عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-06, 21:34 رقم المشاركة : 1
العبدي
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







العبدي غير متواجد حالياً


افتراضي نموذج قراءة أسلوبية لنص"قصيدة حب إلى مطرح " لسيف الرحبي


نموذج قراءة أسلوبية لنص"قصيدة حب إلى مطرح " لسيف الرحبي


إعداد : عبدالرحيم عبدالله مستاكو
مشرف لغة عربية \ صلالة - سلطنة عمان
خطوات منهجية :
1\ القراءة السياقية ( المعرفة والفهم )
- المستوى المعرفي : الإطار الخارجي والفني للنص .( حول الشاعر – المرحلة التاريخية الشعرية التي
ينتمي إليها النص – نوع النص – موضوع النص )
- مستوى الفهم : قراءة في عنوان النص – تحديد الوحدات الدلالية للنص – وضع الفرضيات الممكنة حول النص من خلال مؤشرات يوفرها النص أو من خلال مؤشرات معرفية يمتلكها القارئ
2\ القراءة الاستنطاقية ( التحليل )
- الجانب الصوتي : المستوى الخارجي : الوزن , المستوى الداخلي : الإيقاع
الجانب المعجمي : رصد الحقول الدلالية الواردة في النص مع ضبط طبيعة العلاقة بينها وتحديد الحقل المهيمن
- الجانب التركيبي : تتبع المستوى الجملي للنص وتحديد العنصر المهيمن ( الجانب الاسمي أو الفعلي ) رصد الأفعال الموجودة في النص مع تعيين الصيغة المهيمنة – مدى التنويع في أساليب وضمائر الخطاب – تحديد بعض الخروقات اللغوية إن وجدت ( كالتقديم والتأخير والحذف ) .
- الجانب الدلالي : ضبط طبيعة العلاقة بين الوحدات الدلالية الواردة في النص, و تتبع الصور
الفنية والجمالية التي وظفها الشاعر وإبراز قيمتها من حيث التنوع والمرجعية والوظيفة .
3\ القراءة التأويلية : ( التركيب والتقويم )
- التركيب : إعادة إنتاج النص وفق رؤية يقترحها القارئ تراعي العناصر والنتائج التي توصل إليها
في التحليل.
- التقويم : الـتأكد من مصداقية الفرضيات التي طرحت في مرحلة الفهم .وتقديم وجهة نظر خاصة
حول النص .


"قصيدة حب إلى مطرح " لسيف الرحبي

حاول أن يعصر عظامه في قصيدةٍ
حاول أن- يدفع لياليه الموحشة إلى المقصلة.
لايمكنه النوم لا يمكنه الكتابة
لا يمكنه اليقظة.
أشباحه تتقدّم إلى الغرفة
وتتمدد على السريرٍ.
صقور ترعى في عينيه بمسرةٍ
قرية بكاملها ترتجف في أحشائه
وجد نفسه جنديا في حروب لا علاقة له بها
وجد نفسه مايسترو لجيش من المتسكعين.
وربما لم يجد شيئاً، عدا رماد أيامه
المقبلة.
وحين أيقن أنلا فائدة حمل بندقيته
وبرصاصةٍ واحدة ٍ سقط الفضاء
صريعا في الغابة.
حين تمددت لأول مرة على شاطئك
الذي يشبه قلبا، نبضاته منارات
ترعى قطعانَها في جبالك الممتدة
عبر البحر.
أطلقُ بين مقلتيك منجنيق طفولتي
وأصطاد نورساً تائها في زعيق
السُفن.
نجومك أميرات الفراغ
وفي ليل عُريك الغريب تضيئين
الشموع لضحاياك كي تنيري
طريقهم للهاوية.
أبعثرطيورك البحرية لأظل
وحيداً. أصغي إلى
طفولة نبضك المنبثق من
ضفاف مجهولة،
تمزق عواصفها أشرعة
المراكب .
كم من القراصنة سفحوا أمجادهم
على شواطئك
المكتظة بنزيف الغربان.
كم من التجار والغزاة
عبروك فيالحلم.
كم من الأطفال منحوك جنونهم
مثل ليلة بهيجةٍ
لعيد ميلاد غامض.
القرويون أتوك من قراهم،
حاملين معهم صيفاً من الذكريات.
مطرح الأعياد القزحيّة البسيطة
والأمنيات المخمرة في الجرار،
الدنيا ذهبت بنا بعيداً
وأنت ما زلت تتسلقين أسوارك القديمة.
وما بين الطاحونة و (المثعابْ )
يتقيأ الحطابون صباحات كاملة،
صباحات يطويها النسيانُ سريعاً
هذه القلاع بقيت هكذا تحاورُ
أشباحاً في مخيّلة طفل، حيث
بناتُ آوى يتجولْن جريحاتٍ
بين ظلالها كموت مُحتمل
وحيث كنا نرى عبر مسافة قصيرةٍ
ثعباناًيخْتن جبلا في مغارة
لم أنسك بعد كل رحلاتي اللعينة
لم أنس صياديك وبرصاك النائمينبين الأشجار.

