراض شخصية على حساب الزمن المدرسي للفئات الواسعة من بنات وأبناء الطبقات الشعبية الأكثر فقرا.. والأكثر حاجة إلى التعلم.. والأكثر عرضة للانحراف والضياع، بسبب هشاشة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية؟ علما أن من المضربين من يمارسون مهنتهم بـ«همّة ونشاط» في المؤسسات التعليمية الخصوصية في فترة الإضراب!.. أخاف أن يكون الجواب بالإيجاب، فأنا، أولا بحكم كوني رجل تعليم، أفنى زهرة شبابه -وما يزال- في هذه المهنة الشريفة المقدسة، مهنة الرسل والأنبياء، وثانيا بحكم أنه كان لي الشرف أن أتحمل مسؤولية العمل النقابي في هذه المدينة لفترة غير يسيرة من الزمن، أربأ بإخوتي وزملائي ورفاقي السابقين والحاليين في المهنة والنضال أن يُنعتوا بهذه الأوصاف، التي أصبحت تلوكها الألسن على نطاق واسع بين أوساط ساكنة ميدلت.
إن وقفة متأنية وملتزمة أصبحت تفرض نفسها.. وقفة صدق مع الذات ومع الآخر، فالتاريخ لا يرحم والسكوت على بعض الممارسات الخاطئة والمنحرفة خيانة عظمى نتحمل جميعا مسؤوليتها وتبعاتها، ومن حق الأجيال القادمة أن تحاسبنا عليها، إن لم تحاسبنا ضمائرنا، وسأحاول أن أوجز هذه الاختلالات التي أراها من وجهة نظري الشخصية، عسى أن يُفتح حولها نقاش هادئ ورزين بين مختلف الفاعلين التربويين، بعيدا
عن لغة التخوين والكلام الساقط، الذي لا يليق بمن كادوا أن يكونوا رسلا.

أولا على مستوى اتخاذ القرارات «النضالية»
تنص كل الأنظمة والقوانين الأساسية للنقابات على تدابير صارمة لاتخاذ أي قرار نضالي، لذلك تنقسم أجهزتها إلى أجهزة تنفيذية تتمثل في المكاتب المحلية أو الإقليمية أو الجهوية أو الوطنية... وأجهزة مقررة، كمجالس الفروع أو المجالس الإقليمية أو الجهوية، أو جموعها العامة ومؤتمراتها.. حتى تضمن للقرار النقابي مصداقيته، لكونه نابعا من القواعد الواسعة للمنخرطين في هذه النقابات ومُعبّرا عن رأيها وتطلعاتها، وليس قرارا بيروقراطيا فوقيا يُتخذ على عجل في جلسات مغلقة أو على ناصية المقاهي، وكل قرار لا يحترم هذه الضوابط فهو لاغٍ وغير ملزم للمنخرطين أو لعموم الشغيلة، للأسباب التالية:
-1 قانونيا: لتنافيه مع القانون الأساسي، الذي يفترض أن ينصاع له الجميع، بحكم أنه دستور النقابة وأسمى مرجع يصادق عليه المؤتمر الوطني ولا يحق لأي جهاز آخر، بما في ذلك المكتب الوطني، أن يُغيـّره أو يتصرف في بنوده.
-2 أخلاقيا : لأنه يستبعد الفئات العريضة من نساء ورجال التعليم من دائرة اتخاذ القرار ويفرض عليهم الوصاية، وكأنهم مجرد «قاصرين» لا رأي لهم، ينوب عنهم مجموعة من الأشخاص، قد تكون لهم أجنداتهم الشخصية أو الحزبية الضيـّقة، التي لا تعبّر بالضرورة، عن تطلعات الأغلبية الساحقة.
-3 ديمقراطيا: لانتفاء الشرطين السابقين، وهذه نقيصة كبرى حين يتعلق الأمر بمؤسسات يفترض فيها الدفاع عن قيّم الحداثة والديمقراطية وصيانة الحق في الاختلاف والإنصات إلى الرأي المعارض، بدل فتح الباب على مصراعيه لتبادل الشتائم الرخيصة والتنابز بالألقاب، على غرار ما أصبحنا نرى ونسمع في ما يسمى «الوقفات الاحتجاجية»، مما يندى له الجبين.