حين تمددت لأول مرةٍ
كان البحر يشبه أيقونةً
في كف عفريت
لأنه كان بحرا حقيقياً يسرح زبده
في هضاب نساء يحلُمن بالرحيل
حين تمددتُ لأول مرةٍ
لم أكن أعرف شيئاً عدا
ارتجافة عصفورٍ
في خصرك
الصغير .
ليلة أخرى
سأنام وأترك كل شيء للريح
النابحةأمام بابي
سأترك القلم والسجائر والمنفضة
الملأى بفيالق المغول وهم
يغتصبون السبايا في
مدن الذاكرة.
سأنام وأترك كل شيء للريح
والمطرالراعدُ وهو يقْرعُ نافذتي
طوال الليل ويتسلل إلى نومي
مثل كابوسٍ هائجٍ أورحمةٍ إلهيةٍ.







( 1) القراءة السياقية للنص

* المستوى المعرفي :
( حول الشاعر ):
هو سيف بن محمد الرحبي شاعر عماني معاصر ولد سنة 1956 م في قرية سرور بولاية سمائل التابعة للمنطقة الداخلية بسلطنة عمان، حيث درس في القاهرة وتنقل راحلا بين أكثر من بلد عربي وأوروبي ، ترجمت بعض أعماله إلى لغات عالمية كالإنجليزية والفرنسية وغيرها . و يعتبر الشاعر أحد رواد الشعر العربي العماني الحداثي ، الذي تبنى مسارا شعريا متطورا تجاوز فيه المفهوم التقليدي للشعر المتمركز أساسا حول الشكل ( الوزن والقافية ), وأتاح للتجربة الشعرية العمانية فرصة البروز في مجال قصيدة النثر بشكل واسع .
وقد أصدر الشاعر سيف الرحبي عددا من المجموعات وهي ( نورسة الجنون 1980 \ الجبل الأخضر 1981 ، أجراس القطيعة 1984 ،رأس المسافر 1986، مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور 1988، رجل من الربع الخالي 1994 ، جبال 1996 ، معجم الجيم 1996 ، يد في آخر العالم 1998) ، وكل نصوصها تنتمي إلى النموذج الشعري المعاصر (قصيدة النثر) ، ويرأس سيف الرحبي منذ سنة 1995 م تحرير مجلة ( نزوى ) الثقافية التي تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر و الإعلان بمسقط .

( حول النص ) :
1- مصدر النص : تعتبر" قصيدة حب إلى مطرح " من بين الثماني والعشرين قصيدة التي تضمنها ديوان رأس المسافر وهو ديوانه الرابع , صدر عن دار توبقال المغربية سنة 1986 . ويعد هذا الديوان عملا إبداعيا متميزا في تجربة سيف الشعرية, حيث تبلورت فيه رؤى شعرية حداثية على مستوى الشكل والمضمون ,وأصبحت علامة بارزة في الشعر الحداثي العماني المعاصر. و تمحورت قصائد هذا الديوان حول بنيتين أساسيتين هما : السفر والترحال مما يدل على إخلاص الشعر لمرحلة تاريخية من حياته تميزت بكثر الأسفار والترحال بين عدة مدن عربية وغربية مجسدا بذلك قول المتنبي "على قلق كأن الريح تحتي " .
2- نوع النص : يندرج النص فنيا في قصيدة النثر التي تعد استجابة للتحولات الفنية والشكلية التي طرأت على الشعر العربي في هذا العصر، وتعتبر قصيدة " حب على مطرح " خير تمثيل لما آلت إليه قصيدة النثر وفق نموذجها القادر على التأثير في المتلقي وإغناء تطلعاته إلى الجمال الشعري .
3- موضوع النص : يندرج النص من حيث الموضوع في شعر المكان ،حيث أن ذات الشاعر تكشف من خلال عنوان القصيدة عن الغاية المكانية ( مطرح )التي تصل إليها الرسالة الشعورية , ومعروف أن الشعر في جوهره يلغي أو (يقرب) المسافات ، بل يوحد بين الأشياء ويخلق لها مكانا (شعريا) عن طريق الخيال. وشاعرنا عاش فترة من حياته في هجرة ورحيل دائمين, شكلت خلالها عمان المكان \ الأصل فضاء مكانياً لنصوص عديدة في تجربته الشعرية، بل إنها احتلت المرتبة الأولى مكانياً من حيث الاستدعاء.


* مستوى الفهم :

- قراءة في عنوان النص : " قصيدة حب إلى مطرح "

1\ على مستوى البنية : جاء العنوان في صيغة جملة اسمية استكملت عنصريها الرئيسين (المبتدأ و الخبر ), مع الحرص على تخصيص المبتدأ " قصيدة " عن طريق الإضافة المعنوية بلفظة " حب ", والحرص على أن يكون الخبر شبه جملة من حرف جر يفيد انتهاء الغاية المكانية , واسم مجرور يفيد المكان , والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف يقدر من سياق الكلام ( أكتبها ,أبعثها.....) .
2\ على مستوى الدلالة : تتوزع العناصر المشكلة للعنوان وفق نموذج تواصلي , يكشف على مدى حرص الشاعر لتعميق هذا النموذج وجعل القصيدة برمتها تتحرك في نطاقه . وتتضح معالم هذه الإرسالية كالآتي :
المرسل ـــــــــــ موضوع الرسالة ــــــــــــ المرسل إليه
الشاعر ـــــــــــ قصيدة حب ــــــــــــ إلى مطرح

وتوحي هذه الدلالة التواصلية بمدى حاجة الشاعر إلى تعميق الارتباط بالمكان الأصل على المستوى الشعوري (حب) وعن طريق الكتابة (قصيدة) .
- الوحدات الدلالية للنص :

- المقطع الأول:شتات وضياع في المجهول.
- المقطع الثاني :ارتباط طفولي بالمكان
- المقطع الثالث :مطرح في عين التاريخ .
- المقطع الرابع :تجليات المكان الأزلية .
- المقطع الخامس: الإقرار بتقبل الوضع والتسليم بما يأتي به القدر.

- بؤرة النص :
- توحد الذات بالمكان الأصل " مطرح "والإقرار بأن الارتباط الأولي الطفولي أقوى وأعمق في الذاكرة فهو مكان الألفة ، ومركز تكييف الخيال ، وعندما نبتعد عنه نظل دائما نستعيد ذكراه ( حين تمددت لأول مرة على شاطئك....)
أسئلة الافتراضات :
- كيف ينقل النصُّ الشعريُّ هذا المكان ليغدو عالما ً آخر يؤثر في المتلقي تأثيرا فكريّاً وسلوكيّاً ؟هل يصنع ُ المكانُ ضمن هذا التوصيف الشعر ؟أم أن الشعر هو خالقُ المكان ؟وهل ثمّة َ علاقة بين النصّ الشعري والمكان؟ إلى أي حد يمثل النص الاتجاه الشعري الذي ينتمي إليه ؟ هل وفق الشاعر في صياغة المكان صياغة أدبية؟
( 2 ) القراءة الاستنطاقية للنص