ثانيا: حصر النضالات في شعار «ارحل»
إن اختزال نضالات الشغيلة التعليمية في مطلب واحد ووحيد هو رحيل النائب الإقليمي يجسّد تعبيرا صارخا على وعي بائس شقي يرى الشجرة ويعمى عن رؤية الغابة.. يحمي الفساد الحقيقي وهو يدّعي محاربته، حين يغضّ الطرف عن الكثير من الاختلالات التي يتخبط فيها النظام التربوي برمته، على الصعيدين الوطني والمحلي، فهناك أموال تـُهدَر ولا يُرى لها أثر على أرض الواقع، وثانويات وإعداديات ومدارس وأقسام رُصِدت لها اعتمادات ضخمة وكان من المفروض أن تفتح أبوابَها من سنين لكنها بقيت حبيسة في الأضابير وأدراج المكاتب المقفلة، في الوقت الذي تكتظ الأقسام بالعشرات من أبناء الطبقات المسحوقة والمُهمـّشة، في مؤسسات تربوية تنعدم فيها أبسط الشروط، ناهيك عن سوء تدبير وتوزيع الموارد البشرية بين الأقاليم والنيابات والمناطق، إضافة إلى مشاكل أخرى مزمنة أصبحت حديث الخاصة والعامة لا يتسع المجال هنا لعدها... إن النائب الإقليمي ما هو، في نهاية المطافن سوى موظف تم تكليفه بتدبير الشأن التربوي في إقليم شاسع المساحة، صعب التضاريس، قاسي المناخ، ضمن إكراهات وشروط بالغة الصعوبة، دون توفير الحد الأدنى من مستلزمات العمل الأساسية، سواء تعلق الأمر بالبنيات التحتية أو بالآليات اللوجيستيكية أو الموارد البشرية التي يفتقر النزر اليسير المتوفر منها إلى الخبرة والتجربة الإدارية الكفيلتين بتسيير مرفق عمومي بهذه الأهمية الاستراتيجية. ولولا التضحيات الجسام للأغلبية الصامتة من المخلصين والمخلصات من نساء ورجال التعليم الصامدين المناضليين الحقيقيين المرابطين في أقسامهم ومع تلاميذهم، رغم كل الإكراهات والصعوبات، ولولا المجهودات الجبارة التي يبذلها جنود الخفاء من أطر التربية والتكوين، في صمت ونكران للذات، لوقعت الكارثة التي لا مردّ لها، ورغم كل ما يقال، فإن الكثير من المؤشرات المرصودة القابلة للقياس والمعاينة على أرض الواقع بالإقليم الفتي تفنذ الكثير من مزاعم سوء التدبير.
ثالثا: مقاطعة الحوار
إن مقاطعة الحوار ورفض دعوات النيابة الجلوس إلى طاولة التفاوض تـنَكـّر للدور الأساسي للنقابة كقوة تفاوضية اقتراحية، يُفترَض فيها التواجد اليومي الفعلي في كل المحطات التي تهُمّ الشغيلة التعليمية للدفاع عن حقوقها وصون مكتسباتها ومراقبة وفضح كل التجاوزات، أيا كان مصدرها، وهذا الرفض غير المبرر للحوار إفراغ للعمل النقابي من محتواه، بتحويله إلى معارضة من أجل المعارضة ورفض من أجل الرفض..
رابعا: الانشقاقات

إن الانشقاقات الأفقية والعمودية التي تعرفها النقابات الثلاث المكونة لما يسمى التنسيقية، والتي انكشفت بوضوح بمناسبة تأسيس الفرع الإقليمي لمؤسسة الأعمال الاجتماعية التي دعت -»التنسيقية»- إلى مقاطعتها وسخّرت كل طاقتها لذلك، لكن الجميع لاحظوا -بمن فيهم عضوا المكتب الوطني لجمعية الأعمال الاجتماعية- المشرفان على عملية التأسيس وأعضاء من مكتب فرع خنيفرة، أن المقاطعة لم تلق أي مساندة من أطر التربية والتدريس، بل إن القاعة كانت غاصة بما يقارب 100 منتدب ومنتدبة، منتخبين من أغلب المؤسسات دون تسجيل أي طعن أو خرق لدى مكتب الأعمال الاجتماعية. وقد أصرّ هؤلاء المنتدبون جميعا على تأسيس المكتب، غير ملتفتين إلى أقلية من نقابيي التنسيقية، تعد على رؤوس الأصابع، لم تذخر جهدا في الصراخ من خارج القاعة بمكبرات الصوت، دون جدوى.. والأدهى والأمر من ذلك كله تواجد مسؤولين في المكاتب النقابية الثلاثة داخل القاعة وضمن المندوبين، ومنهم من رشح نفسه لتحمل المسؤولية في مكتب الفرع، ضاربين بعرض الحائط بيان المقاطعة الذي قرره زملاؤهم دون استشارتهم!.. لقد آن الأوان ليتحمّل كل الشرفاء والأطراف المعنية مسؤوليتها، لرد الاعتبار إلى العمل النقابي الجاد، الذي تربّيْـنا بين أحضانه، واستفدنا جميعا من مكتسباته، وكان مدافعا قويا عن المكتسبات الأساسية لأبناء الشعب المغربي وعن حقهم الإنساني في التمدرس والحياة الكريمة، وعلى النقابات التعليمية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية الكاملة في وقف هذا العبث وتبدأ من الداخل بتنظيف
بيوتها، لأن من كان بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر!..

مديرثانوية الشهداء الاعدادية -ميديلت

  • المساء التربوي





    رد مع اقتباس