*مستوى التحليل

1\ المستوى الصوتي :
المتتبع للبناء النظمي للقصيدة لا يجد بناء وزنيا ,يعكس المظهر الصوتي الخارجي للقصيدة ,ويمثل ذلك وفاء فنيا لنموذج قصيدة النثر التي قدمت رؤية جديدة على مستوى جمالية اللغة الشعرية , تركز فيه على(الأثر) الذي تخلقه القصيدة وتتركه في تلقي قارئها ,والذي يتحقق بطرق عديدة ،يعتبر الإيقاع الداخلي أحدها .
ويمكننا تلمس هذا النمط الإيقاعي من خلال عنصرين هيمنا على مقاطع القصيدة بشكل واضح وهما التوازي والتكرار :
أ -على مستوى الحرف: يعتبر الحرف العنصر الصوتي الأصغر في التأليف الكلامي
واختيار الشاعر لأصوات معينة , والتركيز عليها يكشف مدى الطاقة التعبيرية التي
تتضمنها الأصوات المهيمنة في النص الشعري .
وفي قصيدتنا نجد الحروف الأكثر تواترا هي :


الراء 92
الميم 80
الفاء 44
الكاف 44
الحاء 43
التاء المقبوضة 40
العين 38
القاف 36
السين 27

والملاحظ أن الشاعر زاوج بين نمطين من الحروف : فالراء والميم والعين من الحروف المجهورة بينما: الفاء والكاف والحاء والتاء المقبوضة والقاف والسين من الحروف المهموسة . والمزاوجة بين الجهر والهمس لاشك أنه يخدم موضوع القصيدة كما يخدم إيقاعها الداخلي .
- فمن حيث الموضوع فإن رسائل الحب عادة ما تكون مفعمة بالرقة والنبرات الهامسة,
كما أنها تعتبر الملاذ الوحيد الذي يجهر فيه المحب بمشاعره ومعاناته تجاه من يحب.
- ومن حيث الإيقاع الداخلي فإن تواتر هذه الحروف منح القصيدة جرسا موسيقيا يحسه القارئ أثناء قراءته للقصيدة . و غالبا ما تراهن قصيدة النثر على هذا النمط من الإيقاع أمام الوزن الخارجي المألوف في الشعر العربي, لتضمن لنفسها الثبات والاستمرارية لدى الذائقة العربية . ومن أمثلة الإيقاع الداخلي على مستوى تكرار الحروف الوارد في القصيدة نذكر ما يلي :
(أشباحه تتقدّم إلى الغرفة
وتتمدد على السريرٍ.
صقور ترعى في عينيه بمسرةٍ )
( تكرار حرف الراء ويمكننا رصد ذلك في مواطن كثيرة من النص ).
(وجد نفسه مايسترو لجيش من المتسكعين ) تكرار حرف السين .
(أطلقُ بين مقلتيك منجنيق طفولتي) تكرار القاف والميم واللام.
( لم أكن أعرف شيئاً عدا
ارتجافة عصفورٍ
في خصرك
الصغير )تكرار العين والفاء والصاد والراء .
وبخصوص حرف التاء المقبوضة فإنها ساهمت كثيرا في إبراز مسارات توقف الدفقة الشعورية في القصيدة, وتنويع تلوينات النص الدلالية , لذا كان الشاعر يتوقف عندها أحيانا في نهاية السطر أو المقطع الشعريين .
ب – على مستوى الكلمة :
وظف الشاعر عنصر التوازي في المقطع الأول كالآتي :
تكرار : (حاول أن ) مرتين و ( لايمكنه ) مرتين و ( وجد نفسه ) مرتين .
وفي المقطع الثالث : تكرار( كم من ..) ثلاث مرات .
وفي المقطع الرابع : تكرار ( لم أنس ) مرتين .
والملاحظ أن المقطع الأول حظي بمساحة واسعة لظاهرة تكرار بنيات صوتية محددة, وذلك لجعل النص منذ البداية يحقق الانسجام والتناغم الإيقاعي الذي يستطيع به إدخال المتعة في نفس المتلقي , وإظهار الجانب النفسي والانفعالي الذي تعيشه الذات الشاعرة , وقد حرص الشاعر على إبراز هذا الشحنات الشعورية من خلال التكرار في المقطعين الثالث والرابع .
ج- على مستوى العبارة :
تكررت في النص عبارتان وهما :
(حين تمددت لأول مرة ): تكرر ذكرها ثلاث مرات في النص .
(سأنام وأترك كل شيء للريح ): تكرر ذكرها مرتان في المقطع الأخير .
يكشف هذا النمط من التكرار على مبدأ الاختيار والانتقاء الذي يعتمده الشاعر , لعبارة ما وترديدها في ثنايا القصيدة ولفت انتباه القارئ إليها. فهو بذلك يسلط الضوء عليها لتصبح مركز الإشعاع في النص دلاليا وإيقاعيا. فمن خلالها يتحقق الانسجام الإيقاعي الداخلي للنص كما أنها تقوي الإحساس بوحدة النص الدلالية. وتصبح من الكلمات المفاتيح في القصيدة التي لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها عند قراءتنا للنص الشعري .وينطبق هذا القول كثيرا على العبارة (حين تمددت لأول مرة ) .أما العبارة الأخرى ((سأنام وأترك كل شيء للريح) فهي تأكيد لصلة الوصل بين نهاية القصيدة ومقدمتها . فقد بدا الشاعر في بداية القصيدة كمن يخوض معركة ضد النوم ( لايمكنه النوم ...لا يمكنه اليقظة) لكنه في نهاية الأمر يلقي بأسلحته جانبا , ويسلم نفسه للنوم تاركا مصيره للأقدار .
2\ المستوى المعجمي :
يتوزع النص عبر محورين أساسيين يشكلان مركزه وبؤرته وهما :
محور الذات ( الشاعر ) ومحور المكان ( مطرح ) , تتحدد من خلالهما الحقول الدلالية الفنية التالية :
معجم الإنسان وما يتعلق به :العظام – الأحشاء- عينيه - قلبا – نبضات – مقلتيك – كف-– النوم - اليقظة – الحلم – الجنون – الذكريات – الأمنيات – النسيان – أشباحا – مخيلة – النائمين – الذاكرة - كابوس- عيد ميلاد – الأعياد - السجائر – المنفضة - الغريب – ضحايا - القراصنة – التجار – الغزاة – الأطفال – القرويون – الحطابون – الصيادين – برصاك – النساء
معجم الكتابة : القصيدة – الكتابة - القلم .
معجم الحرب ومتعلقاتها: المقصلة - جندي – حروب – جيش – البندقية – رصاصة – نزيف- جريحات – موت – فيالق المغول – السبايا .
معجم المكان \ وما يتعلق به : الغرفة – السرير- الباب - نافذتي - القرية –منارات – السفن – المراكب – أشرعة – الجرار – مطرح -أسوارك – الطاحونة – المثعاب – القلاع – مغارة – مدن .
الكائن الحي غير العاقل :صقور – نورس- طيورك – الغربان – بنات آوى – ثعبان – عصفور.
معجم الطبيعة :الليل- الفضاء – نجوم – عواصف – الصيف – صباحات – الريح – المطر الراعد - الجبال – البحر- ضفاف – هضاب -الأشجار-
الغابة – الشاطئ .
لقد ساهمت هذه المعاجم الفنية في رسم الأجواء الدلالية التي كان الشاعر يمتح منها معاني رسالة الحب إلى المكان (مطرح ) الذي يحمله معه أينما حل وارتحل . وتميزت هذه المعاجم المتداولة في النص بالتنوع والكثافة الدلالية , فعكست احتياجات الذات الشاعرة الحالية , ومعطيات المكان الخالدة , التي لازالت الذاكرة تتغذى على صنوفها المختلفة .
وبالنظر إلى العلاقة بين هذه المعاجم الفنية , نجدها علاقة تلازم . فالمكان هو فضاء للإنسان وغيره من الكائنات الأخرى الحية والجامدة , والكتابة ممارسة إنسانية لتأكيد الحضور, والحرب وجه من أوجه الصراع لضمان القوة والغلبة . ولقد حافظت ذات الشاعر على البعد المنطقي لتجاور هذه الدلالات , لتشكل منها بنية عميقة للنص وهي : الذات الشاعرة أحست بأنها تعيش أزمة مكان , وبدت كمن يخوض حربا لا تعرف عواقبها , فلجأت إلى الكتابة للتخفيف من عبء الأزمة, والإقرار بأن الارتباط بالمكان الأصل هو المخرج من ذلك .
ونستطيع القول بأن المعجم الفني الدال على الإنسان وما يتعلق به , هـــــو العنصر المهيمن في النص , كما أنه غطى جوانب مختلفة تتعلق بالوجـــود الإنساني من الناحية السيكولوجية والنفسية والاجتماعية والحياتية بشكل عام. وهذا يعكس حاجة الذات الشاعرة إلى الإحساس بالكيان الإنسانـــــــي الذي افتقدته نتيجة ترحالها وكثرة أسفارها التي لا تستحق منها إلا اللعنة ( لم أنسك بعد كل رحلاتي اللعينة ) .
3\ المستوى التركيبي :
يتشكل البناء التركيبي للنص من نمطين من الجمل : نمط الجملة الفعلية وقيودهـــا , ونمط الجملة الاسمية وما يتعلق بها. وفيما يخص النمط الأول فإنه يكشف لنا عــــن الجانب الحدثي في النص , وعن الفضاء الزمني الذي يؤطر مستويات النص الدلالية أما النمط الثاني فإنه يعكس لنا الجانب التقريري الإخباري لما يعتقده المتكلـــــــــــم
بأنه ثابت ويقيني .ومن خلال نظرة إحصائية لهذا المستوى نجد بأن الجملة الفعلية تأخذ مساحة كبيرة في النص , فقد تكرر الفعل الماضي (20) مرة , والفعل المضارع (42) مرة بينما الفعل الأمر لم يرد ذكره في النص .في حين الجملة الاسمية وردت (17) مرة فقط .وفيما يخص الجانب الاسمي بشكل عام فقد تكرر ورود الاسم المعرفة (106) مرة , بينما الاسم النكرة تكرر ذكره (39) مرة .
وعلى ضوء ذلك نستطيع القول بأن مقام النص يأخذ طابعا تعريفيا تعيينيا حيث تجليات الموقف الشعوري حول المكان الأصل معروفة وليست مجهولة فهي لم تتغير رغم بعد الشاعر عنه , ولهذا كانت حاجة الشاعر إلى الاسم المعرف .
كما أن المقام يوحي بوصف معاناة الذات والتعريف بها والتركيز على الجانب الحدثي الذي ولد هذه المعاناة , وهذ ما يبرر ورود الجملة الفعلية التي هيمنت في النص هيمنة تامة ,للدلالة على عدم ثبوت واستقرار حالة الشاعر. وباستقرائنا لحركية النص نجد الفعل المضارع يأخذ حيزا أوفر من اهتمام الشاعر, وذلك تأكيدا لزمن الحضور الفعلي الذي لن يتحقق إلا بالتحام الذات بالمكان الأصل. فالفعل المضارع يجسد حركة التطلع إلى واقع جديد قد يتغير رغم تناقضاته ,فمن خلاله تعيش الذات الشاعرة حالة من الانعتاق من الغياب ومن سكون الأمكنة التي لم توفر للشاعر سوى الوحشة والأرق والاضطراب , انعتاق من حاضر مسكـــــون بالغياب , نحو ماض طفولي (حين تمددت لأول مرة على شاطئك )حيث المكــــان الأصل يظهر شامخا شاهدا على نفسه بالاستقرار والصمود والاستمراريـــــــــة والحضور . وقد دلت على ذلك صيغ الفعل الماضي التي تجاورت مع الفعـــــــــل المضارع في بناء الجملة الفعلية (حاول أن يعصر ..) (حاول أن يدفع ...) (حين تمددت لأول مرة على شاطئكالذي يشبه قلبا ..) (كان البحر يشبه ...) (وحيث كنا نرى عبر مسافة قصيرةٍ ).فالإشارات الزمنية الخاصة بالحاضر , رغم كثرتها في النص فإنها لا تلغي الماضي بل تتداخل معه , وأحيانا نجدها تستغرق في الماضي (لم أنسك بعد كل رحلاتي اللعينة ) (لم أنس صياديك ..)(لم أكن أعرف شيئاً) لتؤكد على منطق التجاوب والتصالح بين الذات الشاعرة وبين المرسل إليه المخصوص برسالة الحب . ويمكننا القول بأن خلو النص من صيغة فعل الأمر يبرره عدم حاجة الشاعر إلى أسلوب الطلب , الذي لا توجد المبررات الشعورية لوروده , طالما أن الشاعر أصبح على يقين تام بأن الارتباط بالمكان الأصل أصبح مطلبا ذاتيا أساسيا , والحصول عليه رهين بمبادرة الذات المتكلمة .
ومن الإشارات التركيبية البارزة في النص , خاصية التقديم والتأخير , وهي تقنية تظهر بوضوح كبير في قصيدة النثر لأنها تمنح اللغة سطوعها الشعري عن طريق خرق البنية التركيبية , وتوليد طاقات تعبيرية تنسجم مع ما يتيحه النص من دلالات .
والعناصر التي شملها التقديم والتأخير هي : الفاعل والمفعول به والجار والمجرور, ومن أمثلة ذلك :
- (صقور ترعى في عينيه بمسرةٍ).
- (صباحات يطويها النسيانُ سريعاً).
- (وفي ليل عُريك الغريب تضيئين الشموع لضحاياك ).
ولقد وظف الشاعر نموذج تقديم الفاعل على الفعل بكثرة في النص , ليعكس موقفا انفعاليا يؤكد فيه على ضرورة الاهتمام بصانع الحدث , خاصة وأن حاجة الشاعر إلى من يصنع الحدث أصبحت أمرا ملحا , في ظل حاضر اتسم بعدم الاستقرار وكثرة الأسئلة المقلقة .ومن حيث الأسلوب التركيبي فإن الجملة حافظت على نمطها الخبري , ولم يعتمد الشاعر التنويع في الأسلوب وتفعيل خاصية التنغيم كوسيلة لإثراء مجريات النص, بل اعتمد على شعرية اللغة وأدواتها في بناء حركة النص . ومرد هيمنة الأسلوب الخبري تعود إلى أن مقصدية الخطاب هي البوح إلى المرسل إليه بالموقف الشعوري الذي عاشه الشاعر , عندما أصبح تحت سيطرة الذاكرة: (أطلقُ بين مقلتيك منجنيق طفولتي( (تحاورُأشباحاً في مخيّلة طفل) (وهم يغتصبون السبايا في مدن الذاكرة ).
وعلى مستوى بنية الضمير نجد ثلاث أنواع من الضمائر تحيل على مرجعية الخطاب داخل النص , وتعمل على تحقيق الربط بين مستوياته الدلالية وهي : ضمير الغائب وضمير المتكلم وضمير المخاطبة . والملاحظ أن المقطع الأول الذي يعتبر مقدمة النص اعتمد فيه الشاعر على ضمير الغائب فقط , مما يوحي بقيمة سردية تجلت معالمها في المضمون المحكي , وفي الكيفية التي أدار بها الشاعر العملية السردية من خلال تكرار الفعل الماضي : (حاول ) و (وجد نفسه ),ومن خلال مؤشرات لفظية توحي بذلك (ربما لم يجد شيئا..) (حين أيقن....) . وقد ورد ضمير الغائب في هذا المقطع للتأكيد على أن زمن إنتاج النص , يجسد لحظة الغياب التي عاشها الشاعر بعيدا عن المكان الأصل حيث العزلة والوحدة و الرتابة والصمت .وعندما نتجاوز المقطـــــع الأول نجد ضميري المتكلم والمخاطبة يوجهان مستوى الخطاب إلى نهاية النص , ويحافظان على المنطق السردي الذي اعتمدته الذات الشاعرة خيارا فنيا, لاستجلاء عظمة المكان الأصل وقيمته الشعورية التي كسرت قيود الصمت , وأضفت شيئا من الحركية والحضور على الذات .

(يتبع )





آخر تعديل العبدي يوم 2012-03-06 في 21:37.
    رد مع اقتباس